الانقسامات لا تصب في مصلحة تونس

تتقدّم الأمور في تونس بشكل جيّد على المستوى الأمني والسياسي، رغم أنّ الأوضاع الاقتصادية تضرّرت جراء الاضطرابات. ورغم مرور أربعة أيام من سقوط نظام بن علي، إلا أنّ جهود قوات الأمن والجيش والمواطنين نجحت في استرجاع الأمن والثقة

الانقسامات لا تصب في مصلحة تونس

 
 

تتقدّم الأمور في تونس بشكل جيّد على المستوى الأمني والسياسي، رغم أنّ الأوضاع الاقتصادية تضرّرت جراء الاضطرابات التي وقعت إثر خلع الرئيس السابق بن علي.

 

ورغم مرور أربعة أيام من سقوط نظام بن علي وانتشار مجموعات مسلحة قيل إنها تعمل تحت مدير الأمن الرئاسي السابق علي السرياطي، إلا أنّ جهود قوات الأمن والجيش والمواطنين نجحت في استرجاع الأمن والثقة.

 

لكن ما يلفت الانتباه هو الانفعال الشديد والانقسامات التي تطلقها بعض الحساسيات من هنا وهناك إزاء تشكيل حكومة منعوتة بوصفها على أنها انتقالية لا غير.

 

وبعدما تمّ الإعلان عن تشكيلة الحكومة الائتلافية –أمس- قوبلت هذه الأخيرة بانتقادات بدعوى أن أغلب الوزراء ينتمون إلى التجمع وأنّ هناك مؤامرة على الثورة لاستعادة زمام الحكم من التجمعيين.

 

وكان الوزير الأول محمد الغنوشي أعلن -الاثنين- عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تضمّ 24 عضوا بينهم ثلاثة من قادة المعارضة المعترف بها وثمانية وزراء من الحكومة السابقة وممثلون عن المجتمع المدني.

 

لكن ما يجب الانتباه إليه هو أنّ توجيه انتقادات للحكومة المؤقتة قبل أن تبدأ عملها لا يصب في مصلحة البلاد. فكلما اتسع الفراغ السياسي إلا وتأخرت عودة المؤسسات العمومية والخاصة إلى سالف نشاطها، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى غياب مؤسسات الدولة وستعمّ الفوضى أكثر.

 

إنّ توجيه شتى الانتقادات إلى الحكومة المؤقتة على أنها ستعمل على تطبيق أجندا حزب التجمع يبدو متسرعا جدا في هذا الوقت الخطير الذي تمرّ به البلاد.

 

فهناك العديد من الوزراء الذين ينتمون إلى التجمع، لكنهم من أصحاب الكفاءات ولديهم دراية بالملفات التي بين أيديهم، رغم بعض التحفظات على قلة من الوزراء.

 

فعفيف شلبي بقي على رأس وزارة الصناعة ورضا شلغوم بقي على رأس وزارة المالية والنوري الجويني بقي على رأس وزارة التعاون الدولي. هؤلاء لديهم دراية أكثر من غيرهم بالقطاعات التي يشرفون عليها.

 

أمّا بالنسبة إلى وزير الداخلية أحمد فريعة -الذي اتهمه الكثير بمحاربة المتظاهرين لقمع الاحتجاجات بعدما وقع تعيينه بدلا من وزير الداخلية السابق رفيق بالحاج قاسم- فهو أيضا مشترك في اللعبة مع محمد الغنوشي من أجل استعادة الأمن في تونس.

 

على الجميع التريث حتى الإعلان عن تشكيلة لجنة الإصلاحات السياسية التي يرأسها حاليا المفكر عياض بن عاشور، والذي سيدير عملية تنقيح الدستور والمجلة الانتخابية وإصلاح القوانين المنظمة للحياة العامة، من أجل تهيئة المناخ السياسي والحقوقي قبل الانتخابات المقبلة.

 

على الجميع قراءة خطاب وزير الداخلية بتعمق، لأنه يحمل في طياته الكثير من النوايا الحسنة لاسترجاع الأمن، لأنه دون أمن لا يمكن أن ننتقل من حقبة توسع فيها الظلم والفساد إلى مرحلة أخرى لم نعشها من قبل.

 

لقد أعلن محمد الغنوشي في تصريح لإذاعة أوروبا الأولى –اليوم- إن وزراء نظام الرئيس المخلوع بن علي الذين تمّ الاحتفاظ بهم في حكومة الوحدة "أيديهم نظيفة" وتصرفوا على الدوام "حفاظا على المصلحة الوطنية".

 

وقال "إنهم احتفظوا بحقائبهم لأننا بحاجة اليهم في هذه المرحلة" من بناء الديموقراطية حيث يتمّ الاعداد لانتخابات في غضون ستة أشهر، مشددا على "الرهان الأمني الكبير" في هذه المرحلة الانتقالية.

 

الشعب التونسي ناضل من أجل كسب الحرية وسيناضل دوما للحؤول دون تلاعب أي طرف كان بمكاسب "ثورة الياسمين". فقط علينا التريث ومتابعة الأحداث بكل هدوء لنفتح صفحة جديدة عنوانها المصالحة والمصلحة الوطنية.

 

فلا تخشوا على تونس من التجمعيين ولا من غيرهم. فقط علينا أن نعطي الفرصة -عن حسن نية وليس عن غباء- للحكومة الوطنية من أجل إنقاذ تونس من الأزمة.

 

خميس بن بريك

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.