التاريخ وحده يخلد حراك الشعب التونسي

في خضم تواتر الأحداث السياسية في بلادنا وفي البلدان المجاورة التي لم يعتدها الشعب التونسي من قبل ومن خلال اندلاع ثورة الحرية والكرامة عاش الشعب التونسي و يعيش أجواء من التوتر أثرت سلبا على مختلف الميادين والمجالات التي لم تمنعه من الوقوف إلى جانب الأشقاء و الأصدقاء…



التاريخ وحده يخلد حراك الشعب التونسي

 

في خضم تواتر الأحداث السياسية في بلادنا وفي البلدان المجاورة التي لم يعتدها الشعب التونسي من قبل ومن خلال اندلاع ثورة الحرية والكرامة عاش الشعب التونسي و يعيش أجواء من التوتر أثرت سلبا على مختلف الميادين والمجالات التي لم تمنعه من الوقوف إلى جانب الأشقاء و الأصدقاء.

وفي ظل تنوع المشهد السياسي التونسي من خلال تنوع وكثرة الأحزاب السياسية جعلت من الشعب التونسي يفهم ويناقش و يتحدث بكل حرية عن آراءه السياسية إذ به يدعم حزب معين و يخالف آخر وينشغل في الأحداث السياسية التي تفاجئنا في كل يوم بالجديد.

و للحرية و الكرامة والديمقراطية ثمن باهظ و جل شعوب العالم التي تتمتع بهذه المكاسب خاضت هذه المرحلة الانتقالية الحساسة لكن الشعب التونسي يخوضها اليوم بمشهد يكسوه نوع من الخصوصية في ظل الأوضاع الداخلية للبلاد المشحونة بالتوتر من خلال ضبابية الوضع السياسي.

فالاقتصاد التونسي  يعيش معدل نمو ضعيف يتراوح بين 1 و2 في المائة حيث لا تمكن هذه النسبة من النمو أن تقدم إجابة واضحة لحاجات الاقتصاد التونسي الآنية لا سيما على مستوى سوق العمل ومكافحة البطالة .


كما هو حال المؤشرات الاقتصادية المتسمة حاليا في تونس بعدم وضوح الرؤية وغياب الثقة وحالة الترقب التي تساهم في تراجع الاستهلاك الداخلي والاستثمار الذي يعتبر من أهم العناصر الدافعة للنمو إضافة إلى تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر .


ويذكر كذلك أن  قطاع السياحة في تونس تضرر بشكل كبير خلال الاحتجاجات الشعبية وهو ما أدى إلى فقد الكثير من الموظفين لعملهم في القطاع الحيوي حيث تراجع النشاط السياحي في تونس خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 43% ، مقارنة بنفس الفترة الزمنية عام 2010 . 

إلي جانب ذلك تشهد البلاد في ظل الاحتجاجات والمظاهرات حالات من النهب والسرقة والفساد وتخريب للمنشات و موجة كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين وغيرها من الأحداث  السلبية التي تسعى الحكومة المؤقتة لتصدى لها في حين تواجه هذه الأخيرة موجة من الانتقادات الكثيرة.

وفي ظل هذا الكم الهائل من المشاكل التي لا تحصى ولا تعد ترى الشعب التونسي يقف وقفة الأشقاء والأصدقاء لا مثيل لها إلى جانب الشعب الليبي الذي يخوض معركته لأجل الحرية ففي الجنوب التونسي و بالتحديد في المناطق الحدودية مع ليبيا ترى شباب تونس مجند لخدمة اللاجئين.

كما استقبل الجنوب التونسي العديد من العائلات الليبية وعشرات الآلاف من اللاجئين من مختلف الجنسيات الذين فروا من المعارك الضارية غرب ليبيا.


كما ا ن أخر الإحصائيات تقول إن حوالي خمسين ألف ليبي لجئوا إلى جنوب تونس وبالتحديد إلى ولاية تطاوين التي تبعد 130 كلم عن مركز الذهيبة الحدودي التونسي مع ليبيا.

كما أقيمت العديد من المخيمات على بعد بضعة كيلومترات من الحدود و في رمادة كما يجري إعداد مخيم جديد يتسع لألف شخص في تطاوين .

و يقيم هؤلاء اللاجئون إلى جانب المخيمات لدى عائلات تونسية في جنوب البلاد  وفي دور الشباب ويعمل العديد من المتطوعين  على إعداد الطعام لهم و السهر على العناية بهم.

و يذكر ان بعض التونسيون فتحوا في منازل مجاورة للحدود الليبية مستودعات تحتوي على الحاجيات الضرورية للاجئين ليتمكنوا من الحصول على الزيت والعجين أو حتى حفاضات الرضع .

وليست الحدود التونسية الليبية وحدها التي تشهد هذا المد التضامني الكبير إنما كذلك نجد بالعاصمة و بمختلف الولايات الساحلية و الداخلية نقاط لجمع التبرعات لفائدة الشعب الليبي الشقيق و هذه التبرعات تتمثل في أغطية و مواد غذائية و حفاضات للرضع و كل ما يحتاجه اللاجئ في هذا الوقت العصيب.

كما يذكر أن تونس قدمت قافلة من المساعدات إلى منكوبي المد البحري في مدينة "ايشينوماكي" اليابانية تمثلت في مواد غذائية و ملابس و حاجيات ضرورية أخرى بالإضافة الى مبلغ مالي و خدمات طبية في الوقت الذي تعيش فيه تونس كذلك إعادة بناء للوطن من جديد حيث جاءت هذه الوقفة الإنسانية  للفت انتباه الجميع وفي جل أنحاء العالم .

كما تم مؤخرا إدماج أطفال ليبيين في المدارس الابتدائية والإعدادية في تونس حيث تم تمكينهم من مستلزمات الدراسة الضرورية كالأدوات والكتب المدرسية كما لقي هذا المجهود دعما كبيرا من قبل التلاميذ حيث كانوا حريصين على مساعدة زملائهم الليبيين.

 

رحمة الشارني

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.