تونس: أيّ مستقبل للأحزاب السياسية بعد انتخابات المجلس التأسيسي؟

بلغ عدد الأحزاب السياسية في تونس التي تحصّلت على التأشيرة القانونية 81 حزبا ويرى المتابعون للشأن السياسي والوطني أن هذا العدد مرشح للارتفاع، وبقدر ما يعتبر هذا العدد ظاهرة صحية تنمّ عن الرغبة في التنظّم والتحزّب إلى حدّ تشبيه الظاهرة بالانفلات الحزبي، فإنّ هذا الكم الكبير من الأحزاب أصبح يطرح أكثر من سؤال وتساؤل خاصّة من …



تونس: أيّ مستقبل للأحزاب السياسية بعد انتخابات المجلس التأسيسي؟

 

بلغ عدد الأحزاب السياسية في تونس التي تحصّلت على التأشيرة القانونية 81 حزبا ويرى المتابعون للشأن السياسي والوطني أن هذا العدد مرشح للارتفاع، وبقدر ما يعتبر هذا العدد ظاهرة صحية تنمّ عن الرغبة في التنظّم والتحزّب إلى حدّ تشبيه الظاهرة بالانفلات الحزبي، فإنّ هذا الكم الكبير من الأحزاب أصبح يطرح أكثر من سؤال وتساؤل خاصّة من قبل المواطنين حول الجدوى من الحرص على تكوين الأحزاب وعن الإضافة التي سيقدمونها للمجموعة الوطنية وطرح البدائل والحلول بشأن أُمّهات القضايا الوطنية وفي مقدمتها التشغيل والمنوال التنموي والمساهمة الملموسة في الانتقال الديمقراطي.

 

لئن شهدت تونس بعد الثورة انفتاحا سياسيا واسع النطاق وتم إطلاق العنان لظاهرة التحزّب والانخراط في الأحزاب السياسية، فإن هذه الأخيرة أضحت محل جدل سياسي واسع النطاق من السياسيين وعلماء الاجتماع وخاصة من طرف الناس حول فاعليتها وتموقعها في الخارطة السياسية الجديدة لتونس بعد 14 جانفي.

 

ومن الانعكاسات المباشرة لهذا الانفلات الحزبي في تونس حصول اللخبطة لدى المواطنين على مستوى التعرف إليها أو حتى حفظ إسمها باعتبار التشابه الحاصل في التسميات لا سيما وأن أغلب استبيانات الرأي التي تم انجازها أفرزت جهل التونسيين لهذه الأحزاب. إلى جانب كثرة الحديث المتداول بخصوص تمويل هذه الأحزاب ومدى صحة حصولها على التمويل الخارجي من عدمه في ظل غياب نص قانوني أو تشريع خصوصي يراقب هذه المسألة فضلا عن الانعكاسات الأخرى المتصلة بقدرة هذه الأحزاب الإقناع مرورا والتعبئة ودورها في انتخابات المجلس التأسيسي.

 

غير أنّ السؤال الذي قد نستبق ربّما الحديث بشأنه، يتمثل في مستقبل الأحزاب السياسية في تونس بعد انتخابات المجلس التأسيسي؟ إذ أن لعبة الانتخابات تتطلب حنكة سياسية كبيرة ودراية واسعة بخفايا الأمور والمسائل والكواليس وهي مقاييس يمكن اختزالها في الأحزاب الكبرى المنظمة والتي كانت تشارك باستمرار في مختلف الاستحقاقات الانتخابية في عهد المخلوع كما أن عدد المقاعد في المجلس التأسيسي تم تحديدها مؤخرا وتمت المصادقة عليه خلال جلسات عمل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وهو ما يعني أن عددا لا بأس به من هذه الأحزاب سيجد نفسه خارج المجلس بعد الانتهاء من انتخاباته .

 

وهنا تكمن المعضلة والإشكالية بتواجد عدد كبير من الأحزاب خارج المجلس وهو ما يضع مستقبلها السياسي برمته في المشهد السياسي والخارطة الجديدة في تونس على المحكّ وقابل للنقاش المستفيض من خلال غياب  أيّ حافز أو موعد سياسي على الصعيد القريب تستمدّ منها نشاطها وتحركها.

 

الأمر الثابت والمتأكد أن الأحزاب التي ستدخل المجلس التأسيسي ستواصل نضالها السياسي من أجل تحقيق الانتقال الديمقراطي ولها من المشروعية والتمثيلية للشعب التونسي للدفاع عن العديد من المسائل والملفات، أمّا الأحزاب الأخرى والأكيد أن عددها سيكون مرتفعا ستفقد من بريقها الشيء الكثير وقد تضيع في الطريق.

 

وفي نظرنا هذا الانطفاء الذي قد يحصل له العديد من المبررات ومن أبرزها أن الأحزاب الجديدة من الصعب أن يكون لها النفس الطويل والجهد لمواصلة المثابرة والنضال في ظلّ تواضع عدد المنخرطين وخاصة شحّ التمويل العمومي والخاصّ وهو عامل قد يعوقها حتما على مواصلة نشاطها بصفة طبيعية وقد يكون حضورها مناسباتيا في بعض الأحداث السياسية.

 

ما يمكن التأكيد عليه أن الأحزاب الجديدة مطروح أمامها العديد من التحديات والرهانات الجسام وفي مقدمتها إثبات وجودها بعد انتخابات المجلس التأسيسي باعتبار أن المشهد السياسي في تونس بعد هذا الاستحقاق السياسي البارز سيفرز تحولات جذرية في الخارطة السياسية في تونس ويعيد توزيع الأوراق من جديد!!!

م م

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.