هل يستوجب القيام بثورة أخرى… على العقليات والسلوكيات في تونس ؟

تدرك الثورة التونسية يوم 14 جويلية الجاري 6 أشهر منذ اندلاعها والإطاحة برموز الفساد والدخول في مسار جديد من الحرية والديمقراطية والعدالة والاجتماعية والانفتاح وكذلك التحرر من جميع القيود التي كانت تكبّل المجتمع التونسي لأكثر من 23 سنة من القهر والاستبداد…



هل يستوجب القيام بثورة أخرى… على العقليات والسلوكيات في تونس ؟

 

تدرك الثورة التونسية يوم 14 جويلية الجاري 6 أشهر منذ اندلاعها والإطاحة برموز الفساد والدخول في مسار جديد من الحرية والديمقراطية والعدالة والاجتماعية والانفتاح وكذلك التحرر من جميع القيود التي كانت تكبّل المجتمع التونسي لأكثر من 23 سنة من القهر والاستبداد.

 

وبالتوازي مع هبوب نسمات الحرية على البلاد والتي أصبحت مصدر إلهام للعديد من الدول العربية وما جعل ثورة الياسمين محل تنويه وإعجاب دوليين، فإن هذه الثورة رافقتها العديد من الظواهر السلبية المتسمة بالعديد من "الإنفلاتات" في أغلب الميادين والقطاعات وقد اعتبرها الساسة وعلماء الاجتماع أمرا طبيعيا عند حصول الثورات المماثلة.

 

ومع التقدم في الأيام والأشهر بدأ العديد من المواطنين ينتابهم شعور بالإحباط والخيبة وعدم الاستقرار النفسي والتخوف من المستقبل  جرّاء ما تعيشه البلاد من أحداث واضطرابات وعدم تسجيل  أي تحسّن في الميادين السياسية والاجتماعية وكذلك المسائل الاقتصادية من خلال تفاقم البطالة وتراجع المقدرة الشرائية والاستهلاكية لعامة الناس.

 

وساهم عدم وضوح الرؤية وضبابية الوضع العام في البلاد في تفاقم الإحساس بعدم الشعور بالاطمئنان والراحة وهو تسبّب في حالة غليان شبه مُعلنة في مختلف الأوساط والشرائح الاجتماعية التي ما انفكت تعبّر عن عدم رضاها بما وصلت إليه البلاد من تردي الأوضاع من دون تسجيل تحسّن ملحوظ في أداء الحكومة وارتفاع المطلبية الاجتماعية.

 

وممّا زاد الوضع تعقد، تغيّر العقليات والسلوكيات التي يأتيها العديد من المواطنين في الحياة اليومية من عدم مبالاة ونزعة فردية في التعامل مع بعض المسائل التي كانت بديهية على غرار التصرف العشوائي في السياقة وعدم احترام قواعد المرور  وإلقاء الفضلات في الشارع وفي غير الأماكن المخصصة مع التراجع الملحوظ في الإنتاجية إلى أدنى مستوياتها.

 

ومن المظاهر السلبية التي أتت بها الثورة والتي أثّرت بشكل ملموس على المواطن التونسي الحرية غير المسؤولة والمبالغة في التعدي على حرية الغير تحت مظلة الوضع الجديد وما حملته من ثورة خلاّقة أفرزت ممارسات غريبة عن المجتمع التونسي قد تؤدي به إلى انزلاقات خطيرة العواقب.

 

من المفروض أن ترسّخ الثورة  مبادئ جديدة وتجذّر العقلية الإيجابية لا العقلية الانتهازية من ذلك تكريس التضامن والتكافل والتآخي على غرار ما حصل في الفترة الأولى من الثورة طيلة حضر التجوال فضلا عن الانصراف إلى العمل والترفيع في نسق الإنتاجية والانكباب على معالجة الملفات العالقة من دون تشنّج أو انفعال.

 

ستة أشهر من عمر الثورة التونسية هي بالتأكيد قصيرة في عمر الثورات في تاريخ البشرية لكنها من المفروض أن تحمل معها واقع مغاير من شأنه أن يدخل بالناس في طور جديد من التعامل والسعي إلى تغيير العقليات البالية وإدخال ديناميكية إيجابية في جميع الميادين والقطاعات.

 

أغلب مكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية ومن خلالها نشاطا ركّزت في أنشطتها واجتماعاتها على الجوانب التشريعية وما ينبغي أن يكون عليه المجلس التأسيسي والتركيز على محاسبة المتورطين، غير أنها خطاباتها وبرامجها تجاهلت حتما المسائل المتصلة بضرورة تغيير العقليات والسلوكيات السلبية التي برزت بعد الثورة والانصراف إلى الكدّ والاجتهاد في بناء تونس الجديدة انطلاقا من ثوابت لا محيد عنها وفي مقدمتها التحلي بالتسامح وحب الغير وانتهاج سلوك إيجابي وعقلية تتماشى وما تتطلبه الثورة من تضحيات من شأنها أن تؤسس لواقع جديد.

 

مهدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.