تونس- نقاش ساخن بين رجال الأعمال ومحافظ البنك المركزي

بعد مضي أكثر من ستة أشهر قام، اليوم الجمعة، محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي بزيارة مقرّ الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية رفقة عدد من رؤساء البنوك في مناسبة أطلق عليها “المؤسسات الاقتصادية والبنوك بعد الثورة”…



تونس- نقاش ساخن بين رجال الأعمال ومحافظ البنك المركزي

 

بعد مضي أكثر من ستة أشهر قام، اليوم الجمعة، محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي بزيارة مقرّ الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية رفقة عدد من رؤساء البنوك في مناسبة أطلق عليها "المؤسسات الاقتصادية والبنوك بعد الثورة".

 

وتهدف هذه الزيارة إلى الاطلاع على مشاغل المستثمرين التونسيين، الذين تضررت مصالحهم ومؤسساتهم جراء الانفلاتات الأمنية والمطلبية الاجتماعية المفرطة في بعض الأحيان، بعد الثورة.

 

وشنّ بعض المستثمرين الحاضرين في طاولة النقاش هجوما على بعض الإجراءات الحكومية التي تمّ اتخاذها بعد الثورة بدعوى أنه لم يقع التشاور مع ممثلي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وأنّ تلك الإجراءات الظرفية لمساندة المؤسسات المتضررة لم تشهد السرعة المطلوبة لتطبيقها.

 

كما تطرقوا إلى عيوب الإجراءات المتعلقة مثلا بسنّ عفو جبائي على الأشخاص المورطين في إصدار صكوك دون رصيد وكشفوا عن الصعوبات الحائلة دون حصول بعض المؤسسات المجاحة على تعويضات وأيضا الصعوبات المتعلقة بالتمتع بقروض من البنوك.

 

وكان هشام اللومي وهو مستثمر في مجال مكوّنات السيارات ورئيس جامعة الكهرباء والالكترونيك أوّل من وجه أصابع الاتهام إلى الحكومة بقوله إنها تغافلت على التشاور مع ممثلي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ورجال الأعمال في سنّ بعض الإجراءات.

 

وأشار إلى وجود أزمة في عديد القطاعات الاقتصادية بسبب الأضرار المادية، التي لحقت بالعديد من المؤسسات الاقتصادية بعد الثورة والتي لم يقع تعويضها أو تمتيعها بمساعدات ظرفية أو بجدولة ديونها إلى حدّ الآن.

 

وعرّج اللّومي على قانون العفو الجبائي، الذي صدر (مؤخرا) ويعفي الأشخاص المورطين في إصدار صكوك دون رصيد من دفع ما هو متخلّد بذمتهم تجاه المؤسسات الاقتصادية، وهو ما لا يتماشى ومصلحتها.

 

وأشار إلى خطورة الإنفلات المطلب الاجتماعي على الاستثمار الخارجي، كاشفا عن أنّ هناك بعض المستثمرين الأجانب بصدد التفكير في مغادرة البلاد على غرار مؤسسة "يازاكي" اليابانية بقفصة.

 

من جهته، قال بشير بوجدي رئيس جامعة الميكانيك أنّ الإجراءات الظرفية التي جاءت في منشور عدد 4 لعام 2011 للبنك المركزي التونسي غير كافية لمساعدة المؤسسات الاقتصادية على الحفاظ على نشاطها وعلى يد العاملة.

 

وطالب بتبسيط الإجراءات الظرفية لتتمكن المؤسسات المتضررة من الحصول على مساعدات مالية وجبائية، ودعا إلى سن قانون تكميلي بعد صدور قانون العفو الجبائي للصكوك دون رصيد بما يضمن حقوق المؤسسات المتضررة من استرجاع أموالها، وذلك سواء بصرف تعويضات لها أو طرح تنتفع به على مستوى الأداءات.

 

إلى ذلك، تطرق محسن الزغلامي وهو مستثمر في الصناعات الغذائية إلى مسألة الموفق المصرفي، قائلا إن هناك عديد الملفات العالقة بين المؤسسات الاقتصادية والبنوك وأن الموفق البنكي منحاز إلى المؤسسات المالية بما لا يدع مجالا للمؤسسات من استرجاع بحقوقها.

 

وأكد أن هناك مؤسسات تونسية غارقة في الديون ولم يقع منحها أي تمويلات جديدة من البنوك التونسية ولم يقع إعادة جدولة ديونها، وهو ما من شأنه أن يهدد مستقبلها، حسب قوله.

 

من جانبه، دعا لسعد العلاني وهو مستثمر في قطاع التجهيزات الكهرومنزلية البنوك إلى تخفيض نسبة الفوائض على القروض الاستهلاكية لتشجيع المستهلكين على تنشيط الدورة الاقتصادية، مشيرا في نفس السياق إلى أنّ البنوك التونسية تقوم بخصم نسبة 5 بالمائة على الشراءات التي تتم عن طريق بطاقات الائتمان من الخارج، ونسبة مشطة حسب وصفه.

 

وردّا على هذه المطالب والاتهامات، قال محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي متوجها إلى هشام اللومي أنه بإمكانه أن يقدم له قائمة بملفات المؤسسات المتضررة والتي لم تتمتع بالإجراءات الظرفية لتمكينها من مساعدات مالية وجبائية.

 

كما طلب منه أن يضع بعين الاعتبار الوضع الصعب الذي تمرّ به البلاد، وأن لا يأخذ باستياء ما قامت الحكومة بإصداره من إجراءات دون التشاور مع رجال الأعمال.

 

وبالنسبة إلى قانون العفو الجبائي للصكوك دون رصيد قال النابلي إنه لا يمكن العدول عن هذا القانون، الذي جاء استجابة لمطلب اجتماعي لكثير من الأشخاص الذين عوقبوا بالسجن بعد التلاعب بصكوك دون أرصدة.

 

لكنه أشار إلى أنّ هناك مرسوم تكميلي يخول للبنك المركزي أن يضع على ذمة البنوك قائمة بأسماء الأشخاص المورطين في قضايا صكوك دون رصيد، للاطلاع على خلفياتهم واتخاذ قرارات إما بمنحهم مستقبلا صكوكا أم لا، حتى يقع تجنب الوقوع في أخطاء من هذا النوع في المستقبل.

 

وبالنسبة إلى جدولة ديون بعض المؤسسات أكد محافظ البنك المركزي أنه وقع إعادة جدولة ديون قرابة 170 مؤسسة، وذلك في أجل لا يتجاوز 5 سنوات، كما قال إن هذه المؤسسات تمتعت علاوة على ذلك بقروض بلغت قيمتها الجملية في الأاشهر الماضية حوالي 80 مليون دينار.

 

أمّا بالنسبة إلى القروض الممنوحة من قبل البنوك في الأشهر الخمسة الأولى، فقد أكد النابلي أنها تجاوزت قرابة 3000 مليون دينار، مشيرا إلى أن البنك المركزي قام بضخ السيولة اللازمة إلى البنوك حتى تدعم نشاط البنوك ونشاط المؤسسات الاقتصادية للخروج من الانكماش الاقتصادي.

 

خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.