القمع الوحشي لن يزيد السوريين إلا ثباتا

كتب المفكر والمناضل العربي السوري برهان غليون على صفحته في الفايس بوك مقالا حول ما يجري في اللاذقية المجاهدة التي يدكها نظام الأسد بالمدافع وفي ما يلي نص المقال …



القمع الوحشي لن يزيد السوريين إلا ثباتا

 

كتب المفكر والمناضل العربي السوري برهان غليون على صفحته في الفايس بوك مقالا حول ما يجري في اللاذقية المجاهدة التي يدكها نظام الأسد بالمدافع وفي ما يلي نص المقال :

في سعيه المحموم إلى إنقاذ سياسة القمع الدموي التي تبناها منذ خمسة أشهر في مواجهة ثورة الكرامة والحرية قام النظام السوري بحملة عسكرية جديدة ضد شعبنا في اللاذقية. وقد اعتقد رجال امن النظام أن قصفهم المدينة الباسلة بالأسلحة الثقيلة سوف يعزز مشروع ترويع الشعب السوري الصامد ويغلق في وجهه جميع الآفاق. لكن مصير هذه الحملة لن يكون أفضل من سابقاتها، التي جرت في درعا وجسر الشغور وحماة وحمص ودير الزور والرقة وغيرها من المدن والبلدات والقرى السورية. فلن تزيد هذه الحملات الشعب السوري إلا إيمانا أكبر بعدالة قضيته وتأكيدا أعظم لرفضه لنظام الجريمة وتصميما متجددا على الخلاص منه مهما كانت التضحيات .

إن الاستخدام الواسع للأسلحة الثقيلة في مواجهة الانتفاضة الشعبية وقصف المدن من الجو والبحر والأرض لا تعبر عن القوة ولكنها تعكس الرعب الذي أصبح يعيش فيه النظام وشعور رجالاته المتزايد لفقدان السيطرة على الوضع. لكن الرهان على القوة في الشهر السادس للثورة لن يكون أكثر جدوى من رهان النظام عليها في مطلع الثورة، عندما كان الخوف لا يزال مسيطرا على معظم أبناء الشعب، وكان النظام لا يزال يتمتع بحد أدنى من الصدقية. ومنذ الآن يعرف الجميع بأن النظام، إذا كان لا يزال قادرا على الأذى، فإنه غير قادر على إقناع أحد بأي قدرة على النفع أو الإصلاح، وسوف يلفظه العالم أجمع بعد أن لفظه الشعب السوري العظيم .

إن جميع أمم الأرض تنظر إلى تضحياتكم وتبارك كفاحكم البطولي من أجل الكرامة والحرية، وتتوحد معكم في معركتكم التاريخية للخلاص من نظام الفاشية الجديدة. لكنكم وحدكم القادرون على اقتلاع نظام القهر والفساد والطغيان من الجذور، وكل ما يمكن للعالم أن يقدمه لنا هو المساعدة في تضييق الخناق على النظام ومحاصرته وحرمانه من الموارد المادية والسياسية والمعنوية. ولا ينبغي لنا اليوم أن نشك لحظة في هذا الدعم العالمي بالرغم من أن هناك قوى دولية لا تزال ترهن تخليها عن دعم النظام بضمان بعض المصالح الخاصة. وبالمثل، كما أنه لا ينبغي علينا أن نعول أكثر من اللازم على الموقف الدولي من أجل تفكيك هذا النظام، علينا أيضا أن لا نشكك في صلاح سلمية ثورتنا وأهمية التمسك بهذه السلمية لتحقيق النصر، في مواجهة كل الإغراءات التي يلوح بها بعض قصيري النفس، لدفع الثورة إلى العنف المضاد، وهو فخ كانت السلطة نفسها قد نصبته للثوار من قبل، في سبيل تشويه صورتها وتصويرها على أنها عمل من أعمال التمرد المسلح، وجزء من حركة السلفية المتطرفة ، بهدف نزع النزع الشرعية عنها وتوحيد القوى الديمقراطية في العالم ضدها .

كانت المعاناة في الأشهر الماضية عظيمة، لكن التضحيات التي قدمها الشعب وفي طليعته شباب الثورة، لم تذهب سدى. لقد أصبح من المفروغ منه اليوم، في سورية وخارجها، أن النظام انتهى، ولن يستطيع الاستمرار أكثر مما تتيح له قدرته على الاستمرار في العنف الذي اثار غضب العالم واشمئزازه، بينما كان الحديث عن تغيير النظام او حتى تعديل سلوكه يقارب الحديث عن معجزة. والشعب الذي حقق هذا الانجاز المعجزة قادر على أن يصل إلى غايته، مهما كانت الظروف. فكما تعودنا أن ننشد دائما، إذا أراد الشعب فليس هناك قوة في الأرض تستطيع أن تقف في وجه إرادته. وليس هناك صورة أكثر تعبيرا عن إراد شعب على انتزاع النصر من أعدائه وجلاديه أكثر من صورتكم وأنتم تتحدون الموت وتواجهون بصدوركم العارية سلاح الطغيان .

وإننا لمنتصرون .

برهان غليون

باريس 15 آب 2011

 

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.