تونس ــ لماذا عادت أعمال الشغب ومن يقف وراءها؟

هي كالحرائق المتواصلة حاليا في بعض الغابات: لا تكاد تندلع في هذه الجهة حتى تنتقل شراراتها إلى تلك..أعمال الشغب والفوضى ضربت منذ عيد الفطر الحالي جهات سبيطلة وجدليان ودوز وباجة وجندوبة وقفصة والمطوية وجلمة وتوسعت ليلة الجمعة لتغطي جل أرجاء ولاية القصرين.



تونس ــ لماذا عادت أعمال الشغب ومن يقف وراءها؟

 

هي كالحرائق المتواصلة حاليا في بعض الغابات: لا تكاد تندلع في هذه الجهة حتى تنتقل شراراتها إلى تلك..

أعمال الشغب والفوضى ضربت منذ عيد الفطر الحالي جهات سبيطلة وجدليان ودوز وباجة وجندوبة وقفصة والمطوية وجلمة وتوسعت ليلة الجمعة لتغطي جل أرجاء ولاية القصرين.

النتيجة حتى الآن ما لا يقل عن قتيلين وعشرات من الجرحى وخسائر مادية فادحة تمثلت خاصة في حرق بعض المراكز الأمنية والسيارات والشاحنات والحافلات والعبث بالمؤسسات العمومية, بالاضافة إلى بث الرعب في نفوس المواطنين فما سر هذه الأعمال ومن المستفيد منها؟
ليست عفوية
قد يرى البعض أن هذه الأعمال عفوية ومجرد انعكاس للوضع الأمني الهش في فترة انتقالية لكننا نخالف هذا الرأي للأسباب التالية:

أولا: يمكن وصف هذه الأعمال بالعفوية لو حدثت في منطقة واحدة أو اثنتين أو حتى ثلاثة, ولكن الثابت أنها شملت عددا كبيرا من الجهات.

ثانيا: يرتبط عنصر العفوية منطقيا بعنصر الصدفة أي انعدام البرمجة المسبقة وهذا لا يتوفر في أعمال العنف الأخيرة لأن عدة مؤشرات كانت توحي بانفجار الوضع منذ الأحداث التي جدت قبل أيام في جبنيانة وصفاقس وغيرهما.

ثالثا: تتعارض فكرة العفوية مع التشابه الواضح في الأحداث من حيث انطلاقتها وتوهجها فهي تنطلق بمعركة أو احتجاج سرعان ما تتحول إلى أعمال عنف. وهذا في نظرنا تكتيك مغاير لتكتيكات تم اعتمادها سابقا مثل حرق السجون في مدة زمنية واحدة وظهور معارك العروشية والدعوة إلى الاعتصامات والمظاهرات الدامية…

رابعا: أكدت لنا مصادرنا في بعض الجهات وجود عناصر تأليب تقف عادة في الصفوف الخلفية أو في كواليس الأحداث حيث تشرع في التحريض على العنف.

ففي باجة مثلا اجتمع عشرات من عمال الحظائر أمام دائرة الغابات للمطالبة بأجراتهم الشهرية قبل موعدها المعتاد بدعوى مجابهة مصاريف العيد لكن المحرضين غير المعنيين أصلا بهذا الموضوع شرعوا في تحريضهم على استعمال العنف فتحولت المدينة إلى ساحة وغى.

وفي سبيطلة كان الخلاف بين عائلتين بسيطا في بدايته لكن "أولاد الحلال" لعبوا دور الشيطان بينهما فلما تحول الخلاف إلى معركة وحل أعوان الأمن والجيش, وجد المحرضون الفرصة مناسبة لمزيد التصعيد فكانت النتيجة وفاة فتاة وإصابة أربعة آخرين وتدمير المدينة. فمن هؤلاء المحرضون؟ وما هي مصلحتهم في إثارة العنف والفوضى؟
هدفان رئيسيان

هؤلاء المحرضون هم بالضرورة أولئك الذين كانوا وراء حرق السجون وهروب بعض المساجين ووراء حرق الغابات ومزارع الحبوب وهم الذين يدعون إلى الإعتصامات أي من لا يملكون مصلحة في استتباب الأمن.

ولو أردنا تسميتهم بصفاتهم لقلنا بسهولة تامة إنهم بقايا النظام السابق ومنخرطي حزب التجمع المنحل. لمن الأمر لا يتعلق بمجرد الحسد أو النقمة على ما آلت إليه البلاد من تغيير بل إن الأمر يتجاوز ذالك إلى هدفين رئيسيين:

فهم من جهة يحلمون بإشاعة الفوضى علها تعيد إليهم ماضيهم السعيد فيرجع إليهم بن علي وأتباعه وحزبه و يستعيدون منافعهم الجمة.

وهم من جهة أخرى يعلمون أنهم مورطون في قضايا فساد سابقة ويدركون أن دورهم قادم ولهذا يسعون إلى تأجيله قدر الإمكان بإثارة ملفات أمنية وقضائية جديدة تتولد عن أعمال العنف التي يدعون إليها ويحرضون عليها. ولكن لماذا تم الإختار على هذا التوقيت؟
معركة ضد الوقت

لا شك أن أعداء الثورة يعيشون تحت ضغط نفسي رهيب يضاف إليه العامل الزمني فكلما مرت الأيام والأشهر, تقلص الانفلات الأمني واستعاد المواطن العادي رصانته وتخلص من "تخميرته" التي تكون عادة وراء سرعة الاستجابة لدعوات التحريض.

والأهم من هذا كله أن موعد انتخاب المجلس التأسيسي بات قريبا وعندها لن تكون الفرصة سانحة للاعتصام ولا لمطالبة الحكومة بالاستقالة ولا لنعت هذا الطرف أو ذاك بمعاداة الثورة. ولهذا نتوقع أن تكون الأيام القادمة أكثر توترا ولا نستبعد اندلاع أعمال الشغب وتأججها وانتشارها في أكثر من جهة من جهات الجمهورية.

وقبل مطالبة أعوان الأمن ووحدات الجيش بمزيد اليقظة والحزم, يجب إقناع المواطن العادي الذي يشارك في أعمال العنف دون وعي بأنه الخاسر الأكبر لأنه يضحي بحياته ووقته ومصلحته في سبيل أعدائه.. أعداء الثورة.

 

 

عادل العبيدي   

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.