مشروع الميزان الاقتصادي لسنـة 2012

تحصل المصدر على وثيقة مشروع الميزان الاقتصادي التي نظر فيها مجلس الوزراء ليوم الخميس 20 أكتوبر 2011 وقد أعدت الحكومة الانتقالية هذا المشروع وسيقع وضعها على ذمة الحكومة القادمة للاستئناس بها وإدخال التغييرات التي قد تراها ضرورية أو …



مشروع الميزان الاقتصادي لسنـة
2012

 

تحصل المصدر على وثيقة مشروع الميزان الاقتصادي التي نظر فيها مجلس الوزراء ليوم الخميس 20 أكتوبر 2011 وقد أعدت الحكومة الانتقالية هذا المشروع وسيقع وضعها على ذمة الحكومة القادمة للاستئناس بها وإدخال التغييرات التي قد تراها ضرورية أو تعديل بعض الإجراءات والمقترحات التي تضمنها المشروع.

وأضحت الوثيقة المرجعية للمشروع أن العمل التنموي لسنة 2012 يندرج في إطار رؤية مستقبلية تم ضبط ملامحها ومحاورها في إطار البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للخماسية القادمة (2016-2012) والّذي يبرز أنّ تونس بإمكانها تحقيق نموّ مرتفع يفوق الـ 7% على المدى المتوسّط يسمح بإحداث المزيد من مواطن الشغل والاستجابة للطلبات المتنامية للشغل خاصّة بالنسبة لحاملي الشهادات العليا وذلك شريطة إرساء مناخ من الثقة وتوفير الظروف المثلى للاستثمار والعمل والتوظيف الناجع لكل الطاقات والموارد المتاحة لتطوير هيكلة الاقتصاد الوطني.

# رؤية مغايرة لمنوال التنمية

يختلف الميزان الاقتصادي لسنة 2012 عن الموازين السّابقة لعدّة اعتبارات من أهمّها :

1- إبراز النقائص بكلّ شفافيّة وخاصّة منها المتعلّقة بالفوارق بين الجهات والفئات وهو ما أكّد ضرورة العمل على مزيد تطوير المعلومة والإحصائيّات في هذا الشأن.

 

2- إدراج مواضيع لم تكن متداولة سابقا منها بالخصوص ما يتعلّق بالحكم الرشيد والرشوة ومختلف الإختلالات الّتي برزت.

 

3- الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الّتي كشفت عنها حديثا الثورة واقتراح الإجراءات لمعالجتها بكلّ واقعيّة وموضوعيّة خاصّة فيما يتعلّق بالبطـالة والفوارق الجهويّة والأوضاع الاجتماعية.

 

وعلى هذا الأساس تمّ إدراج الميزان الاقتصادي لسنة 2012 في إطار برنامج الحكومة المقترح للفترة 2012-2016 ولم يتمّ الاعتماد كلّيا كما هو معهود على المخطّط الثاني عشر.

كا تمّ التركيز في هذا الميزان على الفترة الانتقالية 2012-2013 وهي فترة يعتبرها الجميع صعبة باعتبارها ستتزامن مع استكمال الانتقال السياسي ويتحتّم فيها الاستجابة للتطلّعات الوطنيّة الملحّة في ضلّ محيط عالمي متقلّـب.

 

# جيل جديد من الإصلاحات

وترتكز الخطة المقترحة على إدخال جيل جديد من الإصلاحات الاقتصادية ووضع الآليات الضرورية في المجال المالي وتثمين الموارد البشرية وتعصير البنية الأساسية والنهوض بالتنمية الجهوية وتحقيق الرقيّ الاجتماعي وتكافؤ الفرص والاستغلال الأمثل للموارد. وسيمكّن كلّ ذلك من الارتقاء بالنمو إلى مستويات تتجاوز عتبة الـ %6 بداية من سنة 2014 بما يمكن من إحداث ما لا يقل عن 500 ألف موطن شغل خلال الخماسية 2012-2016 وبالتالي التخفيض في نسبة البطالة بحوالي أربعة نقاط في أفق سنة 2016.

وستمثل الفترة 2013-2012 مرحلة انتقالية دقيقة وحاسمة باعتبار تواصل مسار الإصلاح السياسي وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتواصل تأثيرات التطورات المسجلة سنة 2011 في ظلّ محيط عالمي يخيّم عليه الغموض والارتباك بسبب تفاقم أزمة المديونية مع ضرورة الاستجابة إلى الطلبات الملحّة في مجالات التشغيل والتنمية الجهوية وتحسين مستوى العيش. وستّتسم هذه الفترة بعمق الإصلاحات وكثافتها بالإضافة إلى ضرورة العمل على إنجاز المشاريع في البنية الأساسيّة الّتي من شأنها أن توفّر أفضل الظروف لانطلاقة حقيقيّة للاستثمار الخاصّ ما بعد الفترة الانتقالية وهو ما سيترتّب عنه ارتفاع هام للاستثمارات العموميّة، وسيتطوّر النموّ خلال هذه الفترة بصفة تصاعديّة حيث سيبلغ 4.5% سنة 2012 و 5.7% سنة 2013.

# مرتكزات العمل التنموي للسنة القادمة

ويرتكز منوال التنمية سنة 2012 على ضرورة التدرج نحو استرجاع النسق العادي للنمو بما يمكن من إحداث أقصى ما يمكن من مواطن الشغل والشروع في توفير الظروف الملائمة لدفع التنمية في المناطق الداخلية بهدف التقليص من الفجوة التنموية بين الجهات.

وتتمثل أهم أهداف منوال التنمية لسنة 2012 في :

 تحقيق نمو للناتج المحلي الإجمالي بنسبة %4.5 بالأسعار القارة بما يمكّن من تغطية الطلبات الإضافية للشغل المقدّرة لسنة 2012 وسيكون هذا النمو أكثر توازنا حيث سيساهم فيه إيجابيا كلّ من الطلب الداخلي بعنصريه الاستهلاك والتصدير في حين كانت المساهمة إيجابيّة فقط بالنسبة للاستهلاك خلال سنة 2011.

 نموّ صادرات الخيرات والخدمات بنسبة 7% بالأسعار القارّة مقابل انخفاض بـ 2.4% سنة 2011 يعتمد على العودة المرتقبة للنشاط في بعض القطاعات ومواصلة الديناميكية التي يشهدها قطاعي الميكانيك والكهرباء (+15 %)

 

والنسيج والجلد (+8 %).

 دعم الاستثمارات لترتفع بنسبة %18.4 بعد الانخفاض الهام المسجل سنة 2011 لترتقي نسبة الاستثمار إلى%24 من الناتج مع تكثيف استثمارات القطاع العمومي في مجال البنية الأساسية خاصة بالجهات الداخليّة.

 إحداث ما لا يقل عن 75 ألف موطن شغل تمكن من تغطية كامل الطلبات الإضافية للشغل إلى جانب بذل مجهودات هامّة على مستوى البرامج النشيطة للتشغيل خاصة منها برنامج "أمل" وبرنامج المساعدة على الاندماج في العمل المؤجر والمساعدة على العمل المستقل وبعث المشاريع وكذلك على مستوى التوظيف بالخارج عبر مزيد تفعيل الاتفاقيات المبرمة مع عدد من الدول في مجال الهجرة المنظمة واستغلال فرص التشغيل المتوفرة بالأسواق الخارجية وذلك بالتوازي مع دفع التشغيل من خلال نقل الخدمات خارج بلد المنشأ (Offshoring). هذا وينتظر أن يفتح انفراج الأزمة الليبية والشروع في إعادة الإعمار بهذا البلد آفاقا كبيرة في التشغيل أمام التونسيين حيث سيتسنّى توفير قرابة 200 ألف فرصة عمل وهو ما من شأنه أن يقلّص من الضغوط المسلطة على سوق الشغل الوطنية.

ويستند تحقيق هذه الأهداف إلـى :

– تعميق مسار الإصلاحات الهيكلية بغرض مزيد تحسين أداء الأعوان الاقتصاديين وتوفير متطلبات حفز المبادرة والعمل الناجع من أجل خلق الثروات وتأمين توظيفها على أساس تحقيق التوازن الفعلي بين الجهات وتوفير مقومات العيش الكريم لمختلف الفئات.

 

– تطوير مناخ الأعمال وتحسين تنافسية الاقتصاد عبر تكريس قواعد الحكم الرشيد والشفافية والتصرف السليم وتحديث الإطار المؤسساتي وفق أفضل الممارسات المعمول بها في الساحة الدولية إضافة إلى دعم برامج تطوير الإدارة وتحسين جودة خدماتها لاسيما تبسيط الإجراءات ودعم برنامج الإدارة الإلكترونية.

 

– مراجعة منظومة تشجيع الاستثمار والمبادرة ودعم الإحاطة بالباعثين بغرض تكريس أولويات المرحلة ومزيد تطوير هيكلة النسيج الاقتصادي من خلال النهوض بالأنشطة ذات القيمة المضافة العالية عبر تعزيز مجالات البحث والتجديد وتفعيل دور مؤسسات الإنتاج.

 

– إدخال الإصلاحات اللازمة لتطهير القطاع المصرفي وتعزيز قدراته وتطوير منظومة تمويل الاستثمار والمبادرة من خلال إرساء الآليّات الناجعة على غرار صندوق الإيداع والأمانات وصندوق الاستثمار للأجيال والرقي بمجالات التمويل المخاطر فضلا عن تنفيذ خطة العمل لتطوير التمويل الأصغر وقد تمّت المصادقة على المراسيم المتعلّقة بهذه المجالات على أن يتمّ الشروع في تطبيقها خلال سنة 2012.

– دعم نشاط التصدير وإعطاء دفع أكبر للاندماج في الدورة العالمية بفضل الانطلاق في وضع البرنامج الثالث لتنمية الصادرات ومواصلة دعم استكشاف الأسواق الجديدة خاصة على ضوء تردي الأوضاع الاقتصادية في منطقة الأورو.

وسيتواصل في هذا الإطار دعم مسار الاندماج في الفضاء العالمي بالشروع في المفاوضات بهدف إرساء فضاء اقتصادي موحد مع الإتحاد الأوروبي يشمل مبادلات السلع والخدمات وتسهيل تنقل الأشخاص وتطوير اتفاقيات التبادل الحر القائمة وإبرام اتفاقيات جديدة مع البلدان الآسيوية والأمريكية والإفريقية.

ولدفع الاستثمار وتسهيل عملية انتصاب المستثمرين في مجالات الصناعة والخدمات بمختلف الولايات سيقع العمل على إنجاز أشغال تهيئة 24 منطقة صناعية منها 17 منطقة بمناطق التنمية الجهوية وإعادة تهيئة 9 مناطق صناعية أخرى وتوفير رصيد عقاري جديد يقدّر بحوالي 150 هك.

# الارتقاء بالتنمية البشرية

ويمثّل مزيد الارتقاء بالتنمية البشرية وبمستوى العيش أبرز مرتكزات العمل التنموي للسنة القادمة حيث ستتركز الجهود على اعتماد رؤية جديدة للنهوض بالمجالات الاجتماعية بما يضمن تحسين الخدمات وإحكام تصويب التدخلات الاجتماعية لمستحقيها إلى جانب مزيد دعم برامج الإدماج الاجتماعي ومساعدة الفئات محدودة الدخل على الانتقال من طور المساعدة إلى طور الإحاطة بما يجعل منها طاقات منتجة علاوة على توفير المقاربات المناسبة لمقاومة الإقصاء والفقر بالاعتماد على مؤشرات ومعطيات من أرض الواقع.

وتتمثل أهم الإجراءات فيما يلي :

– تحسين أداء منظومة التربية والتكوين والتعليم العالي لا سيما من خلال :

• إدخال تعديلات على برامج ومناهج التعليم وطرق تقييم مكتسبات التلاميذ في عدد من الأقسام.

• تعزيز طاقة استيعاب جهازي التكوين المهني والتعليم العالي مع توجيه الإحداثات والتوسيعات ومشاريع التحديث نحو القطاعات الواعدة والمطلوبة في سوق الشغل وتركيزها بصفة خاصة في الجهات الداخلية.

تعزيز آليات وبرامج النهوض الاجتماعي والتنمية الاجتماعية ودعم تدخلاتها

 

• مقاومة مظاهر الفقر والتهميش عبر الترفيع في عدد المنتفعين ببرنامج العائلات المعوزة إلى 185 ألف وفي مقدار المنحة المسندة لهم وفي تيسير ولوج هذه الفئات السكانية إلى الخدمات الصحية وفي تقديم مساعدات مباشرة لها.

• تشجيع أبناء العائلات محدودة الدخل والقادرين على العمل على بعث مشاريع عن طريق القروض الصغرى بشروط ميسّرة وبضمانات الإتّحاد التونسي للتضامن.

• الترفيع في الأجور وخاصة الأجور الدنيا مع تحسين الوضعية الماليّة للعاملين والتغطية الاجتماعية عن طريق المناولة في القطاع الخاص بعد أن تمّ إنهاء العمل بالمناولة في القطاع العام.

 

# دفع التنمية بالجهات

وستحظى التنمية الجهويّة بعناية فائقة بهدف تسريع نسق التنمية بالجهات الأقل حظا والتقليص في الفوارق بين مختلف الجهات. وتبعا لذلك ستتركز الجهود على تمتين التماسك الجهوي من خلال تطوير البنية الأساسية وتوفير التجهيزات والخدمات الجماعية والعمل على الرقي بنجاعة البرامج التنموية ببعث جهات إشعاع كبرى قادرة على ضبط استراتيجيات تنموية وتحقيق تنمية ذاتية تمكنها من التأثير الإيجابي على مختلف ولايات الجهة. كما سيتم تعزيز صلاحيات الجهات وإرساء الديمقراطية المحلية بما يسهم في إنجاح العمل التنموي إضافة إلى دعم تنافسية الجهات الداخلية بما يؤهلها لاستقطاب الاستثمارات والاندماج في الاقتصاد العالمي.

 

مهدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.