هل أُحبط التونسيون وأصابهم الندم على اختيار نوابهم في المجلس الوطني التأسيسي؟

أسدل الستار يوم السبت الفارط على الجزء الأول من مداولات المجلس الوطني التأسيسي بالمصادقة بعناء كبير على مشروع تنظيم السلط العمومية أو ما يُعرف بالدستور الصغير، وسط تجاذبات وصخب سياسي أعطى فكرة واضحة وشاملة عمّا ستتسم به أشغال المجلس في المرحلة القادمة…



هل أُحبط التونسيون وأصابهم الندم على اختيار نوابهم في المجلس الوطني التأسيسي؟

 

أسدل الستار يوم السبت الفارط على الجزء الأول من مداولات المجلس الوطني التأسيسي بالمصادقة بعناء كبير على مشروع تنظيم السلط العمومية أو ما يُعرف بالدستور الصغير، وسط تجاذبات وصخب سياسي أعطى فكرة واضحة وشاملة عمّا ستتسم به أشغال المجلس في المرحلة القادمة.

المتابع لأعمال وأشغال المجلس منذ تركيزه يوم 22 نوفمبر الماضي وقف بالتأكيد على مدى نوعية النقاش التي طغت سواء على مستوى أشغال اللجان أو الجلسات العامة، إذ أن هذا النقاش وما رافقه من تصريحات صحفية وحوارات إذاعية وتلفزية وبشهادة أغلب المواطنين لم ترتق إلى مستوى تطلعات وطموحات الشعب التونسي إلى حد التساؤل "عماّ إذا ندم بحق عن اختياره لنوابه في المجلس الوطني التأسيسي" خلال المرحلة الفارطة من أعمال المجلس والتي انتهت بالمصادقة المضنية والمتعبة وخاصة طول الفترة على مشروع الدستور الصغير باستثناء الفصل المتعلق بالبنك المركزي ومدة عمل المجلس.

على امتداد أكثر من أسبوعين اتسم عمل المجلس بالبطء أو التباطؤ المقصود!!! في المصادقة على مشروع تنظيم السلط العمومية والحال أم الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد يستوجب الإسراع والسرعة في أداء المجلس للخروج م الوضعية المتردية التي تعصف بتونس منذ عدة أشهر.

خلال المرحلة السابقة من أداء المجلس التأسيسي طفت أو برزت نوعية جديدة من النقاش لم يتعود عليها الشعب التونسي، الذي تعود في العهد السابق على أسلوب و"قالب" موحد للنقاش داخل قبة البرلمان، وبقدر ما كانت هذه النوعية إيجابية على مستوى المضمون وجدية الطرح بين الائتلاف الثلاثي أو الأغلبية وبين المعارضة فإن في أغلب الأوقات نزل النقاش إلى مستوى متدنّ ولا يليق بنواب الشعب والسقوط في المهاترات والمشاركة من أجل تسجيل الحضور أو حتى التقدم ببعض التحويرات على الفصول تصل إلى حد الاستغراب والتساؤل عن جدية المقترحات المتصلة.

الأحداث واللقطات والمناوشات وحتى الطرائف التي حصلت في المدة الأخيرة كثيرة وعديدة ولعل لأبرزها وأقواها التراشق بالتهم وتعالي الأصوات ،ورئيس المجلس يشاهد الموقف باستغراب واندهاش، بين ممثل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وممثل الحزب الديمقراطي التقدمي بخصوص الانقلاب حول بعض الفصول التي تمنح صلاحيات أوسع للأغلبية وممثليها في الحكومة (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة).

وقد شكل هذا المشهد حديث الساحة السياسية وتعاليق المواطنين أما أطرف اللقطات والتي شدّت إليها الناس تلك التي أتاها ممثل العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية إبراهيم القصاص عندما أخذ الكلمة وطالب نواب المجلس الاعتذار له على الملأ في الذي ناداه "بالبصّاص" عوض القصاص وظل يكرر كلمة البصاص ( المعذرة لقرائنا)  للعديد من المرات على الهواء مباشرة في التلفزة مما جعله سخرية لأعضاء المجلس أنفسهم وعامة الناس على صفحات الفايسبوك.

هذا المستوى من النقاش ولئن اعتبره أعضاء المجلس في حد ذاتهم والمحللين السياسيين الخطوات الأولى في التدرب على ممارسة الديمقراطية الصحية والسليمة، فإن أغلب المواطنين لم يستسيغوا هذه النوعية من النقاش وسير الأشغال وأصابهم نوع من الإحباط من العديد من أعضاء المجلس، في الوقت الذي تسير فيه البلاد نحو المجهول معتبرين أن أعضاء المجلس التأسيسي قد أطنبوا في قضايا هامشية وتفاصيل في غنى عنها.

ويؤكد المواطنون على حصول تأخير كبير في الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة والوضع العام للبلاد يبعث عن الانشغال وهو ما جعل العديد منهم على حد تعبيرهم "يندم على التصويت لهم" متسائلين عن مصير الشغال ومستوى النقاش عند الدخول في المسائل المصيرية والشروع في العمل الجدي والمتمثل في صياغة الدستور الجديد والتحاور بشأن القضايا الاقتصادية والاجتماعية العاجلة لتونس التي أنهكها الإعياء والتعب منذ أكثر من 11 شهرا.

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.