تونس- هل بدأت المواجهة بين حركة النهضة والسلفيين؟

إنهاء اعتصام السلفيين الذين احتلوا كلية الآداب في منوبة يوم الخميس الماضي ليس سوى الفصل الأول من المواجهة التي لا تزال حكومة حمادي الجبالي تتهيأ لها وتتهيأ لها معها حركة النهضة وهي المواجهة الكبرى مع السلفيين الذين لا …



تونس- هل بدأت المواجهة بين حركة النهضة والسلفيين؟

 

إنهاء اعتصام السلفيين الذين احتلوا كلية الآداب في منوبة يوم الخميس الماضي ليس سوى الفصل الأول من المواجهة التي لا تزال حكومة حمادي الجبالي تتهيأ لها وتتهيأ لها معها حركة النهضة وهي المواجهة الكبرى مع السلفيين الذين لا يزالون إلى حد الآن يرتعون كما شاءوا في عدة أماكن في الجمهورية مثلما أشار إلى ذلك الملف الذي أعدته جريدة المغرب حول الإمارة السلفية في سجنان…

ومن المنتظر أن تضطر الحكومة الحالية إلى اتخاذ قرارات سريعة ومؤلمة في هذا الملف مع تزايد تذمر المواطنين من الظاهرة السلفية من جهة ومع استفحال الظاهرة في مناطق متعددة من البلاد.ومما لا يمكن إخفاؤه اليوم تواجد شيء من التفهم والتعاطف لدى عديد النهضويين وحتى لدى بعض القياديين منهم للطروحات السلفية مما حدا بالبعض إلى تفسير مراوحة وزير التعليم العالي وعدم إقدامه على اتخاذ قرار بخصوص المعتصمين السلفيين في منوبة ضرب من ربح الوقت وهدية للسلفيين ومما زاد من انتشار هذه التفاسير تواجد بعض أبناء الوزراء النهضويين وخاصة أبن وزير الداخلية علي العريض الذي قال أن ابنه قد تواجد مع المعتصمين للتفاوض معهم بصفته ‘قياديا طلابيا’ …  

ونذكر في هذا الصدد أن الشيخ راشد الغنوشي قد صرح في أحاديث صحفية أنه لا يرى مانعا من السماح لسلفيي حزب التحرير بالتواجد القانوني رغم إعلان هذا الحزب بصفة رسمية عن رفضه للنظام الديمقراطي وعمله من أجل إقامة دولة الخلافة في تونس…

وحزب التحرير ليس سوى إحدى التعبيرات السلفية وهناك على كل الأحوال من يفوقه إيغالا في التزمت والتشدد على الطريقة الوهابية التي لقن بها أغلب السلفيين عندنا عبر دروس شيوخهم وعبر الخطب التلفزيونية التي تبثها مئات القنوات الوهابية على قمر "النايل سات " المصري وحتى على عربسات الذي تموله الحكومات العربية من أموال الضرائب التي ندفعها نحن المواطنون من أجل إيصال الدعاية الوهابية إلى كل مكان في العالم الإسلامي…

وينتظر الملاحظون اليوم أن هذه المواجهة بين النهضويين والسلفيين لن تتأخر كثيرا ولئن ما انفك قادة النهضة والوزراء المنتمون إليها يرددون تأكيد دفاعهم على السلفيين وعلى حرية الناس في اختيار ملبسهم وعلى حق المنقبات في التعلم والدخول إلى الكليات إلا أن مثل هذه المواقف لن تصمد كثيرا أمام معطيات السياسة وضروراتها خاصة وأن السلفيين لا يعيرون حسابا للنهضة لا بل ويعلنون أن توجهها السياسي يخرج بها من مواقف الجماعة وهذا ما أعلته جهات فقهية وهابية سعودية متشددة ذهبت إلى حد تكفير الشيخ راشد الغنوشي وتحميله مسؤولية التعامل مع الكفرة العلمانيين "أعداء الدين " منذ أبد الآبدين …

ولكن حركة النهضة ووزرائها في حكومة الجبالي سوف يحاولون عدم الاستفراد بمواجهة السلفية بكل تفرعاتها في البلاد اليوم وسوف يدعون لا شك حليفيهما في الحكم حزب المؤتمر وحزب التكتل إلى المشاركة في تحمل هذه المسؤولية والبحث عن حلول لها ترضي كل أطراف الحكم الحالي …علما بأن الضغط سيزداد في الواقع على حزبي المؤتمر والتكتل من قبل المجتمع المدني أكثر بكثير مما ستلقى النهضة من ضغط وهذا مرده إلى الأسس الإيديولوجية التي قام عليها الحزبان وهما حزبان لا يحتكمان إلى أية مرجعية دينية في طرحهما السياسي…

هذه إذن الخطوط العريضة لعناوين المواجهة التي لا بد أن تخوضها حركة النهضة على يمينها السياسي إن كانت جادة بالطبع في التحول إلى تعبيرة سياسية مدنية تخرج بها من الموقع الدعوي الذي طالما أوقعها في مطبات كبيرة والدخول في تطور سياسي تثبت فيه أولا لأنصارها وثانيا للتونسيين جميعا وثالثا للعالم أن مقاربة "إسلامية ديمقراطية " ممكنة في إحدى الدول العربية في هذه الآونة التاريخية من حياة الأمة …

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.