تونس ــ قراءة في اللقاء المحير الذي جمع علي العريض بحمة الهمامي

لم يتمكن أحد إلى الآن من فك طلاسم اللقاء الذي جمع وزير الداخليّة علي العريّض بالأمين العام لحزب العمّال الشيوعي التونسي حمّة الهمامي الاثنين الماضي في مقر وزارة الداخلية.



تونس ــ قراءة في اللقاء المحير الذي جمع علي العريض بحمة الهمامي 

 

لم يتمكن أحد إلى الآن من فك طلاسم اللقاء الذي جمع وزير الداخليّة علي العريّض بالأمين العام لحزب العمّال الشيوعي التونسي حمّة الهمامي الاثنين الماضي في مقر وزارة الداخلية.

وإذ لا ندعي بالحقائق القاطعة معرفة، فإننا سنحاول قراءة هذا اللقاء وملابساته ونتائجه من باب الاجتهاد لا غير في انتظار أن يتكرم هذا الطرف أو ذاك بنشر حقيقة اللقاء نظرا لأهميته من حيث المضمون والتوقيت.

سنحاول في البداية التعرض إلى خصائص العلاقة بين الطرفين فكريا وايديولوجيا وسياسيا والوقوف عند أهم المحطات التاريخية التي ميزت علاقتهما.

لا نجد اليوم أي رابط بين العريض والهمامي فالاول يمسك بوزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة والثاني يقف في صف المعارضة.

الأول ينتمي إلى حزب إسلامي والثاني إلى حزب علماني يساري (شيوعي).

أنصار الأول (أو على الأقل بعضهم) يتهمون الثاني بالكفر من منطلق إيديولوجي وأتباع الثاني يردون على خصومهم بتهمة الرجعية والظلامية.

ولعل الرابط الوحيد بينهما كان معاناتهما معا من بطش نظام بن علي حتى إن حمة الهمامي قال قبل أسابيع في حديث تلفزي بمناسبة إعادة نشر مقطع الفيديو المسيء إلى علي العريض إنه كان يعلم بأن تلك المشاهد من إنتاج البوليس السياسي (سابقا) وأنه تعاطف إذاك مع العريض ووقف إلى جانبه.
ولو حملنا هذا القول على محمل الصدق (من باب أن الأصل في الإنسان الصدق وسلامة النية حتى يثبت خلاف ذلك) لقلنا إن التعاطف يبرره مبدأ أنت صديقي ما دمنا خصمين لعدونا المشترك. لكن نهاية هذا العدو المشترك أزالت بين الطرفين أي نزر للصداقة حتى وجدنا صفحات الفايس بوك الداعمة لحركة النهضة تشن حربا شعواء على الهمامي وحزبه وتتسابق على تكفيره وشتمه والإساءة إليه بطريقة مريبة يرفضها الدين الإسلامي نفسه.

في الطرف المقابل ظل حمة الهمامي وفيا لعادته في الرفض والمعارضة لكن أمرا محيرا برز في الأيام الأخيرة تزامنا مع اللقاء المثير للحيرة، فعلى صفحات الفايس بوك الموالية لحركة النهضة لاحظنا تغييبا كاملا لحمة الهمامي إذ لم تتعرض له بالسب ولا بالمدح بل واصلت التهجم على خصومها الآخرين وزجت بينهم بشخصيات أخرى كانت بالأمس تدافع عنها وتتغنى بها مثل رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي ورئيس المجلس الوطني التأسيسي.

في المقابل فاجأنا الهمامي ــ على غير عادته ــ بالدفاع عن الحكومة ذات الأغلبية النهضوية، صحيح أنه انتقد تأخرها في حل بعض الملفات وخاصة منها الاجتماعية والاقتصادية لكننا لم نتوقع منه أن يصدع بدفاعه عن شرعية الحكومة التي يعارضها ويحذر من عواقب التفكير في الإطاحة بها أو تعطيل عملها.

هل بدأت حركة النهضة في البحث عن حلفاء جدد بدل حليفيها الحاليين (المؤتمر والتكتل) اللذين "لويا العصا في يدها" في أكثر مناسبة (الموقف من الإعلام ومن السلفيين وواقعة العلم الوطني ومصادر التشريع في الدستور القادم…)
شخصيا أستبعد هذه الفرضية لأنها لا تستقيم منطقا ولا واقعا بل هي أقرب للعملية الانتحارية بالنسبة إلى الطرفين. فما سر اللقاء إذن؟
لا شك أن اللقاء مثل فرصة للإتفاق على هدنة تنفع الطرفين ولا تضر بأي منهما سيما بعد أن اشتكى الهمامي في وقت سابق من تواصل معاناته من البوليس السياسي. لكن من المعلوم أن إتفاقات الهدنة تقوم على موازنة بين تقديم التنازلات ولعب الأوراق الرابحة أو بالأحرى الاستظهار بها.

فهل يمسك كل طرف بأوراق رابحة تضعف الطرف الآخر وتجبره على تقديم التنازلات؟
لو صدقنا المعارض (الظاهرة) جلال بريك فإن الحكومة ومن خلالها حركة النهضة تمسك بملفات مهمة تتعلق بحمة الهمامي. ويرى البعض في هذا المجال أن للأمر صلة بموضوع محاولة الانقلاب على الحكومة الذي أثير قبل أيام  لكنني لا أؤيد شخصيا هذا الرأي لعلمي أو لنقل لشبه تأكدي من أن الحديث عن محاولة الانقلاب مجرد فقاعة إعلامية.

 

وعلى العكس لا أستبعد (وبعض ظني إثم) أن تكون المسائل والملفات المطروحة متعلقة ب.."العلاقات الخارجية" ولعل من بينها الجهات الخارجية المؤيدة والداعمة. إلا إذا تكرمت علينا الحكومة أو النهضة أو حزب العمال الشيوعي بحقائق تثبت خطأنا في ما ذهبنا إليه.

 

 

آدم القروي      

 

 

 

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.