هل تخسر حركة النهضة الانتخابات القادمة بسبب “السلفيين”؟

تمرّ تونس في هذه المرحلة بفترة حساسة على العديد من المستويات وفي مقدمتها المخاض السياسي والغموض الحاصل بشأن العديد من الملفات ومن أبرزها صياغة الدستور وتركيز الهيئة الجديدة للانتخابات، إلى جانب عدم ….



هل تخسر حركة النهضة الانتخابات القادمة بسبب “السلفيين”؟

 

تمرّ تونس في هذه المرحلة بفترة حساسة على العديد من المستويات وفي مقدمتها المخاض السياسي والغموض الحاصل بشأن العديد من الملفات ومن أبرزها صياغة الدستور وتركيز الهيئة الجديدة للانتخابات، إلى جانب عدم وضوح الرؤية بشأن الموعد المحدد والنهائي للانتخابات القادمة إذ تضاربت التصريحات الرسمية بالنسبة إلى هذا الموعد فقد أكد رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي أنها ستكون بين ربيع وصائفة 2013 في حين أن هناك من صرح أنها ستكون في أكتوبر 2013.

 

وباعتبار أنّ موعد الانتخابات سواء كان في الربيع أو صائفة أو خريف 2013 فإن المدة  جيزة وقصيرة وتتطلب حشد الجهود وتعبئة القوى من أجل العمل وإثبات الذات خلال الاستحقاق الانتخابي القادم والذي لن يكون بالتأكيد مشابها لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي.

 

ولأجل ذلك فإن الخارطة السياسية في تونس تشهد منذ مدة تحركات متسارعة  ومتعاقبة ترجمتها التحالفات والتكتلات الحزبية في خطوة لتفادي أخطاء انتخابات 23 أكتوبر 2011 وكسب ثقة الناخبين وبالخصوص استمالة الأصوات الجديدة والتي فقدت ثقتها في بعض الأحزاب على خلفية الوعود الانتخابية التي لم تتحقق.

 

غير أن هناك مُعطى آخر قد يغير الأوضاع رأساً على عقب ويُرجّح كفة بعض الأحزاب والتحالفات على حساب إمّا الترويكا أو خاصة حزب الأغلبية في تونس وهو حركة النهضة والتي قد تتأثر بشكل كبير في الانتخابات القادمة.

 

ويتمثل هذا المعطى الجديد في المدّ السلفي الذي اجتاح البلاد في الأشهر الأخيرة وأضحى مصدرا للخوف والانزعاج والتوتر من أغلب فئات المجتمع كما أنه أصبح خطرا حتى على الاقتصاد الوطني والاستقرار الأمني والاجتماعي في البلاد بفعل موجة العنف المتواصلة وغير المسبوقة التي يقوم بها التيار السلفي ومختلف الحركات المحسوبة عليهم.

 

إنّ اجتياح المدّ السلفي في البلاد بصفة ملفتة للانتباه و"سكوت" أو "صمت" قصر قرطاج وقصر القصبة وقبة البرلمان بباردو عن التجاوزات التي يأتي بها السلفيون، جعل الرأي العام ومكونات المجتمع المدني في تونس يتحركان ويعبران عن رفضهما القطعي لمثل هذه الإعمال التي تجاوزت الخط الأحمر في سلم الأمن والأمان في البلاد.

 

يرى العديد من المحللين السياسيين وممثلي الأحزاب والمجتمع المدني أن التيار السلفي هو الجناح غير المعلن وغير المُصرّح به لحركة النهضة التي رغم تصريحات قيادييها ورموزها رفضهم العنف لم تقنع الرأي العام بدليل ما ذهب إليه أغلب المتابعين للأوضاع تعمد عدم التتبع القانوني والقضائي لجلّ ما قاموا به أنصار التيار السلفي من أعمال تهديد وتخريب للممتلكات العامة واكتفاء وزير الداخلية علي العريض في ندوة صحفية بأنه سيتم اللجوء إلى استعمال السلاح لكل من يهدد الأمن الوطني من دون إدانة السلفيين أو توجيه التهم إليهم مباشرة.

 

بناء على ما تقدم فإن مجمل هذه العناصر والوقائع قد جعلت صورة حركة النهضة الحزب الأكثر شعبية في تونس خاصة في الفئات والأوساط الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة وكذلك لدى النخب والمثقفين بدأت تهتز نسبيا وتتزعزع على خلفية أفعال وأعمال التيار السلفي ولامبالاة الحركة في معالجة هذه الظاهرة، بما من شأنه أن يؤثر على الحركة في الانتخابات القادمة ويجعل الأحزاب الأخرى المنافسة من هذه العملية ورقة انتخابية ونعني بذلك ورقة الأمن والاستقرار لكسب ودّ الناخبين وثقتهم بعد أن عجزت النهضة عن مداواة العديد من الظواهر الاجتماعية وبدأت تحيد عن تجسيم برامجها الانتخابية وما وعدت به المواطن.

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.