على إثر حادثتي سيدي بوزيد وصفاقس.. القضاء التونسي في قفص الاتهام

يعيش القضاء التونسي حالة من التذبذب وعدم التوازن بعد الثورة حيث لم يخل أداؤه من الهنات ونقاط الضعف التي تثير أكثر من نقطة استفهام حول مدى قوة هذا الجهاز وقابليته للتغيير نحو الديمقطراية المنشودة

بعد حادثتي سيدي بوزيد وصفاقس.. القضاء التونسي في قفص الاتهام!

 
 

يعيش القضاء التونسي حالة من التذبذب وعدم التوازن بعد الثورة حيث لم يخل أداؤه  من الهنات ونقاط الضعف التي تثير أكثر من نقطة استفهام حول مدى قوة هذا الجهاز وقابليته للتغيير نحو الديمقطراية المنشودة في البلاد.

 

وبالرغم من أصوات القضاة بجمعية ونقابة القضاة التونسيين المطالبة بتحقيق استقلالية هذا القطاع عن السلطة التنفيذية وعن دوائر الأعمال المتنفذة باعتبار أهميته الكبرى في تحقيق العدالة الانتقالية وارجاع الحقّ إلى كل المظلومين فإن تجاوزات سجلت في عدد من المحاكم التونسية من شأنها أن تفتح أبواب الشكوك وتنشر المخاوف من تدجين  القضاء.

 

فبعد الأحكام التي صدرت إبان الثورة ضدّ الرئيس السابق زين العابدين بن علي والتي لا يمكن التغافل عن النقائص التي شابتها، على غرار عدم كفاية الأدلة في قضية المخدرات التي تمّ اكتشافها في قصر قرطاج، تبيّن لاحقا أنها تابعة لصهر المخلوع صخر الماطري، في حين لم يتمّ إلى حدّ الآن النظر في قضايا التجمع المنحل والفساد الإداري والمالي التي رفعتها لجنة الفساد والرشوة للمرحوم عبد الفتاح عمر.

 

كما يلاحظ من خلال القضايا التي بت فيها القضاء بصفة استعجالية ارتباط  أغلب هذه القضايا بالمشهد السياسي التونسي  حتى أنه يتراءى للبعض أن القضاء أصبح مسيسا مما جعله في موضع انتقادات حول مدى حياده عن مجرى الأحداث في تونس على غرار قضية قناة "نسمة" وجريدة "التونسية" وإنزال العلم من مبنى كلية الآداب بمنوبة وقضايا ضدّ المحتجين في عدد من جهات البلاد.

وهناك قضايا أخرى كانت مزاجية مثل قضية والدة محمد البوعزيزي التي أحالها قاض إلى المحاكمة في وقت زمني قصير بعد مشادة كلامية بينهما.

 

ولكن ما يلفت للانتباه وما يمكن اعتباره بالأمر الخطير ما حدث من ضغوطات على القضاء التونسي في كل من سيدي بوزيد على إثر ايقاف مجموعة من الشبان بعد مشاركتهم في مسيرة احتجاجية على  قطع مياه الشرب، وفيما يعرف بقضية  نقابيين مستشفى الهادي شاكر بصفاقس.

 

فقد أثرت ضغوطات الاتحاد العام التونسي للشغل بتنفيذ إضرابات في قطاعات حساسة في صفاقس، ثاني أكبر مدينة في تونس، وتنفيذ إضراب عام في سيدي بوزيد على مردود القضاء الذي أكدت عدّة أطراف أنه كان جائرا في حقّ الموقوفين وكانت مساندته للحكومة المؤقتة "عمياء".

 

وكان الاتفاق بين الحكومة والمنظمة الشغيلة القاضي بالإفراج عن الموقوفين، مقابل ايقاف الإضرابات قد أثار حفيظة جمعية القضاة التونسيين التي أدانت هذا الموقف واعتبرته تعديا على القضاء وعلى دوره كسلطة من سلطات الدولة.

 

وشددت الجمعية على أن ما تشهده البلاد من تهميش لدور القضاء سيؤثر في استقلالية قراراته، معيبة على الحكومة التباطؤ في إقرار الضمانات القانونية لاستقلال القضاء، ومحذرة  من مغبة من استمرار هذا الوضع على سلامة مسيرة الانتقال الديمقراطي في البلاد.

 

مريم التايب

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.