في ظلّ التجاذبات السياسية وتغوّل التيارات المتشددة.. الغموض يلف مستقبل تونس

تخطو تونس خطى ثقيلة نحو الاستقرار بعد الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن على على أمل إرساء نظام ديمقراطي ضمن التكافؤ والمساواة بين الأشخاص و الجهات ويرفع من مستوى عيش التونسيين الذين تعاني نسبة 24.7 بالمائة منهم من الفقر ويعاني 19 بالمائة البطالة…



في ظلّ التجاذبات السياسية وتغوّل التيارات المتشددة.. الغموض يلف مستقبل تونس

 

تخطو تونس خطى ثقيلة نحو الاستقرار بعد الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن على على أمل إرساء نظام ديمقراطي ضمن التكافؤ والمساواة بين الأشخاص و الجهات ويرفع من مستوى عيش التونسيين الذين تعاني نسبة 24.7 بالمائة منهم من الفقر ويعاني 19 بالمائة البطالة.

 

وقد كان الأمل كبيرا بعد الإطاحة  برموز النظام السابق في تحقيق هذه الأهداف واشتغل التونسيون يدا واحدة على تحسين صورة تونس وثورتها في العالم، فكانت انتخابات المجلس التأسيسي ثمرة آمال انتظرها هذا الشعب  لسنوات طوال.

 

ولكن لا تجرى الرياح كما تشتهى السفن إذ انقلبت الصورة بعد الانتخابات تماما لتدخل تونس في تجاذبات سياسية وأزمات اقتصادية واجتماعية متواترة، علاوة على تكرر مشاهد العنف من قبل التيار السلفي المتشدد وعجز الحكومة التي انبثقت عن المجلس التأسيسي في كبح جماح هذا التيار ومعالجة أهم القضايا العالقة. 

 

وكانت الحسابات  الحزبية الضيقة والتنافس "الشرس" على سدة الحكم  والتي وصلت إلى رحاب المجلس المنتخب إلى جانب احتراز أغلب المؤسسات الحقوقية ومكونات المجتمع المدني في مقدمتهم الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والنساء الديمقراطيات ذات المرجعية العلمانية التقدمية من حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي.

 

فطغت المخاوف من هذه الحركة التي فازت بالأغلبية في الانتخابات من إرساء نظام دكتاتوري إسلامي (تيوقراطي) سيما وأن هذا الحزب في بدايات إنشاءه كحركة الاتجاه الإسلامي لم يكن يؤمن بالديمقرطية فضلا عن تورطه في أعمال عنف خلال التسعينات.

 

ولا شك أن هذا الواقع السياسي المتشعب أثّر على مردود قطاع الاقتصاد الوطني خاصّة في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطن وتواصل ارتفاع نسبة البطالة وتفشي الفقر، وهو ما من شأنه أن يزيد من غموض مستقبل الثورة التونسية ويفتح المجال لعودة النظام الاستبدادي.

 

فانعدام الثقة بين مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية بما في ذلك الإعلام سيعكس صورة سلبية لتونس في الخارج وقد تشهد البلاد عزوف الشركات العالمية الكبرى والبلدان عن الاستثمار في القطاعات الحيوية واحتزار البنوك الدولية، علاوة على انتشار المشاعر السلبية لدى التونسيين وقبولهم بالأمر الواقع.

 

كما أن تغوّل التيار السلفي المتشدد أمام صمت متعمد أو عفوي من قبل الحكومة المؤقتة عكس سلبا على شعور التونسيين بعدم الاستقرار، علاوة على تردد الحكومة في مقاومة الفساد ومحاكمة المتورطين في النظام السابق وتعاملها مع رموز من التجمع الدستوري الديمقراطي المنخل على غرار محافظ البنك المركزي وعدد من المسؤولين بدوايين وزارية.

 

فعلى المجلس الوطني التأسيسي الذي يعد السلطة التشريعية الأصلية في البلاد أن يثبت للتونسيين أن مصلحة البلاد اكبر من أية حسابات حزبية وأن يتحمل مسؤوليته التاريخية وذلك بمحاسبة هذه الحكومة ولما لا توجيه لائحة لوم وذلك من اجل تصويب المسار الديمقراطي وتفادى إجهاض الثورة بصفة مبكرة. 

 

كما أن على هذه الحكومة التي يترأسها الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي أن تنظر بواقعية إلى المشهد التونسي وتكف عن التشبث بعدد من وزرائها الذين تميزوا بضعف أدائهم من بينهم  وزير الداخلية وسجين النهضة السابق على العريض ووزراء التشغيل والتربية والتعليم العالي والفلاحة والتجارة والصناعة وعدد من المستشارين ومنهم المستشار السياسي.

 

مريم التايب    

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.