جدل حول شرعية الحكومة بعد 23 أكتوبر واستياء كبير من محمد عبو

يتواصل الجدل داخل الأوساط السياسية في تونس حول موعد 23 أكتوبر 2012 الذي يتزامن مع مرور عام كامل على انتخاب المجلس التأسيسي وبالتالي على موعد انتهاء المدة الممنوحة له للانتهاء من إعداد دستور (عاما واحدا)، في ظلّ تصاعد الانفلات الأمني

جدل حول شرعية الحكومة بعد 23 أكتوبر واستياء كبير من محمد عبو

 
 

يتواصل الجدل داخل الأوساط السياسية في تونس حول موعد 23 أكتوبر 2012 الذي يتزامن مع مرور عام كامل على انتخاب المجلس التأسيسي وبالتالي على موعد انتهاء المدة الممنوحة له للانتهاء من إعداد دستور (عاما واحدا)، في ظلّ تصاعد الانفلات الأمني بعد حادثة الاعتداء الخطيرة على السفارة الأمريكية وظهور احتجاجات في بعض المناطق الداخلية وتدهور الوضع الاجتماعي بصورة عامة.

 

وقد فجّر أمين عام في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (الذي يتزعمه المنصف المرزوقي) ووزير الاصلاح الاداري المستقيل من الحكومة محمد عبو قنبلة من العيار الثقيل، مؤخرا، أثارت استياء كبيرا وتسببت له في انتقادات لاذعة وموجة من السخط من قبل السياسيين والحقوقيين على حدّ السواء.

 

وذكر عبو على موجات إذاعة موزاييك أن من يخرج للتظاهر يوم 24 أكتوبر لدعوة الحكومة للتنحي ولدعوة المجلس التأسيسي للتوقف عن العمل ولمطالبة رئيس الجمهورية بالتنحي يعتبر في عداد من يرتكب اعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وتنطبق عليه بالتالي عقوبة الإعدام المنصوص عليها بالمجلة الجنائية.

 

وقال عبو إن الحكومة الحالية تتمتع بكامل الشرعية وبالتالي فإن من سيخرج للتظاهر ضدها يوم 24 أكتوبر المقبل عبر استعمال العنف يكون قد ارتكب جريمة الفصل 72 من المجلة الجنائية، الذي ينصص على أنه "يعاقب بالإعدام كل من ارتكب اعتداء مقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض بالسلاح وإثارة الهرج والقتل بالتراب التونسي".

 

وأضاف أنه على من يدعو للخروج للتظاهر يوم 24 أكتوبر القادم عليه أن يفكر أولا في مصلحة البلاد وفي استقرارها الامني والاقتصادي، وهي مسائل لا يجوز التلاعب بها اليوم بعد أن شرعت البلاد في استرجاع جانب هام من استقرارها وبدا اقتصادها يسترجع عافيته، وفق قوله.

 

وذهب عبو إلى القول إن من يدعون للتظاهر يوم 24 أكتوبر 2012 هم الذين قامت ضدهم الثورة في 2011 ويريدون اليوم إعادة التموقع في الدولة، موجها أصابع الاتهام إلى حركة نداء تونس.

 

وقد تسببت تصريحاته تلك في توجيه انتقادات لاذعة له، حيث تساءل كثيرون كيف لحقوقي ومناضل مثله طالما دافع عن حرية التعبير والرأي في عهد بن علي ودخل السجن بسبب ذلك وتضامن معه كثير من المعارضة آنذاك، أن يلمح إلى إمكانية إعدام كل من يخرج للتظاهر يوم 24 أكتوبر؟

 

وقالت إحدى الزميلات الصحفيات للمصدر "كان على محمد عبو أن يخيط فمه من جديد قبل أن ينطق بذلك"، في إشارة إلى أنه كان قد خيط فمه في عهد بن علي دفاعا على حرية التعبير.

 

ويتهم البعض محمد عبو بأنه مبطح لحركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم، ويرى بعضهم أن استقالته من الحكومة بسبب محدودية صلاحياته كوزير سابق مكلف بالإصلاح الإداري، تأتي في اطار توزيع الأدوار داخل حزب "المؤتمر"، والاستعداد للانتخابات المقبلة، مجهولة الموعد.

 

ويبقى الجدل حول تاريخ 23 أكتوبر قائما إلى حين إيجاد صيغة توافق بين الحكومة الحالية وبقية القوى السياسية، ويأمل كل التونسيين بان يتم ذلك في ظروف هادئة وبعيدة عن لغة العنف وتبادل التهديد والوعيد بين السلطة الحالية ومعارضيها.

 

وتحدث في الفترة الأخيرة حقوقيون وسياسيون عن انتهاء شرعية الحكومة القائمة حاليا باعتبار انتهاء المدة الممنوحة للمجلس التاسيسي لكتابة دستور ، ويستندون  في ذلك إلى  أمر أصدره الرئيس الأسبق فؤاد المبزع في أوت 2011 وينص على ان المجلس التأسيسي يقوم باعداد دستور للبلاد في ظرف عام من انتخابه.

 

ويقول ملاحظون إن شرعية المجلس التأسيسي تنتهي يوم 23 أكتوبر 2012 وبالتالي فإن شرعية بقية السلطات المنبثقة عن المجلس التأسيسي وهي الحكومة ورئاسة الجمهورية تنتهي بدورها يوم 23 أكتوبر.

 

وسبق لعدد من المسؤولين في الحكومة وكذلك لقيادات في حركة النهضة ولنواب من التاسيسي أن التزموا أكثر من مرة خلال تصريحات اعلامية قبل انتخابات 23 اكتوبر وبعدها بأن الفترة الانتقالية التي سيتم خلالها اعداد دستور من المجلس التاسيسي والاعداد لتنظيم انتخابات لا يمكن أن تتجاوز عاما واحدا.

 

واعتبر كثيرون أن هذا الالتزام من القيادة الحالية أخلاقي وينضاف إلى ما نص عليه القانون (أمر أوت 2011).

 

غير أن ملاحظين آخرين يرون أن شرعية الحكومة والمجلس التاسيسي لا تنتهي يوم 23 أكتوبر 2012 بما أن التنظيم المؤقت للسلط العمومية الذي انطلق العمل به منذ 16 ديسمبر 2011 لا ينص على أي أجل تنتهي فيه شرعية الحكومة الحالية والمجلس التاسيسي من الناحية القانونية.

 

وكل ما نص عليه هو أنه يبقى منطبقا إلى حين وضع دستور جديد للبلاد واجراء انتخابات جديدة لمختلف السلط حيث نص في  الفصل الأول منه على أنه "تُـنظم السلط العمومية بالجمهورية التونسية تنظيما مؤقتا وفقا لأحكام هذا القانون إلى حين وضع دستور جديد ودخوله حيز التنفيذ ومباشرة المؤسسات المنبثقة عنه لمهامها".

 

وليد بالهادي

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.