تونس- الدولة تعلن الحرب على المعتدين على الأراضي الدولية الفلاحية

سجلت منذ اندلاع الثورة في تونس عديد الاعتداءات على الأراضي الفلاحية الدولية إما بصفة الانتقام من المتسوغين غير المقبولين من رجالات النظام السابق وأعوانه المخلصين الذين كافئهم بن علي مثلما فعل بورقيبة من قبله بأخصب الضيعات الفلاحية التي هي على ملك الشعب التونسي بالأساس …كما طالت…



تونس- الدولة تعلن الحرب على المعتدين على الأراضي الدولية الفلاحية

 

سجلت منذ اندلاع الثورة في تونس عديد الاعتداءات على الأراضي الفلاحية الدولية إما بصفة الانتقام من المتسوغين غير المقبولين من رجالات النظام السابق وأعوانه المخلصين الذين كافئهم بن علي مثلما فعل بورقيبة من قبله بأخصب الضيعات الفلاحية التي هي على ملك الشعب التونسي بالأساس …كما طالت الاعتداءات أيضا  الأراضي التي هي على ذمة شركات الأحياء والتنمية الفلاحية  وطالت أيضا المقاسم الفلاحية الموزعة على الفنيين الفلاحيين وحتى بعض الضيعات التابعة لديوان الأراضي الدولية…ولئن تواصلت هذه الوضعيات الحرجة دون تدخل من السلط الجهوية أو الوطنية بصفة واضحة  فإن  الأمور مدعوة للتطور السريع بعد أن دقت وزارة الفلاحة ناقوس الخطر مع بداية الموسم الفلاحي الجديد… 

وتفيد المصادر المكلفة بهذا الملف أن ما يقدر ب12.500 هكتار من الأراضي تم  الاستيلاء عليها أو منع أصحابها من العمل بها تتوزع بين 29 شركة إحياء (9700 هك) و35 مقسم فلاحي (2750 هك) و4 مقاسم لفلاحين شبان وتمثلت الاعتداءات بالخصوص في عمليات نهب وافتكاك حوز ومشاغبات للمتصرفين في الضيعات المذكورة مما تسبب في إتلاف الإنتاج وسرقة المواشي والمعدات الفلاحية  …وقد طالت الفترة التي عانت منها هذه الضيعات من التسيب مما تسبب في أضرار جسيمة ويخشى إذا ما تواصلت الأحوال أن يؤدي الأمر إلى إتلاف و ضياع هذه الثروة الفلاحية الوطنية …

وبالعودة لملف الأراضي الدولية ككل فإن المعروف أن المساحة الجملية للأراضي المذكورة تناهز 300 ألف هكتار من أجود وأخصب الأراضي التونسية وهي الأراضي التي أممت في 12 ماي 1964 عندما استعادت الدولة التونسية هذه الأراضي من المعمرين الفرنسيين إبان ما عرف حينئذ بالجلاء الزراعي في تونس. ويمتلك ديوان الأراضي الدواية حوالي نصف هذه الأراضي بينما تتوزع البقية على عدة ضيعات في مختلف أنحاء البلاد …وكانت الأوضاع بعد الثورة قد ألبت المواطنين ضد المستفيدين من المقربين من النظام السابق الذين وهبهم بن علي  حوالي 24 من الضيعات تتراوح مساحاتها بين 500 و2700 هك أحيانا من أجود الأراضي ونذكر من هؤلاء مجمد علي القنزوعي وعلي السرياطي زالجنرال بركات وغيرهم …

وقد تولت لجان جهوية إضافة إلى اللجنة الوطنية المكلفة بالملف القيام بجرد للوضعيات الحالية انطلاقا من الزيارات الميدانية والمعاينة للوضعيات المختلفة للنظر في مختلف أوجه الإخلال بشروط التعاقد في استغلال هذه الأراضي ,والمعروف أن الدولة لا تفرط في هذه الأراضي إلا على وجه الكراء لمدة معينة  ولا تسمح أيضا بكل ما من شأنه تقسيم الملكية في هذه الأراضي إلا في بحالات يضبطها القانون …وفي هذا الصدد نشير إلى أن الإخلال بشروط التعاقد يمكن أن يتخذ أوجها عديدة منها الإخلال بالشروط التعاقدية مثل عدم الإيفاء بالطاقة التشغيلية  الدنيا المتفق عليها مع الدولة أو عدم خلاص الكراء المستوجب كما أن الإخلال يمكن أن يكون  بشروط الإنماء كعدم غراسة الأشجار أو عدم استصلاح المساحات المتفق عليها…وقد زارت اللجان الجهوية واللجنة الوطنية عددا كبيرا من الضيعات في الولايات جميعا وشرعت في البحث جديا عن الحلول العاجلة والآجلة أيضا سواء تعلق الأمر بالضيعات التي استحوذ عليها مواطنون من الجوار بدعوى أحقيتهم بها أو بالضيعات التي أبرمت في شأنها العقود بالكراء أو حتى بالتفويت بالنسبة لبعض الحالات من الفنيين الذين انتفعوا بإجراءات خاصة وذلك بالنظر للحاجة الملحة لاقتصاد البلاد وضرورة إحياء هذه الأراضي  …

ونشير إلى أنه وقع تكوين لجان جهوية مؤخرا غرضها تلقي كل الملفات المقدمة من قبل المتسوغين لهذه الأراضي الدولية أو الشبيهة ودراستها للبحث عن أنجع الحلول لوضعياتها المختلفة كما يجري التفكير بجدية حتى في إعادة هيكلة ديوان الأراضي الدولية من حيث مهامه وتمويله وقوانينه وطرق عمله وكذلك إعادة صياغة شروط كراء الأراضي الدولية وبرامج الإنماء المتعلقة بها …وفي هذا الصدد فإن بيانا مشتركا قد صدر مؤخرا بين كل من وزارات الفلاحة وأملاك الدولة والداخلية للتصدي للفوضى العارمة التي تعرفها الأراضي الدولية وأساسه حماية المستثمر والمواطن في نفس الوقت وكذلك حماية العامل في هذه الأراضي والذي تضرر أشد الضرر من الوضع المتسيب الحالي…وسوف

 

يمنح المتسوغون مهلة لتسوية وضعياتهم تمتد من 10 أيام إلى ثلاثة أشهر حسب نوعية الإخلال قبل أن تعمد الدولة إلى إلغاء عقود الكراء كما أن المواطنين المستحوذين على أراض دولية بدون وجه حق سوف يجابهون بقوة القانون لاسترداد ما استحوذوا عليه…

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.