تراشق خطير بالاتهامات بين جمعية القضاة التونسيين ووزارة العدل

انتقد بعض القضاة التونسيين تصريحات وزير العدل نور الدين البحيري، الذي هاجم بشدة إضراب جمعية القضاة التونسيين، أمس الخميس، للمطالبة باستقلالية القضاء والاحتجاج على الحركة القضائية الأخيرة…



تراشق خطير بالاتهامات بين جمعية القضاة التونسيين ووزارة العدل

 

انتقد بعض القضاة التونسيين تصريحات وزير العدل نور الدين البحيري، الذي هاجم بشدة إضراب جمعية القضاة التونسيين، أمس الخميس، للمطالبة باستقلالية القضاء والاحتجاج على الحركة القضائية الأخيرة.

 

وعبّر وزير العدل عن خشيته من وجود "أجندة سياسية" من وراء الاعتصام الذي دعا له المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين "تهدف إلى تهيئة الأجواء لما يمكن أن يحصل يوم 23 أكتوبر من محاولات لإيهام الشعب بانتهاء شرعية المجلس التأسيسي والحكومة المنبثقة عنه".

 

وقال البحيري إنّ الدعوة للاعتصام "خطيرة" و"لا مبرر لها" من جهة كونها تزيد من حالة التشكيك في عمل القضاء في وقت تسعى فيه الدولة على إعادة ثقة المواطن في هذا القطاع عبر العمل على تطهيره من الفاسدين الذين خدموا نظام المخلوع وأتباعه، وفق تعبيره.

واستغرب حصول هذا الاعتصام "في وقت كان ينبغي فيه أن يقوم القضاة بالدفاع عن زملائهم الذين يتعرضون للشتم والسب في سياق الحملة المشبوهة التي أثيرت حول قضية الفتاة المغتصبة وغيرها من القضايا"، على حدّ قوله.

 

وفي حوار تلفزي بثته مساء الخميس "الوطنية 2" تمّ استدعاء القاضية كلثوم كنو رئيس جمعية القضاة التونسيين والقاضي أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء وأحمد السافي عضو المجلس التأسيسي عن حزب العمال الشيوعي ومحمد فاضل السايحي مكلف بمهمة في ديوان وزير العدل، للحديث عن الأزمة التي يمرّ بها القطاع القضائي.

 

وردّا على اتهامات وزير العدل الخطيرة، قال أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء إنّ التحرّك الذي قام به القضاة أمس الخميس "احتجاج شرعي"، مشددا على أنه تمّ داخل مقرّ جمعية القضاة، ولم يعطل سير العمل القضائي بالمحكمة الابتدائية بتونس.

 

واتهم الرحموني وزير العدل النهضاوي نور الدين البحيري بانتهاج أسلوب تجريم العمل الجمعياتي للقضاة وشيطنته واعتماد نظرية المؤامرة على الثورة لضرب عمل جمعية القضاة التونسيين، مشيرا إلى أنها أساليب تجريمية استعملها النظام السابق لضرب القضاة.

 

من جهتها، قالت القاضية كلثوم كنو رئيس جمعية القضاة التونسيين ردّا على اتهامات أخرى جاءت على لسان محمد الفاضل السايحي المكلف بمأمورية بوزارة العدل، الذي اتهم بطريقة غير مباشرة جمعية القضاة بتسييس تحركاتها بالتزامن مع تحركات معارضة تريد سحب الشرعية من الحكومة الحالية، بأنها اتهامات غير مسؤولة ولا تليق عن مسؤول بوزارة العدل، حسب قولها.

 

وقالت كلثوم كنو إن جمعية القضاة التونسيين لا علاقة لها بما يحدث من تحركات احتجاجية في البلاد، وشدّدت على أن الاحتجاج الذي شنته جمعية القضاة التونسيين جاء كرد فعل مباشرة بعد أيام من الإعلان عن الحركة القضائية "المزعومة"، التي تمت في 13 سبتمبر الماضي.

 

واعتبرت أن الاتهامات الموجهة لجمعية القضاة بأنها تدعو للفراغ وتسييس عملها بما يفقد الحكومة من شرعيتها، "باطلة" وتنم على عقلية الماضي التي كان يجرم بها الرئيس المخلوع أي تحرك احتجاجي، حسب تعبيرها.

 

وجاءت انتقادات القاضية كلوم كنو، ردا على اتهامات أطلقها محمد الفاضل السايحي المكلف بمأمورية بوزارة العدل الذي قال إن هناك شبهة في تحرك القضاة المضربين لأنها تتقاطع مع تحركات أخرى تطالب بسحب الشرعية من الحكومة يوم 23 أكتوبر الحالي.

 

وذكر بأنه في تحرك 09 أفريل الماضي، نشرت جمعية القضاة بيانا ساندت فيه الخروج للشارع وانحازت لجهة دون أخرى، وهو ما ينفي عنها مبدأ الحياد والموضوعية، وفق رأيه.

 

وأشار إلى أنه لما تعرضت العديد من المحاكم لعمليات حرق في جوان الماضي (من قبل متشديين احتجوا على الرسوم التي قيل  إنها مسيئة عرضت بقصر العبدلية بالمرسى) قررت جمعية القضاة الإضراب، وهو تحرّك يزعزع الاستقرار، حسب تعبيره.

 

وقال إن جهود وزارة العدل التي أمضت منذ أيام على اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لإصلاح المحاكم المحروقة ودعم الجهود الثنائية في المجال القضائي قابلتها الدعوة للإضراب من قبل جمعية القضاة التونسيين.

 

وشهدت الساحة القضائية منذ إعلان وزير العدل عن الحركة القضائية بواسطة إحياء المجلس الأعلى للقضاء (بالرغم من حله بتعليق الدستور القديم باعتباره جهازا معينا من قبل الرئيس المخلوع وشابته انتخابات مزيفة)، احتجاجات متتالية من قبل جمعية القضاة التونسيين، التي رفضت طريق إجراء الحركة القضائية عن طريق المجلس الأعلى للقضاء، المتهم بالفساد.

 

واتهمت الجمعية وزير العدل بترقية قضاة تورطوا في محاكمات سياسية في عهد بن علي، لكن وزير العدل قال إن الحركة القضائية ثورية وإن 90 بالمائة من القضاة راضون عنها.

 

يشار إلى أنّ هذه الأزمة تفجرت بسبب عدم تمكن المجلس التأسيسي من المصادقة على قانون يحدث الهيئة الوقتية للقضاء وفق ما نص عليه القانون المنظم للسلطات العمومية.

 

خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.