التجمعيون في رأي “الترويكا”: حرام على السياسة حلال على الإدارة!!!

لا يكاد يمرّ يوم واحد في تونس دون أن يقع فيه التطرّق عبر وسائل الإعلام وفي الشارع وتحت قبة المجلس التأسيسي إلى قضية إقصاء “التجمعيين” من الحياة السياسية

التجمعيون في رأي "الترويكا": حرام على السياسة حلال على الإدارة!!!

 
 

لا يكاد يمرّ يوم واحد في تونس دون أن يقع فيه التطرّق عبر وسائل الإعلام وفي الشارع وتحت قبة المجلس التأسيسي إلى قضية إقصاء "التجمعيين" من الحياة السياسية.

 

ولا يزال النقاش قائما صلب المجلس الوطني التأسيسي حول مشروع قانون يهدف إلى إقصاء التجمعيين من المسؤوليات السياسية القادمة.

 

ويشن أعضاء الحكومة الحالية وأنصار "الترويكا" وحركة النهضة الإسلامية بشكل عام حملة شرسة منذ مدّة تجاه "التجمعيين" قصد إبعادهم عن العمل السياسي وعن تكوين الأحزاب.

 

ويواجه حزب "نداء تونس" المكون حديثا والذي ضمّ وجوها سياسية سابقة من الوزن الثقيل، حملة واسعة قصد عرقلة نشاطه وربما حرمانه من الترشح في الانتخابات القادمة باعتباره يضم وجوها توصف بـ"التجمعية " وسبق أن تقلدت مناصب سياسية في عهد بن علي.

 

ونص مشروع قانون تقدم به سابقا حزب المؤتمر من أجل الجمهورية و ناقشه نواب لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية وتم تمريره الى لجنة التشريع، على أن "كل أعضاء الحكومات في الفترة الممتدة من 7 نوفمبر 1987 إلى 14 جانفي 2011 وكذلك كل من تحمل المسؤوليات التالية في التجمع الدستوري الديمقراطي: أمين عام، أو أمين عام مساعد، أو عضو ديوان سياسي، أو عضو لجنة مركزية، أو كاتب عام لجنة تنسيق، أو كاتب عام جامعة، أو رئيس شعبة، مقصيون من الحياة السياسية، وذلك لمدة 5 سنوات من صدور هذا القانون".

 

ويبارك أغلب النواب، لا سيما نواب حزب النهضة والتكتل هذا المقترح ويعتبرونه من ضمن أهداف الثورة و من استحقاقاتها ولضرورة تحصينها من رموز سياسية اذنبت في حق الشعب.

 

تعيين تجمعيين

 

غير أن هذا المقترح الذي تتمسك به أحزاب "الترويكا" ومن ورائها الحكومة يقابله من جهة أخرى تناقض صارخ وهو المتعلق بقيام الحكومة بتعيينات متتالية لتجمعيين في المناصب الإدارية العليا والحساسة بالبلاد.

 

فمن جهة، تريد الحكومة إقصاء "التجمعيين" من الحياة السياسية، لكن من جهة أخرى تريد المحافظة عليهم في المناصب الإدارية الهامة.

 

والمتابع للتعينات الحكومية يلاحظ الكم الهائل من التسميات لمستشارين وموظفين كبار كانوا معروفين بولائهم التام إلى الرئيس السابق بن علي، لكنّ حركة النهضة الحاكمة لم تتخل عنهم بل كافأتهم بأعلى المراكز أحيانا.

 

وجاء تعيين التجمعي السابق عمارة التليجاني واليا على سيدي بوزيد ليزيد من درجة الغموض حول تصرفات الحكومة الحالية ومن ورائها حركة النهضة.

 

فعمارة التليجاني هو واحد من ضمن مئات المسؤولين البارزين لفترة حكم بن علي وهو بكل تأكيد تجمعي سابق باعتباره اشتغل سابقا في مناصب لا يمكن إسنادها لغير التجمعيين على غرار رئيس المندوبية العامة للتنمية الجهوية ورئيس مصلحة القطاعات المنتجة بالإدارة المركزية للمعلومات الجهوية بالمندوبية العامة للتنمية الجهوية ومدير جهوي للتنمية بسيدي بوزيد.

 

ومن أبرز الأمثلة التي أثارت جدلا في الفترة الماضية تعيين الشاذلي العياري، أحد المسؤولين البارزين في فترة حكم بن علي، محافظا للبنك المركزي، إضافة إلى تعيينات أخرى عديدة.

 

كما أنّه بشهادة الملاحظين والمتابعين فإن الحكومة ما فتئت تعيّن من حين لآخر مسؤولين سابقين صلب مناصب عليا وحساسة في البلاد.

 

ويقول الملاحظون إن حكومة "الترويكا" بهذه التعيينات تنوي الاستفادة من الخبرات الكبيرة للمسؤولين التجمعيين حتى تنجح في تأمين العمل الإداري وتؤمنه ضد الاهتزازات وضدّ تذمرات المواطنين.

 

فالحكومة متأكدة من أن أغلب الخبرات في العمل الإداري لا يمكن توفيرها إلا بالعودة إلى "التجمعيين" بحكم السنوات الطويلة التي قضوها في بعض المناصب الحساسة خلال فترة حكم بن علي.

 

لكن من جهة أخرى فإن الحكومة لا تريد من يشاركها العمل السياسي لذلك فهي تسعى جاهدة لإقرار قانون إقصاء "التجمعيين" وهو ما يفسر  اعتماد مشروع القانون المقترح على عبارة "مقصيون من الحياة السياسية" ولم يستعمل عبارة "مقصيون من الحياة الإدارية".

 

وبذلك يمكن القول إن "التجمعيين" في رأي الحكومة الحالية حرام على السياسة، لكنهم في المقابل حلال على الإدارة.

 

وليد بالهادي

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.