تونس- أسئلة ما بعد 23 أكتوبر

مرت ذكرى الانتخابات الأولى بسلام ولم تشهد البلاد ما كانت تنذر به يعض التوقعات المتوجسة من حرب داخلية ستندلع حول الشرعية …ولإن لم تندلع هذه الحرب فإن خطوط التماس السياسية بين الحكم والمعارضات المختلفة قد تحركت نوها ما تحت ظغط الشارع والنخب وانتهت باعتراف الترويكا الحاكمة



تونس- أسئلة ما بعد 23 أكتوبر

 

 

مرّت ذكرى الانتخابات الأولى بسلام ولم تشهد البلاد ما كانت تنذر به يعض التوقعات المتوجسة من حرب داخلية ستندلع حول الشرعية …ولإن لم تندلع هذه الحرب فإن خطوط التماس السياسية بين الحكم والمعارضات المختلفة قد تحركت تحت ضغط الشارع والنخب وانتهت باعتراف الترويكا الحاكمة بضرورة تحديد سريع للرزنامة السياسية للفترة الانتقالية المتبقية …ولكن الأسئلة الكبرى التي تخنق الساحة السياسية والاجتماعية في البلاد لا تزال تراوح مكانها وتطرح بحدة كالعادة…

 

1 . العنف السلفي .. عود على بدأ

كان لحادث الاعتداء على ضابط كبير في الحرس الوطني في ولاية منوبة يوم الأحد المنقضي وقع مدو لدى الجميع لأنه جاء في أواخر أيام العيد ولأن كثيرين ظنوا أن ما حدث في السفارة الأمريكية  قد يكون البداية للحد من العنف السلفي ولكن الواقع يفند ذلك ويلقي الاعتداء الذي تعرض له الرائد وسام بن سليمان, رئيس فرقة الأمن العمومي للحرس الوطني بمنوبة، بظلاله على المشهد ليعيد إلى الأذهان خاصة حجم الورطة التي وقعت فيها حركة النهضة وشركاؤها في الحكم جراء تواصل هذا العنف السلفي وغياب الوقفة الحازمة ضده…ويصب هذا الحادث في خانة المعارضة التي تطالب بإلحاح ومنذ الاعتداء على السفارة الأمريكية بإقالة علي العريض من منصبه وتحييد وزارة الداخلية حتى تتمكن من أداء دورها كاملا في حماية المواطنين والممتلكات والنظام الديمقراطي الوليد…

 

2 . الهيئات التعديلية وشبح التنازع السياسي

بالرغم عن أهمية التوافقات التي حصلت حتى الآن خاصة بخصوص الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبرغم حجم التراجع الذي قامت به النهضة أمام إصرار التكتل على تعيين كمال الجندوبي على رأس هذه الهيئة فإن بقية تفاصيل تركيبة الهيئة وطرق انتخاب أعضائها والاستغلال السياسيوي للمحاصصة الحزبية فيها مازال قائما ولم يحسم بعد، علما بأن هذا الملف يجب أن يحسم وأن الهيئة العليا يجب أن تكون جاهزة قبل نهاية شهر نوفمبر في كل الأحوال… وما ينطبق على الهيئة العليا للانتخابات يسري في الواقع على الهيئة الوقتية للقضاء والهيئة التعديلية للاعلام السمعي البصري وهما الهيئتان اللتان لا إمكانية لإجراء انتخابات نزيهة في غيابهما…

 

3 . القانون الانتخابي والرزنامة والأفق الضبابي 

أقرت الترويكا الحاكمة في اقتراحاتها للرزنامة السياسية الإبقاء على النظام الانتخابي الذي جربناه في انتخابات التأسيسي بالنسبة التشريعية واقترحت أن تجرى الرئاسيات في أواخر شهر جوان وأن تفصل التشريعية عن الرئاسية… وليس في هذه الاقتراحات ما يشين ولكنها لا تحظى بإجماع يمكن من اعتمادها في الوقت الحاضر خاصة وأن معطيات هامّة تتعلق بالانتخابات لا تزال مرتبطة بلحظة الحسم الكامل في اختيار النظام السياسي للبلاد وتحديد صلوحيات رئيس الجمهورية في نظام برلماني معدل تقترحه الترويكا…

وما من شك أن هذا المقترح الذي سيطرح فورا في التأسيسي مدعو إلى المزيد من التنازع والتقاسم قبل حسمه هو أيضا في أسرع الأوقات لارتباك الرزنامة كلها به في واقع الأمر…

 

4 . الإعلام الحكومي والإعلام العمومي وحتى الخاص

بعد أن أعلن رضا السعيدي المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة على نية الحكومة تكوين تلقزة خاصة بها وبعد الانتقادات التي طالت الفكرة تراجعت حكومة الجبالي وأعلنت أنها تفكر في تلفزة على الشبكة دون تكلفة باهضة…وبرغم التراجع فإن الحادثة تلخص قي الواقع المأزق الذي تردت فيه علاقة الحكومة بوسائل الإعلام عمومية كانت أوخاصة والذي بموجبه وجدت الحكومة أن الإعلام يمكن أن يكون الشماعة التي تتحمل وزر كل الأخطاء والإخلالات المعلنة في الآداء الحكومي…

 

وقد وصل الأمر في هذه العلاقة المتوترة إلى حد تنفيذ إضراب عام هو الأول في القطاع الإعلامي والأول عربيا كشكل متقدم من أشكال النضال من أجل الحرية …وتظل ملفات الإعلام كلها مفتوحة الآن دون أجوبة واضحة لا في خصوص تفعيل القوانين 115 و 116 وإنما أيضا في مجال الاشهار العمومي و تطهير المشهد الإعلامي ومحاسبة رموز العهد السابق كما في مجال المال السياسي الذي ينخر حاليا عديد وسائل الإعلام المباعة لمن يدفع…

 

5 . مرجل الاحتقان الاجتماعي في الجهات

ما أن هدأت الأوضاع قليلا  في الحوض المنجمي حتى عاد الاحتقان على أشده على الجبهة الاجتماعية أولا في ولاية سيدي بوزيد وفي قرية العمران بالتحديد ومما زاد الطين بلة الأجوبة الخرقاء للاستعمال المفرط للعنف البوليسي الذي اضطرت معه الحكومة إلى التراجع في آخر الأمر..ولكن المرجل كان يغلي أيضا ومنذ مدة في ولاية قابس وقد اندلعت شرارته يسرعة إثر سوء تحكم حكومي جديد في موضوع الانتدابات في المجمع الكيمياوي ورأينا الحكومة مرة أخرى أو ممثليها في المنطقة على الأقل يعودون إلى الحلول الأمنية والعنف البوليسي وكأن شيئا لم يحدث في قرية العمران … وبعد هدنة العيد لا شك أن الأمور ستعود للتوتر إن لم تبتدع السلطات خطابا جديدا حريا بالاستجابة للحدود الدنيا لما ينتظره الناس…

 

علي العيدي بن منصور

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.