لماذا لم تفتح ملفات الفساد في التلفزة التونسية؟

اكتفت النيابة العمومية بفتح تحقيق فيما ما بات يعرف بقضية شركة “كاكتوس للإنتاج” في ما يخص ملفات الفساد في مؤسسة التلفزة التونسية بالرغم من مرور حوالي عامين على اندلاع الثورة وكشف تقرير دائرة المحاسبات لسنة 2009 عن وجود ملفات فساد إداري ومالي صلب هذه المؤسسة. ..



لماذا لم تفتح ملفات الفساد في التلفزة التونسية؟

 

اكتفت النيابة العمومية  بفتح تحقيق فيما ما بات يعرف بقضية شركة "كاكتوس للإنتاج" في ما يخص ملفات الفساد في مؤسسة التلفزة التونسية بالرغم من مرور حوالي عامين على اندلاع الثورة وكشف تقرير دائرة المحاسبات لسنة 2009 عن وجود ملفات فساد إداري ومالي صلب هذه المؤسسة.

 

وبقيت هذه الملفات سجينة الرفوف ولم تبرز بعد ملامح تطهير مؤسسة التلفزة التونسية في الوقت الذي أصبحت فيه قضية إهدار المال العام من بين بين أهم المسائل التي باتت تشغل الرأي العام.

 

وكانت دائرة المحاسبات قد أصدرت سنة 2009 مجموعة من التقارير تكشف فيها عن حجم الفساد في المؤسسات والإدارات التونسية من أبرزها  الملف المتعلّق بمؤسسة التلفزة التونسية.

 

ولعلّ من أبرز نقاط الفساد المالي والإداري التي جاءت في تقرير دائرة المحاسبات أن 230 عونا جمعوا بين مكافآت الإنتاج ومنح الساعات الإضافية سنة 2009 ما لا يقل عن 506 ألف دينار مقابل برامج لم يتم انجازها.

 

كما انتفع  40 إطارا بعقود إنتاج في حين أنهم يشغلون خططا وظيفية كرئاسة التحرير أو إدارة البرمجة أو غيرها ومنحهم مبالغ خيالية مقابل برامج موجّهة لخدمة جهات معيّنة. وقد وصل حجم المبالغ في شكل عقود إنتاج سنة 2009 إلى 2 مليون دينار.

كما أثبت التقرير أن عديد الموظفين مسجّلون دون أن يشتغلوا وهذا التجاوز مازال متواصلا إلى حدّ اليوم فهناك عدد كبير من الأعوان قابعون في منازلهم أو يشتغلون في أماكن أخرى ويتقاضون أجورهم من التلفزة التونسية إلى جانب تواصل  انتداب المتعاونين الخارجين.

 

ولم تسلم تجهيزات التلفزة من السرقة حيث أثبت التقرير فقدان بعض تجهيزات الإضاءة سنة 2010، وبين خبير فرنسي سنة 2009 أن أستوديو 9 شهد نقصا كبيرا في المعدّات.

 

كما أن أرشيف التلفزة يعاني من الاتلاف والإهمال حيث ثبت أن 200 ألف فيلم تحفظ في ظروف صعبة تجعلها عرضة للاتلاف كما يتم إعارة الأصول وليس النسخ دون رقابة أو محاسبة إذ لم تتم استعادة تسجيلات تخصّ أكثر من 5000 عملية إعارة من 1993 إلى 2009.

 

صفقات مشبوهة كشف عنها تقرير دائرة المحاسبات ومن ذلك أن التلفزة تكتري معدات للتصوير بأكثر من مليون دينار سنويا في حين أن هذا المبلغ يمكّنها من شراء هذه المعدات علاوة على أن ضخامة مبنى المؤسسة لا يترجم حجم الإنتاج الذي مازال هزيلا.

 

كما اقتنت التلفزة التونسية  برامج فاشلة حسب  هذا التقرير مثل برنامج "صحّتنا" الذي أنجز مع شركة "المكشر للإنتاج" بكلفة تجاوزت المليار و300 ألف دينار في حين انه لا يتجاوز الـ 200 ألف دينار كما تم انجاز برنامج «نجوم في الذاكرة» بأرشيف التلفزة، لكنه بيع لها بقرابة 300 ألف دينار… فأين ذهبت هذه الأموال؟

والأغرب من ذلك أن كلفة خبير ياباني لمتابعة تسليم معدات ومتابعة تكوين لم يتم كلّف بـ194 ألف دينار.وكلفة خبير فرنسي لتطوير شريط أنباء لم يتطوّر بلغت 259 ألف دينار سنة 2009.

أما فيما يخص الفساد في مجال الإشهار فأرقامه خيالية ففي سنة 2009 منحت المؤسسة لأحد وكالات الإشهار عرضا استشهاريا بـ 180 ألف دينار في حين أن الثمن الحقيقي 436 ألف دينار.

كما أمضت المؤسسة عقد شراكة مع أحد شركات الخطوط الجوية سنة 2009 قيمة الومضات 83.101 ألف دينار مقابل قيمته تذاكر السفر المجانية 15.788 ألف دينار وغيرها من الأمثلة كثيرة.

نحن هنا أمام سرقات وفضائح وإتلاف وصفقات مشبوهة ومؤسسة ينخرها الفساد من كل جانب يقابلها صمت رهيب من قضاء بيده ملفات لم يبت فيها بعد والأكيد أن ملفات أخرى مازالت طي الكتمان.

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.