مسؤول رسمي يوضح للمصدر كل التفاصيل عن المجلة الجديدة للاستثمار في تونس

تضمن مشروع المجلة الجديدة للاستثمار جملة من الإجراءات الجديدة، تتمثل أبرزها في توحيد الامتيازات الجبائية حسب الأولويات الوطنية وبصرف النظر عن طبيعة النشاط مع إمكانية الجمع بين أكثر من امتياز في صورة تحقيق أكثر م أولوية وطنية…



مسؤول رسمي يوضح للمصدر كل التفاصيل عن المجلة الجديدة للاستثمار في تونس

 

تضمن مشروع المجلة الجديدة للاستثمار جملة من الإجراءات الجديدة، تتمثل أبرزها في توحيد الامتيازات الجبائية حسب الأولويات الوطنية وبصرف النظر عن طبيعة النشاط مع إمكانية الجمع بين أكثر من امتياز في صورة تحقيق أكثر م أولوية وطنية.

واقترح ذات المشروع المحتوي على 72 فصلا، الذي من المنتظر أن يقع النسخة النهائية على أنظار مجلس وزاري مضيق مبرمج مبدئيا ليوم 05 فيفري 2013، حذف الامتيازات المالية والجبائية غير المستعملة بصفة ناجعة والإبقاء على الحوافز التي أثبتت نجاعتها.

كما تمّ اقتراح إمكانية السماح بانتداب الأجانب بسقف محدد في المؤسسات الأجنبية المقيمة في تونس وذلك في حدود 30 بالمائة من عدد الإطارات خلال العامين الأوليين من المشروع على أن تنزل هذه النسبة إلى مستوى 10 بالمائة بعد ذلك قصد مصاحبة المشاريع الجديدة التي تحتاج إلى خبرة معينة فضلا عن السماح بنقل المعارف والمهارات في بعض المجالات.

وارتكز المشروع الجديد على 5 مبادئ لسياسة الاستثمار وهي أولا دعم الأولويات الوطنية وترشيد استعمال موارد الدولة والرفع في القدرة التنافسية للمؤسسة التونسية وإرساء مبدآ الحوكمة الرشيدة في مجال الاستثمار.

وتضمن المبدأ الأول جملة من التوجهات الرامية غلى دعم التنمية الجهوية والمندمجة و والتشغيل وتنمية الرأس مال البشري وارفع في القيمة المضافة والتجديد.

وبالنسبة إلى المبدأ الثاني الخاص بمزيد تحرير الاستثمار فإنه احتوى على عدة توجهات جديدة منها بالخصوص تذليل العراقيل مع المحافظة على المصالح الإستراتيجية وتحسين آليات التشجيع و ودعم الضمانات اللازمة للمستثمرين وفي ما يهم مبدأ ترشيد استعمال موارد الدول تم التنصيص على المحافظة على الموارد الطبيعية والأمن الغذائي إلى جانب العمل على تطوير سبل الشراكة مع القطاع الخاص.

أمّا بشأن مبدأ إرساء مبادئ الحوكمة الرشيدة في مجال الاستثمار فقد تم التأكيد على مراجعة دور الهياكل المكلفة بالاستثمار ودعم الشفافية والموضوعية والحياد في جميع مراحل اتخاذ القرارات الإدارية.

وبخصوص مبدأ الرفع في القدرة التنافسية التونسية فإنه تم التركيز على تشجيع المؤسسات على إتباع مبادئ الحوكمة الرشيدة والمسؤولية الاجتماعية واحترام البيئة.     

وتتمثل الأولويات الوطنية وفق ما أفاد به خليل العبيدي عضو اللجنة التنفيذية المكلفة بإعداد المجلة الجديدة للاستثمار في حديث للمصدر في خمس أولويات أفرزتها الدراسات والمقاربة التشاركية وهي أولا التشغيل وتنمية الرأس مال البشري، وثانيا التنمية الجهوية والمندمجة، وثالثا الرفع في القيمة المضافة والتجديد، ورابعا التنمية المستدامة، وخامسا النهوض بالصادرات ومساعدة المؤسسات على الانتصاب بالخارج (التدويل).

ومن بين ما حمله مشروع المجلة من إضافات جديدة بالمقارنة مع المجلة السابقة بحسب المتحدث إسناد منحة إضافية بعنوان الاستثمار الذي تختص به الجهات le principe de la filière économique والتشجيع على انتداب حاملي الشهادات العليا بصرف النظر عن جهة الانتصاب أو نوعية النشاط وتشجيع عمليات تطوير الكفاءات وتحسين الإنتاجية بمنح امتيازات خصوصية لعمليات المصادقة على الكفاءات la certification des cadres
كما اقترحت المجلة في صيغتها الجديدة تشجيع التكوين في إطار التحكم في التكنولوجيا وتطوير الإنتاجية وتشجيع استثمارات البحث والتطوير علاوة على تحفيز الاستثمارات المادية التي تهدف إلى التحكم في التكنولوجيات الحديثة.

وأضاف العبيدي في السياق ذاته أن المشروع المعروض خصص امتيازات على مستوى المؤسسات الصغرى ترمي إلى تطوير المبادرة الفردية والعمل المستقل وتتمثل هذه الامتيازات في اعتماد مالي يتمّ إرجاعه قصد إيجاد مصادر إضافية في مجال المساعدة على التمويل الذاتي.

وأبرز عضو اللجنة التنفيذية المشرفة على إعداد المجلة الجديدة للاستثمار أن "المشروع الجديد احتوى على محاور جديدة كانت تفتقدها المجلة القديمة الصادرة سنة 1994"، مشيرا إلى هذه المحاور على غاية من الأهمية للمستثمر معتبرا إياها "تساوي أو تفوق التشجيعات والحوافز"، بحسب تقديره.

وتتمثل هذه المحاور في قواعد النفاذ إلى السوق وضمانات المستثمر وواجباته وتسوية النزاعات والإطار المؤسساتي والإجراءات.

وبالنسبة إلى محور النفاذ إلى السوق تضمن المشروع مبادئ حرية الاستثمار والنفاذ إلى الملكية وانتداب الأجانب بسقف محدد وتضمن محور الضمانات دعم الضمانات الحالية ومزيد الشفافية في تطبيقها وتكريس بعض الضمانات غير الموجودة حاليا طبق أفضل الممارسات الدولية.

واقترح محور تسوية النزاعات تبسيط فض النزاعات باعتماد المرحلة الصلحية ثم المرحلة التحكيمية مع المحافظة على مصالح الدولة.

وبخصوص محور الإطار المؤسساتي فقد تم اعتماد تصور جديد لهذا الإطار من خلال بعث هيئة وطنية للاستثمار ولاحظ المتحدث في هذا السياق أن هذه الهيئة تتضمن مخاطبا وحيدا للمستثمر و ويتمثل دورها في التصرف في الامتيازات الجبائية والمالية واستقبال وتوجيه إرشاد ومساعدة المستثمر.

كما تتولى هذه الهيئة تجميع ونشر المعلومات المتعلقة بالاستثمار فضلا عن التقييم والمتابعة واقتراح الإصلاحات في مجال الاستثمار مع الإشراف على مختلف المتدخلين والتنسيق بينهم.

وبشان محور الإجراءات قال خليل العبيدي إن المشروع المعروض اقترح توحيد إجراءات منح الامتيازات وتبسيطها وذلك بإرساء الإضبارة الموحدة للاستثمار la liasse unique  إلى جانب اعتماد لامركزية أخذ القرار بالنسبة إلى التمثيليات الجهوية للهيئة الوطنية للاستثمار دون الرجوع إلى الهيئة على المستوى المركزي في حدود سقف معين للاستثمار (سيقع تحديده لاحقا).


فرصة هامة

واعتبر خليل العبيدي أن سنّ مجلة جديدة للاستثمار يعد فرصة هامة ووسيلة ناجعة لدفع تسق الاستثمار وجلب المستثمرين، مؤكدا أن التشجيعات تعد عاملا من العوامل المؤثرة في الاستثمار ولكنها ليست الدافع الوحيد والحاسم.

وأضاف أن المجلة القديمة الصادرة في غرة جانفي 1994 والمحتوية على 75 فصلا عرفت 29 تعديلا على امتداد 19 سنة من الوجود وصدور 33 أمر تطبيقي لم تعد تستجب للأولويات الحالية للتنمية للبلاد وانحصرت آجال التدخل في التشجيعات فقط علاوة على تشتت النصوص واتسامها بالضبابية مع طول الإجراءات وتشعبها مع ضعف المتابعة والتقييم.

ولاحظ أن من أهداف المراجعة كمواكبة متطلبات التنمية الحالية لتونس ما بعد الثورة وتوجيه رسائل إيجابية للمستثمرين وإعداد مجلة شاملة تتناول الاستثمار بجميع أبعاده مع تجميع النصوص المشتتة و تبسيط الإجراءات الإدارية والتقليص من الآجال.

وقال إن "المجلة الجديدة للاستثمار لا تمثل إلا عنصرا واحدا في بناء منظومة الاستثمار" وهي بالتالي وفق تصوره "لا تدعي حل كل إشكاليات الاستثمار في تونس بمفردها" بل يتعين بحسب رأيه "إدخال إصلاحات كبرى في عدة ميادين مجالات أخرى".


مقاربة تشاركية

وأكد عضو اللجنة المكلفة بإعداد المجلة الجديدة للاستثمار أنه تم اعتماد مقاربة تشاركية عند إعداد المشروع من خلال تشريك القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، علاوة على استشارة مجموعة من رجال الأعمال والمستثمرين التونسيين عبر منظمة الأعراف و"كوناكت" والغرف التجارية التونسية الأجنبية المختلطة.

كما تم تشكيل لجنة متابعة تضم مجمل الوزارات التي لها علاقة بالاستثمار وتكوين لجنة استشارية تضم مختلف فعاليات الهيئات والمنظمات (الخبراء المحاسبون والمحامون…) بالإضافة إلى التعامل مع مكتب تونسي مختص في الشؤون القانونية لأجل القيام بصياغة النصوص القانونية الجديدة للمجلة.

ويشار إلى أن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك العالمي قدمت دعما ماليا بقيمة 650 ألف دولار في شكل هبة للمساعدة على إنجاز مشروع المجلة الجديدة وتوفير خبراء لتقديم تجارب بعض الدول على غرار دول الاتحاد الأوروبي ودول أوروبا الشرقية وبعض الدول العربية.

وأكد خليل العبيدي أن الانتهاء من إنجاز المجلة تم في ظرف قياسي إذ انطلقت الأشغال في شهر أوت 2013 ليتم الانتهاء في شهر جانفي 2012 مشددا على أن أعضاء اللجنة التنفيذية وعددهم خمسة أفراد (اثنان من وزارة المالية وعضو من وزارة التنمية الجهوية وعضو من وزارة الاستثمار والتعاون الدولي وعضو عن وزارة العدل) قبلوا القيام بهذه مهمتهم تطوعا وبصفة مجانية خدمة منهم للمصلحة الوطنية.

حوار مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.