السياسة والمصافحة بقلم محسن مرزوق

تلقيت عددا من المراسلات يستغرب فيها بعض الأصدقاء مصافحة الباجي قايد السبسي لراشد الغنوشي في افتتاح مؤتمر لاتحاد الصناعة والتجارة تواجد فيه الرجلان في الصف الأول من الحضور

السياسة والمصافحة بقلم محسن مرزوق

 
 

تلقيت عددا من المراسلات يستغرب فيها بعض الأصدقاء مصافحة الباجي قايد السبسي لراشد الغنوشي في افتتاح مؤتمر لاتحاد الصناعة والتجارة تواجد فيه الرجلان في الصف الأول من الحضور وإلى جانب بعضيهما تقريبا. المشكل في طرح السؤال حسب رأيي، وأرجو المعذرة، هو بدائيته. فالمصافحة وحتى التقبيل والضحك والتعنيق في السياسة، لا يعني سوى أن الطرفين يمكن أن يتواصلا. وفي السياسة التواصل يحصل حتى بين الأعداء لا الخصوم السياسيين. فالسياسة الوطنية ليست عركة حومة قائمة على "النبز والمنبوزية"؟

 

لا يعني التصافح أو التواصل إلغاء الخلافات الجوهرية الجذرية بل يعني أنه من الممكن إدارة الخلاف السياسي بين التونسيين بتحضر ودون عنف. نحن في نداء تونس، كنا دائما نسعى لأن تكون الحياة السياسية قائمة على العمل السلمي والحضاري وهذا ما رفضته حركة النهضة التي زجت البلاد بطريقة مباشرة وغير مباشرة في العنف وكانت تريد إقصاءنا وهاجم حلفاؤها مقراتنا بل واغتالوا قياديا لنا في تطاوين هو الشهيد لطفي نقض. ورغم ذلك كنا نصر على أن لا تذهب الحياة السياسية في اتجاه العنف والحرب الأهلية. لأنها ستكون انتصارا لأعداء تونس الذين لا يتحركون سوى في المستنقعات. من تراجع عن مواقفه بالمصافحة اليوم إذن؟

 

هل أن المصافحة تعني تغييرا للمواقف المبدئية أو تراجعا عن الحقوق؟ لا. أبدا.

 

نحن في حركة نداء تونس الذين ساهمنا، بكل تواضع، في تغيير المشهد السياسي الذي ورثناه بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، وأقمنا التوازن في الحياة السياسية التونسية بمشاركة نساء ورجال تونس داخل حزبنا أو في المجتمع المدني أو أحزاب أخرى مهما كان حجمها، نعرف ماذا نريد وأين نذهب. يرى البعض ممن ليست لهم في السياسة تجربة، وهذا ليس عيبا، أن المصافحة في السياسة تعني تحولا جوهريا في الموقف السياسي؟!!! حركة نداء تونس هي أحد ضمانات الدفاع عن الحريات الفردية والجماعية والمساواة خاصة بين الجنسين ومواصلة المشروع الوطني العصري التونسي وهي السدّ الأعلى والأكبر ضد المشاريع الظلامية. وكنا قلنا للنهضة أنها إذا قبلت بأواليات هذا المشروع الوطني العصري القائم على قيم الاسلام الحقيقية السمحة المعتدلة فلا مشكلة لنا معها أما أن تتبنى المشروع الخارجي الوهابي الاستبدادي لفرضه علينا فلن يكون لها و لا لغيرها ذلك أبدا بإذنه تعالى. وعليهم الاختيار.

 

سأل أحدهم الزعيم الخالد بورقيبة: لماذا تصافح وتتحدث مع الاستعماريين الفرنسيين الذي تحاربهم؟ أجابه بورقيبة: هل تعرف الملاكمة؟ أجاب الرجل: نعم. قال بورقيبة: عندما يتعانق الملاكمان فتلك ليست علامة حب بل وسيلة "لتركيح البونية الصحيحة".

 

نحن خلافاتنا مع حركة النهضة خلافات جوهرية ومبدئية ولكننا لا نريد حلها بالعنف أو بحمل السلاح. بل بالوسائل السياسية. أما المتطرفون في النهضة فيريدون حلها بالعنف. العنف ليس في صالحنا. وإذا دفعنا التيار نحوه لا قدر الله فسيكون لنا ما ندرأ به إن شاء الله الأذى عن تونس. ولككنا لا نفكر في ذلك ولا نريد لتونس ذلك ولا يجب أن نسقط في هذا الفخ.

 

بقلم محسن مرزوق

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.