تونس- أسئلة الثورة والديمقراطية في ذكرى 14 جانفي

يجب أن نعترف للنواب بالمجلس التأسيسي بما بذلوه من جهد خلال الأيام الماضية التي تسارعت فيها وتيرة العمل بغية الوصول إلى نهاية المسار الدستوري تزامنا مع المسارات الأخرى وانطلاق المرحلة الانتقالية الأخيرة. ولكن التعطيلات المختلفة والتجاذبات المكررة عطلت العمل الكبير هذا وأدت إلى انطباع ظالم شيئا ما للتأسيسي بالرغم عن كل الجهد المبذول …



يجب أن نعترف للنواب بالمجلس التأسيسي بما بذلوه من جهد خلال الأيام الماضية
التي تسارعت فيها وتيرة العمل بغية الوصول إلى نهاية المسار الدستوري تزامنا مع
المسارات الأخرى وانطلاق المرحلة الانتقالية الأخيرة. ولكن التعطيلات المختلفة
والتجاذبات المكررة عطلت العمل الكبير هذا وأدت إلى انطباع ظالم شيئا ما للتأسيسي
بالرغم عن كل الجهد المبذول …

والمطلوب اليوم من النواب بمختلف انتماءاتهم أن يحزموا أمرهم في الأمتار
الأخيرة وأن يرتقوا إلى مستوى اللحظة التاريخية التي تعيشها البلاد حتى يمكن
للأجيال القادمة أن تقول بحق أنهم كانوا في مصاف الآباء المؤسسين للديمقراطية
التونسية…

ولا يمكن أن نخفي أن ثقافة الاختلاف والديمقراطية تنقصنا كما تنقص أغلب نوابنا
بمختلف ألوانهم السياسية.فاليسار التونسي وريث للفكر الماركسي والقومي بالأساس
وهو فكر مبني على مقاربة شمولية تصل حد التقديس في بعض راديكاليتها ولا تترك
المجال فسيحا لمقارعة الآراء بحكم دغمائية بعض أطروحاتها والتي لم تتغير بعد
بالرغم عن كل ما حدث في العالم وبالرغم عن الانخراط الكلي لتيارات اليسار في
الطرح الديمقراطي الجديد . كما أن اليمين الديني التونسي بمختلف تلوناته بدء
بحركة النهضة ووصولا إلى غلاة التكفير والسلفية ينطلق من مدرسة شمولية تعتبر أن
المسلمات الإيمانية صالحة لكل زمان ومكان ولا تريد الفصل بين الدين والدولة
المدنية بأي شكل . هذا علاوة على ما ترسب من أكثر من 50 سنة من الحكم
الديكتاتوري البورقيبي أولا والنوفمبري بعد ذلك والذي جمع من كل مقومات الانظمة
الكليانية ما يفي بغرضه في السيطرة على المجتمع والذي ورثنا ثقافة تنفر
الاختلاف وتخافه .

ومن منطلق غياب فكر وممارسة الاختلاف وشيطنة الرأي المخالف تأتي كل مصائبنا
الظاهر منها والباطن وإسراعنا فور ظهور أي جدل إلى البحث عن احتمالات خفية
ومؤامرات تحاك خلف الأبواب المغلقة وغير ذلك…وليس غريبا أن يتزامن احتفالنا
في 14 جانفي بالذكرى الثالثة للثورة مع إقدام البعض إلى إنكار البعض الآخر
وتلويث دماء شهدائنا بتفسيرات مختلفة بدل القول بكل موضوعية أن انتفاضة شباب
تونس العفوية في أولها قد أدت إلى سقوط نظام الفساد بحكم عوامل متعددة اقتصادية
وسياسية واجتماعية ، وأننا في حاجة اليوم إلى جهد خاص من المؤرخين والمختصين
لإنارتنا وتقديم الدلائل والوثائق لفهم ما وقع وما قام به هذا الطرف أو ذلك…

ولن يتبدل حالنا وحال تفكيرنا السياسي بمجرد تحرير دستور تقدمي أو سن قوانين
ثورية لأن الإرث الذي نعانيه متغلغل في وجدان الناس وفي ممارساتهم العادية.
ولقد نبه الكثير من المختصين إلى أن الثورة التونسية محتاجة إلى بلورة روحها
وشعاراتها عبر ثورة فكرية كبيرة ننتظر أن يقدم عليها مفكرونا وسياسيونا بكل
تواضع حتى نتمكن من تشخيص الداء بوضوح ومن تشريح الورم بدقة وبالتالي نتمكن من
ابداع الدواء واستعماله. إنه لمن المبكيات فعلا أن نحتفل بالذكرى الثالثة
للثورة ونجد أهالي سيدي بوزيد يفتحون معركة جانبية حول التأريخ للثورة ويقاطعون
البلاد كلها لفرض تاريخ 17 ديسمبر بالرغم عن الشحنة المعنوية التي يحملها بينما
كان بالإمكان تداول الموضوع عبر الأحزاب السياسية وعبر الجمعيات لفتح نقاش وطني
حول المسألة يأخذ بعين الاعتبار كل جوانب الموضوع؟؟؟
 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.