تونس-دروس معركة الرئاسية 2014

tunisie-almasdar-BCE-candidats-presidentielle-elections-2014-TnElec2014

تفصلنا الآن ساعات معدودة تتناقص على موعد الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الأولى بعد الثورة وتتبارى الجهات المؤيدة لهذا المترشح أو الآخر لإقناع ناخبي الساعات الأخيرة قبل أن يطبق الصمت الانتخابي على الجميع اليوم السبت 22 نوفمبر… ولقد كانت الحملة الانتخابية الرئاسية مشحونة الأجواء عند بعض المترشحين لدرجة تجاوز القانون أحيانا ولدرجة التشويش أيضا على عدد آخر من المترشحين الذين اختاروا خطابا أكثر تعقلا…

ولكن المتابع والمحلل للأسابيع الثلاثة التي احتلتها هذه الحملة يخلص إلى استنتاجات وقراءات ستكون لها وقعها حتى بعد الانتخابات على المستوى السياسي في البلاد…

  • لم تثن خطورة روابط حماية الثورة وشيوخ السلفيين وعتاة الغلاة من الاسلاميين المتنطعين على توجيهات حركتهم بالحياد المرشح منصف المرزوقي من استعمال الجميع في حملته الانتخابية وبأشكال بدت فجة في أغلب الأحيان حتى لمن ظلوا يحملون للمرزوقي الكثير من الاحترام نظرا لماضيه النضالي. والإشكالية المطروحة في حالة المرشح محمد منصف المرزوقي لا تتعلق في الواقع بالنتيجة التي سيحصل عليها بل تتعداها إلى تأثير هذا الخليط الغريب على مستقبل الرجل لا السياسي فقط بل الانساني والاجتماعي …
  • بالرغم من الحظوة الواضحة لحركة نداء تونس لدى الناخبين مثلما أثبتت نتائج التشريعية ذلك إلا أن النداء وقع في مصيدة صورة نمطية من المرجح أن تعيق عمله كثيرا ..لقد نجح خصوم النداء في إلصاق تهمة “العهد القديم” بالنداء ولم يحاول هو كثيرا التملص من هذه الصورة ومن تبعات تواجد التجمعيين فيه ..مما أدى إلى نعت الباجي قايد السبسي بالغول واتهام الحركة بنية التغول. هذه التهمة الثقيلة ستتواصل بعد الرئاسية من الأصدقاء ومن الأعداء في آن واحد…
  • كان لمفهوم الاستقطاب حضورا كبيرا في الرئاسية بعد أن حمله فاشلو التشريعية كل مصائبهم. مرة أخرى يهرع البعض ممن لا حظوظ كبيرة لهم إلى هذا المفهوم الفضفاض لسب منافسيهم دون التوقف عند أسباب بروز استقطاب في ساحة سياسية ما وارتباطه الوثيق بحجم الفاعلين في هذه الساحة …ويصبح الاعلام المتهم الأول حينئذ في ظهور الاستقطاب وكأنما الاعلام هو الذي خلقه بينما يكتفي في الواقع بالإخبار عن حجم كل مرشح على حدة…فإذا ما قام المرزوقي بجولة في جل المدن التونسية المهمة وعقد اجتماعات كبيرة بها فإن حجم ظهوره الاعلامي سيكون أكبر بكثير ممن لم يتجاوزوا محطة الاستخلاص بمرناق…
  • بعد النجاح الذي حققته الجبهة الشعبية بحصولها على 15 مقعدا في البرلمان القادم يبدو كأن ” شعب اليسار” قد استعاد حيويته وعنفوانه عبر النجاح الكبير الذي تحققه حملة حمة الهمامي  أدى غلى في الرئاسية. اليسار التونسي كان ولا يزال عصب الثورة في هذه البلاد. هو الذي أعطى أفواجا متتالية من المناضلين منذ نضالات البعثيين وحركة آفاق في أوائل الستينات وحتى أوج هيمنة ماكينة بن علي البوليسية على البلاد بالرغم من تحالف شق منه مع نظام بن علي ضد الاسلاميين…اليسار المنقسم طوال سنين بين تياراته التي كانت تكفر بعضها البعض يكتشف أولا عبر تجربة الجبهة التي قاده إليها دم الشهداء أكثر من أي سبب آخر وثانيا عبر الترحاب الكبير بترشح حمة الهمامي أن وحدة الخطاب بمكن أن تذلل أعتى العواقب وأن مخزون النضال يمكن توظيفه في محله عند ظهور الهدف والتوحد من أجله. وبغض النظر عن النتيجة التي سيحصل عليها حمة الهمامي فإن الأكيد اليوم هو ميلاد حزب يساري جديد (الجبهة ) وزعيم جديد (حمة الهمامي) والمواعيد مازالت كثيرة.
  • لا عزاء للمستقلين إلا لماما…أثبتت هذا التشريعية وستزيد من إثباته الرئاسية بلاشك. المترشحون المستقلون الذين لا جهاز حزبي ورائهم لا يملكون أدوات كافية للوقوف أمام الأحزاب الكبرى. حركة نداء تونس من جهة والجبهة الشعبية من جعة أخرى وماكينة حركة النهضة لا الرسمية وإنما القاعدية تحدد في شكل كبير نسق الحملة الانتخابية ووقعها في الشارع وفي الاعلام ولدى الجمهور العريض. وهذا ليس عيبا البتة وفي كل الديمقراطيات وإلا فلماذا تكون الأحزاب من الأساس؟؟

 

 

 

علي الشتوي

 

2 تعليقان

  1. YOUSSEF BAHAR

    رسالة مفتوحة إلى كل المفتونين و المنبهرين بالباجي قائد السّبسي.

    يا للعجب العُجاب من هؤلاء النّاس الذين تجدهم مُنبهرين بإنسان لا يُجيد سوى الكلام و التّعالي على غيره و على من هُم أحسن منه على كل المُستويات و على كل الأصعدة !
    هذا الشّخص الخرِف و المغرور بالعظمة الذي يبتغي إعتلاء كرسي الرّئاسة فهو يجهل حتى استعمال مجرّد حاسوب. هو بنفسه الذي صرّح بذلك في الإعلام عندما كان وزيرا أوّل إبّان الثورة سنة2011 . لقد صرّح بعظمة لسانه أنّه لم يستعمل و لو مرّة واحدة الحاسوب الذي وضعوه على ذمّته في مكتبه، و أردف كلامه بأنّه لا يعرف حتّى كيف يُشغِّله. أيُعقَلُ في القرن الواحد و العشرون و في عصر سرعة الإتصالات و في ظل التّواتر السّريع للمعلومات أن يكون هناك رئيس حكومة أو رئيس دولة واحد في العالم أو حتّى وزير يجهل مجرّد تشغيل حاسوب. حتى في بلدان إفريقيا الأكثر تأخّرا في العالم لا أظنّ أنّه يوجد رئيسا أو وزيرا إفريقيّا واحدا يجهل استعمال الحاسوب في عصر الإعلاميّة و سرعة تنقّل و تبادل المعلومات بامتياز. فكيف بشخص يرنو إلى التربّع على كرسي الرّئاسة في القرن 21 وهو يجهل أبجديّات استعمال المعلوماتيّة لتسهيل العمل الإداري و إيصال المعلومة إلى أصحابها بكلّ سرعة و حفظها و تأمينها من الضّياع و التّلف. لقد انتهت و ولّت المُعاملات الورقيّة في كل الإدارات و المؤسّسات بنسبة تكاد تكون كُلّية، و بخاصّة الحكوميّة و العموميّة منها. صراحة لا أظُنّ أنّه يوجد سياسي واحد في العالم يجهل تشغيل حاسوب و استعماله في حدود متطلّبات عمله الذي يقتضي ذلك. شخصيّا لا أرى رئيس دولة أو رئيس حكومة مؤتمن على أسرار الدّولة يلجأ مجبورا لسكرتير أو سكرتيرة في كلّ الحالات و في كلّ المعاملات حتّى السّريّة منها، لأنّه هناك أحيانا أسرار خطيرة يجب التّعامل معها مباشرة و بدون وساطة، و ذلك للتّوقّي من الإفتضاح و إفشاء أسرار الدّولة.
    لا تقولوا لي إنّ أسرار الدّولة و المسائل السّريّة لا تُنقل و لا تُتداول عبر الإنترنات، أنا أتحدّث هُنا عن الشّبكات الدّاخليّة الخاصّة المؤمّنة و المُحصّنة من كلّ تدخّل خارجي لا ينتمي إلى منظومة الشّبكة، و ذلك بوسائل و ترتيبات تقنيّة عالية يصعُب اختراقها.
    خُلاصة القول، هذا الشخص الذي يجهل مُجرّد تشغيل حاسوب، يريد أن يحكم تونس بالطّرق البالية و القديمة التي عفا عنها الزّمن منذ أمد بعيد، طُرُق منتصف القرن العشرون التي أكل عليها الدّهر و شرب. حقّا، هذا الشّخص المغرور و الذي لا يتورّع في الإنتقاص و التّحقير من خصومه، لا يدري و لا يجُولُ بخاطره بأنّ القطار قد فاته ولم يعُد صالحا سياسيّا لهذا الزّمان، لأنّه وبكل بساطة، مُدّة صلوحيّته انتهت، و هذا الزّمن ليس زمانه…

  2. YOUSSEF BAHAR

    تعليق على تصريح السّبسي الأخير على قناة “نِقمة” !

    ما معنى قوله بأنّ الكشف عن قاتلي نقض و بلعيد و البراهمي سوف يكون تحت مسؤوليّته الشّخصيّة ؟
    هذا الكلام خطير جدّا، لأنّه يدُلُّ دلالة واضحة بأنّ هذا الدّيكتاتور المغرور يُريد بل يُصِرُّ على التّدخُّل في شؤون القضاء مع سبق الإضمار. الكُلُّ يُنادي باستقلال القضاء وهو يُصِرُّ على انتزاع هذه الإستقلاليّة التي يُنادي بها الجميع. هذا الشّخص يُريد أن يُركِّع القضاء و يضعه تحت سيطرته الشّخصيّة بالذّات لكي يتحكّم في السّلك القضائي برُمّته كيفما شاء و أراد كما هو جاري في كل الدّيكتاتوريّات. هذا الدّيكتاتور الأرعن كشّر عن أنيابه من الآن، و من أوّل الغيث انهمر. فهو يُريد أن يرجع بنا إلى العهد البائد، لقد شدّه الحنين إلى الماضي التّعيس و ما كان جاري به في عهد المخلوع و من سبقه، وهو كان طرف فاعل في تلك الوسائل القذرة المعروفة و المعلومة من الجميع التي كانت تُستعمل في السّابق عندما كانت السّلطة القضائيّة تحت السّيطرة التّامة للزّعيم الأوحد و السّلطان الأرعن و الجائر. زِد على ذلك، هذه التّرتيبات التي يُعِدُّ لها هذا الشّخص الأرعن فهي تُعَدُّ خرقا فاضحًا للدُّستور الذي يدعو بكلِّ وضوح إلى استقلاليّة القضاء الكاملة و بدون نُقصان، لأنّ مسؤوليّة الكشف عن الجُناة هي من مشمولات الأمن و القضاء لوحدهما. إذًا كيف يتورّع و يتجرّأ هذا الإنسان بالإدلاء بهذا التّصريح الذي لا يأتيه إلاّ ديكتاتور بامتياز !…

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.