تزكية محسن مرزوق للأمانة العامة والاكتفاء باللوائح الأساسية والإستعداد للمرحلة القادمة أبرز عناوين المؤتمر التأسيسي لحركة مشروع تونس

MOHSEN-marzouk3

اختتم حزب حركة مشروع تونس، عشية اليوم الاثنين، أشغال مؤتمره التأسيسي المنعقد من 23 إلى 25 جويلية الجاري بمدينة الحمامات من ولاية نابل، بتزكية محسن مرزوق لمنصب الأمانة العامة للحزب، بإجماع المؤتمرين وعددهم 900 شخصا ، وذلك بعد انسحاب منافسيه على هذا المنصب محمد الطرودي وهدى سليم، “اعترافا بفضل مرزوق وأسبقيته النضالية على كل الأعضاء في تكوين هذا الحزب”، وفق ما صرح به ل (وات) محمد الطرودي.
وأفاد الطرودي، بأن الترشح لهذا المنصب إلى جانب مرزوق، كان تأكيدا لاحترام قواعد التسيير الديمقراطي و”قطعا مع التجارب السابقة في احتكار المسؤولية” ، مشيرا إلى أن رسالة المؤتمر الأولى هي الاعتراف بفضل المناضلين الذين غادروا حركة نداء تونس للالتحاق بالمشروع على مستوى الجهات، وبفضل كتلة الحرة وأعضائها في مجلس نواب الشعب.
وذكر في هذا السياق، بأن النظام الداخلي لحركة مشروع تونس الذي صادق عليه المؤتمرون اليوم، يمنع أي شخص من الترشح لأي منصب في الحزب لدورتين متتاليتين، موضحا أن الترشح داخل الحزب هو من أدبيات التسيير الديمقراطي الذي كان غيابه السبب الرئيسي في مغادرة كتلة نداء تونس في البرلمان بدرجة أولى.
ويوجه هذا الحزب، الذي نجح في تنظيم مؤتمره التأسيسي خلال أقل من ستة أشهر من بروز فكرة التكوين، وأقل من ثلاثة أشهر على حصوله على تأشيرة العمل القانونية ، رسالة على لسان قياداته مفادها “لا بد من تجاوز الأخطاء المرتكبة في حركة نداء تونس على مستوى طريقة التسيير وكذلك على مستوى الخيارات السياسية، وفي مقدمتها التحالف مع حركة النهضة والرضوخ لرغباتها وتوجهاتها” .
هذه الرسالة أكدها الأمين العام للحركة محسن مرزوق، موجها خطابه في ختام أشغال المؤتمر إلى منتخبيه بقوله “نحن القوة السياسية التي ستكون سندا لرئاسة الجمهورية كمؤسسة وغيرها من مؤسسات الدولة إذا كانت تسير على الطريق الصحيح”، ويضيف في هذا الصدد ” لا يمكن لرئاسة الجمهورية أن تستند على حزب لا قائد ثابت له (في إشارة الى حركة نداء تونس)، أو على من يهادن الجميع لأغراض سياسية، قبل أن يكشف وجهه الحقيقي حالما يصطدم بخيارات ضد مصالحه (في إشارة الى حركة النهضة) “.
وأضاف قوله ” مهما اختلفنا مع أي طرف كان، لا يمكن ان نختلف حول ضرورة التمسك بمؤسسة رئاسة الجمهورية والحفاظ على مصداقيتها وحمايتها من السقوط في يد الخصوم السياسيين”.
ولإبراز اعتماد حركة مشروع تونس على آليات الديمقراطية في التسيير وضمان القيادة الجماعية ، حرص المؤتمرون على تشريك كافة الفئات في هياكل الحزب وفق آلية الانتخاب، حسب ما أكده عدد من القيادات في تصريحات سابقة ل(وات)، ومن هذا المنطلق تم انتخاب أعضاء المجلس المركزي عن الجهات وعددهم 217 ، بالإضافة الى الشخصيات الوطنية واللجنة الوطنية لإعداد المؤتمر ليصل عددهم الى أكثر من 340 عضوا، وتم تفويض المجلس المركزي كافة الصلاحيات إلى حين انتخاب أعضاء الهيئة السياسية (71 عضوا) والمكتب التنفيذي (19 عضوا إضافة إلى الأمين العام) وذلك خلال أسبوعين.
ولقد سعى الأمين العام محسن مرزوق، في كل مرة برز فيها خلاف حول التمثيليات وخاصة في ما يتعلق بنسبة وجود الشباب والجهات في هياكل الحزب، الى التدخل لفضه وتجاوزه، بالدفع نحو إيجاد حلول ترضي الجميع ولا تعطل سير أعمال المؤتمر، حسب ما أكدته مصادر خاصة من داخل المؤتمر ل(وات).
وفضل حزب مشروع تونس التركيز خلال هذا المؤتمر على الضروريات لتأسيس حزب سياسي وضبط قواعد التسيير داخله، لذلك اكتفى المؤتمر التأسيسي بمناقشة النظام الداخلي واللائحة الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى عرض المسائل السياسية الوطنية على النقاش للخروج بموقف جماعي حاسم من الحكومة الحالية ومن تشكيل الحكومة القادمة ومن فرضية المشاركة فيها وذلك ضمن اللائحة السياسية .
وفي هذا الشأن، بين القيادي في الحزب وعضو كتلة الحرة منذر بلحاج علي في تصريح ل(وات)، ان الكتلة لا تعتزم التصويت لفائدة حكومة الحبيب الصيد، باعتبارها تحفظت على التصويت لفائدة التحوير الوزاري المدخل عليها سابقا، “وهو امر تم حسمه بعد النقاش داخل اللجان وفي الجلسة العامة للمؤتمر”، حسب تعبيره.
وأكد بلحاج علي، أن الأهم بالنسبة الى حركة مشروع تونس في المرحلة الراهنة، هو التشاور بجدية حول شخص رئيس الحكومة وأعضاده والمواصفات المطلوبة فيه ، مجددا التأكيد على أن الحركة ضد المحاصصة الحزبية في تشكيل الحكومة، باعتبارها السبب الرئيسي لما آل اليه الوضع الراهن للبلاد، قائلا في هذا الصدد “نحن في حاجة إلى حكومة تدعمها الوحدة الوطنية وليس العكس”.
وفي المقابل أرجأت الحركة النظر في العديد من اللوائح التي تعد “هامة” على المستوى الوطني، ومن بينها اللائحة الأمنية ومكافحة الإرهاب، وكذلك لائحة المصالحة الوطنية التي لم يتم عرضها على النقاش لا داخل اللجان ولا على الجلسة العامة للمؤتمر. فقد أفاد القيادي الصحبي بن فرج عضو كتلة الحرة في هذا الشأن، في تصريح ل(وات) بأن المكان الطبيعي لمناقشة قانون المصالحة هو البرلمان ، مبينا ان حركة مشروع تونس تدعم مبدأ المصالحة شرط ألا تكون أحكام القانون ضد انتظارات الشعب أو مخالفة للدستور والقوانين ذات العلاقة.
لا بد من التذكير أن حركة مشروع تونس قد ولد من رحم حزب نداء تونس، وان اغلب قواعده وقياداته قدمت استقالتها والتحقت بالمشروع الذي يقدم نفسه على انه “منقذ للمشروع الوطني العصري من مخاطر الانزلاق نحو الرجعية بعد تحالف النداء مع حركة النهضة”.
غير أنه لا يمكن إغفال حقيقة أن هذا الحزب الجديد قد بعث للأسباب والأهداف ذاتها التي قدمتها قيادات نداء تونس في البداية ، حيث أن “المشروع” هو بدوره تجمع لتوجهات ومشارب سياسية مختلفة تشمل اليسار واليمين وتجتمع على هدف “الحفاظ على تونس الحديثة” من الخصوم السياسيين وهم بالأساس اليمين الإسلامي المحافظ المتمثل في حركة النهضة.
يجدر في هذا الصدد، وأخذا في الاعتبار لكل هذه المعطيات، التساؤل عن حظوظ هذا الحزب ضمن المشهد السياسي العام المتسم بالضبابية خلال هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، وعن البدائل التي يمكن أن يقدمها بالاعتماد على نفس الوجوه السياسية التي ساهمت في صعود حركة نداء تونس وانشقت عنه خلال أقل من أربع سنوات من تأسيسه.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.