هيئة الحقيقة والكرامة : “المصالحة ليست بديلا عن المساءلة” وقانون المصالحة في المجال الإداري “يكرس الإفلات من العقاب”

أكدت هيئة الحقيقة والكرامة، في بيان اليوم الأربعاء، أن المصالحة ليست بديلا عن المساءلة، وأنه “لا يمكن إعادة الثقة في مؤسسات الدولة حينما يخون المؤتمنون على السلطة العمومية الأمانة ويفلتون من العقاب”، وذلك في تعليقها على المصادقة على قانون المصالحة في المجال الإداري من قبل البرلمان الأربعاء الماضي.

وشددت الهيئة على أن هذا القانون يكرّس القانون الإفلات من العقاب ليمثل بذلك مدخلا لتكرار الانتهاكات في المستقبل. كما يحول دون تفكيك منظومة الفساد وإصلاح المؤسسات لضمان عدم التكرار، فضلا عن أنه يعد “ضربا لمسار العدالة الانتقالية، وتعديّا على مهام هيئة الحقيقة والكرامة على نحو ما ضبطه قانون العدالة الانتقالية حيث ينتهك تحديدا آليات كشف الحقيقة والمساءلة وإصلاح المؤسسات والتحكيم والمصالحة”، وفق نص البيان.

وأوضحت أنه علاوة عن عدم دستوريته، فإنه يعطي “رسالة تشجيع للفاسدين”، والحال أن الحكومة ما فتئت تؤكد إعلانها الحرب ضدّ الفساد، حيث سيزيد هذا القانون من انتشار الفساد، وهو ما سيعطّل الإصلاحات المؤسساتية التي طال انتظارها من أجل إرساء دولة القانون. كما اعتبرت أن من شأنه أن يعسّر مهمة الهيئة للقيام بالإصلاحات المؤسساتية، ومراجعة التشريعات وغربلة مؤسسات الدّولة.

وأضاف البيان أن المصادقة على هذا القانون الجديد تمت دون أدنى تقييم لمسار العدالة الانتقالية المستمرّ منذ زهاء ثلاث سنوات، ودون التشاور مع الهيئة الحقيقة والكرامة، في خرق تامّ للالتزام المحمول على الدّولة في المساءلة ووضع “الآليات التي تحول دون الإفلات من العقاب أو التفصّي من المسؤولية”، حسب الفصل 6 من قانون العدالة الانتقالية.
وأكدت على ضرورة أن تحافظ الدولة على مصداقيتها وتماسك سياساتها، مبينة أنه لا يمكن تقديم آليتين للمصالحة متوازيتين ومتعارضتين في نفس الوقت، حيث تمنح آلية التحكيم في هيئة الحقيقة والكرامة وفق الفصل 46 من قانون العدالة الانتقالية، لكل منسوب إليه انتهاك، وكذلك لكل ضحية، إمكانية سلك هذه الآلية من أجل المصالحة.

وقالت هيئة الحقيقة والكرامة إن هذا القانون يمثل مشكلة خطيرة بخصوص الأمن القانوني وذلك من خلال وجود آليتين قانونيتين مختلفتين لهما موضوع واحد، وهو ما يسبّب تضاربا في القواعد القانونية، ويؤدي إلى ارتباك حول تطبيق القانون الحالي للعدالة الانتقالية، أو القانون الجديد. وذكّرت الهيئة بما أوردته لجنة البندقية في النقطة 49 من رأيها الاستشاري حول مشروع قانون المصالحة حينما أكدت بأن “التلاؤم… هو أساسي لاحترام مبدأ الشرعية وقواعد سيادة القانون من أجل تطبيق العدالة الانتقالية بطريقة تتّسم بالشفافية والنجاعة”.

وذكرت هيئة الحقيقة والكرامة بأن لجنة التحكيم والمصالحة تلقت 5619 طلب تحكيم وعالجت 2360 طلبا منها. وقامت هذه اللجنة، وفق ذات البيان، بالتحقيقات اللازمة وعقدت جلسات تحكيمية بحضور المكلف العام بنزاعات الدّولة بعد تقديم المنسوب إليه الانتهاك لإقرار كتابي يتضمّن بيان الوقائع التي أدت إلى استفادة غير شرعية وقيمة الفائدة المحققة من ذلك، وكذلك بعد تقديمه لاعتذار صريح.

ودعت الهيئة في بيانها، مؤسسات الدّولة وتحديدا المؤسسات الحكومية والقضائية للقيام بالتزاماتها ضمن مختلف آليات العدالة الانتقالية وذلك تطبيقا للفصل 148 من الدّستور الذي ينصّ بأن “تلتزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية”.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.