الشعب يريد … النهضة

الشعب يريد إسقاط النظام، الشعب يريد إسقاط الحكومة، الشعب يريد…
شعارات تم رفعها في زمن الثورة وتحققت كلها في رسالة مضمونة الوصول إلى الساسة والفاعلين أن الشعب إذا أراد التغيير فهو قادر على ذلك مهما كانت الضغوطات والممارسات. والآن قال التونسيون كلمتهم في انتخابات المجلس



الشعب يريد … النهضة

 

الشعب يريد إسقاط النظام، الشعب يريد إسقاط الحكومة، الشعب يريد…

شعارات تم رفعها في زمن الثورة وتحققت كلها في رسالة مضمونة الوصول إلى الساسة والفاعلين أن الشعب إذا أراد التغيير فهو قادر على ذلك مهما كانت الضغوطات والممارسات. والآن قال التونسيون كلمتهم في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي: الشعب يريد النهضة.

 

لقد أثبتت النتائج الجزئية لانتخابات التونسيين بالخارج والنتائج الأولية والتسريبات في مختلف الدوائر الانتخابية بكامل البلاد أن حركة النهضة حققت فوزا ساحقا وتفوقت على كل الأحزاب والتحالفات في حصدها على الأغلبية في المجلس
الوطني التأسيسي.

 

وسيتم تأكيد هذا الفوز بصفة رسمية مساء اليوم الثلاثاء عندما تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الإعلان عن النتائج التي طالت أكثر من اللزوم وأثارت العديد من لشكوك والتساؤلات حول التأخير الحاصل والبطء المسجل في الإعلان عن النتائج.

 

إن فوز حركة النهضة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يعكس جملة من الثوابت والحقائق الدامغة لعل لأبرزها وأهمها أن غالبية الشعب التونسي، وبقطع النظر عن الاتهامات الموجهة للحركة بقيامها لتجاوزات وخروقات يوم 23 أكتوبر، اختارت النهضة عن اقتناع ورأت فيها الحركة أو الحزب الذي يعكس الانتماء الإسلامي للشعب التونسي، إذ أن المعطى الديني لعب دورا كبيرا في ترجيح كفة النهضة لهذا الاستحقاق السياسي البارز.

 

على امتداد أكثر من 23 سنة قمع النظام السابق كل الاتجاهات والممارسات الدينية وأفرغ الجوانب الدينية في العديد من المجالات وخلق فراغا روحيا وفي مقدمتها المسائل التربوية والتعليمية من محتواها بطريقة اعتباطية وهو ما ولّد نوعا من الضغط لدى عامة الناس وعندما سمحت الفرصة في انتخابات المجلس التأسيسي رجح الشعب التونسي في نسبة كبيرة منه هذه المعطيات في صالح حركة النهضة.

 

ومن ضمن العوامل الأخرى التي خدمت النهضة أنها حسب الملاحظين والمحللين ولم تدخل في صراعات أو تحالفات مع الأحزاب والأطياف السياسية الأخرى في الفترة التي تلت سقوط النظام السابق بل ظلت تراقب من بعيد تطور المشهد السياسي في تونس وتتحيّن الفرصة للظهور من جديد على الساحة السياسية.

 

هذا الظهور كان في الواقع مدروسا وذكيا إلى حدّ ما باعتبار أنه في الوقت الذي كثفت بقية الأحزاب والمستقلين تواجدهم على الساحة الإعلامية من خلال ظهورهم المُبالغ فيه في أغلب وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة لتمرير مبادئهم وتصوراتهم ومواقفهم من مجمل القضايا السياسية والاقتصادية، كانت حركة النهضة تتحرّك على الميدان وتسترجع مناضليها و مناصريها في كامل أنحاء البلاد.

 

ما يمكن التأكيد عليه أن الآلة التعبوية لحركة النهضة جعلتها تتمركز بشكل ملموس وملحوظ في المناطق الشعبية وذات الكثافة السكانية العالية وتقترب أكثر منهم والذين وجدوا فيها البديل الحقيقي القادر على تلبية مطالبهم وطموحاتهم.

 

إن خطاب حركة النهضة وعلى عكس الثمانينات تغير بصفة جذرية وعميقة بعد أن تيقنت أن الخطاب الحقيقي والرسالة التي يتعين توجيهها يجب أن تكون معتدلة ولا تحمل في طياتها معاني العنف والتعصب، فالعديد من المواطنين الذين تحدثنا إليهم طيلة الحملة الانتخابية وحتى بعد الإدلاء بصوتهم أكدوا لنا أنهم اختاروا النهضة باعتبار أنها قريبة من الأنموذج التركي المتفتح.

 

والثابت أن حركة النهضة وحتى  الوقت الراهن على الأقل استخلصت عبر ودروس الماضي وأن من مصلحتها الحفاظ على خطها السياسي المعتدل والمتفتح لأنّ الشعب الذي قال لبن علي وزمرته "أرحل" قادر بدوره على أن يقول لحركة النهضة بصوت عال أرحل أيضا ولن يخشاها!!!

مهدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.