تونس: قانون منع التدخين يضرّ أكثر من التدخين!

شاءت الظروف أن أقوم برحلة إلى اسطنبول في شهر رمضان الماضي، ولاحظت منذ الوهلة الأولى القفزة النوعية العملاقة التي أدركتها هذه المدينة في عقدين من الزمن

تونس: قانون منع التدخين يضرّ أكثر من التدخين!

 
 

شاءت الظروف أن أقوم برحلة إلى اسطنبول في آخر أسبوع من شهر رمضان الماضي، وهي الثانية لهذا البلد بعد أكثر من عشرين عاما.

 

ولاحظت منذ الوهلة الأولى القفزة النوعية العملاقة التي أدركتها هذه المدينة في عقدين من الزمن.

 

ولم يشد انتباهي تحسن نظافتها ولا تسامح أهلها ولا حتى الحملة الانتخابية من أجل تغيير الدستور، ولم أتعجب من بهجة الحياة التي تبدو مرسومة على وجوه متساكني هذه المدينة عكس ما كان انطباعي في الزيارة الأولى.

 

وحتى الشرطي الذي يصلي بسلاحه في أحد الجوامع اعتبرته أمرا طبيعيا.

 

ولكن أكثر ما شدّ انتباهي و بقي راسخا في ذهني حتى الساعة هو التطبيق الصارم لقانون منع التدخين في المحلات العامّة من قبل أصحاب المحلات والحرفاء والعاملين بها وهم تطبيق يتمّ بكل طواعية وطيبة خاطر أو هكذا يبدو الأمر على كل حال.

 

ولعل اندهاشي من هذه الممارسة التي من المفروض أن تكون طبيعية و بديهية هو الاستخفاف الذي نتعامل به مع مثل هذا القانون في تونس.

 

ذلك أن في بلادنا – العزيزة – غالبية الناس ومهما كانت فئاتهم الاجتماعية و احيائهم السكنية فان احتسائهم لقهوة الصباح تكون مصحوبة بسيجارة و ذلك على مرأى ومسمع من تلك الملصقات المانعة للتدخين.

 

وكأني في تونس وعلى عكس ما شاهدته هناك فإنّ التعدي على حرمة القانون ودوس علويته هي ممارسة عادية وطبيعية لغالبية أفراد المجتمع، وهنا تكمن خطورة سن مثل هذه القوانين مع عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيقها ما يخلق عند أفراد المجتمع شعورا بأن القوانين التي تسنّ هي جديرة بالاحترام عندما لا تخلق لهم أي إزعاج، ولا يرون في القوانين وسيلة ضرورية  لتنظيم تعايش الأفراد في المجتمع وضامنة للمصالح العليا لكل الأفراد إذا كانت ضدّ شهواتهم أو نزواتهم…

 

إن خطر مثل هذه الممارسات يمكن أن يصبح أكثر خطورة من التدخين نفسه ذلك لما يمكن أن تحدثه من فوضى في المجتمع و تبعدنا عن هدفنا في بعث مجتمع القانون والمؤسسات.

 

بن الرحيمة لمين

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.