شكري بالعيد للمصدر: ” نحن أصحاب مشروع مجتمعي في تونس وقد غسلنا ذاكرتنا من أي وصاية على الطبقة العاملة والشعب”

برغم الربيع الذي يتباطأ في المجيء إلينا وبرغم تقلب الطقس , يتخلى “الرفيق” شكري بالعيد عن قبعته ويجد لنا الوقت بين عشر هواتف والمقاطعة عدة مرات… تسارع الزمن بعد الثورة والوطنيون الديمقراطيون, الذين يكرهون تسمية خطهم بالعائلة لما يفترضه اسم العائلة من صلات أبوة وأمومة وغير ذلك, في قلب الحدث مثل جل الأحزاب وهاهم الآن سيكونون …



شكري بالعيد للمصدر: ” نحن أصحاب مشروع مجتمعي في تونس وقد غسلنا ذاكرتنا من أي وصاية على الطبقة العاملة والشعب”

 

برغم الربيع الذي يتباطأ في المجيء إلينا وبرغم تقلب الطقس , يتخلى "الرفيق" شكري بالعيد عن قبعته ويجد لنا الوقت بين عشر هواتف والمقاطعة عدة مرات… تسارع الزمن بعد الثورة والوطنيون الديمقراطيون, الذين يكرهون تسمية خطهم بالعائلة لما يفترضه اسم العائلة من صلات أبوة وأمومة وغير ذلك, في قلب الحدث مثل جل الأحزاب وهاهم الآن سيكونون في قلب المدينة بعد تجهيز مقر الحركة الجديد في شارع جمال عبد الناصر…التقينا شكري بالعيد لنتحدث مطولا عن الثورة التونسية وعن الحركة وعن تونس والتونسيين اليوم…


– تتهمون (ويتهم اليسار الماركسي عموما) بأنكم لا تؤمنون بالديمقراطية الليبرالية وأنكم قادرون على الالتفاف عليها بعد أن تصلوا إلى الحكم بصناديق الاقتراع…مثل تيارات أخرى متهمة بنفس التهمة ؟

– نحن لا نرى الديمقراطية مجرد آلية ولكن نراها بمضامينها… نحن نرى أن التعددية الحزبية والسياسية أصل ثابت لا يمكن المساس به وأن التنافس الحزبي دافع للتقدم وان الشرعية وجب أن تتجدد عن طريق الانتخاب بل حتى في المجتمع الاشتراكي الناجز نرى بأن الصراع الطبقي يتواصل وبالتالي فوجود الأحزاب ضروري ووجود النقابات المستقلة ضروري ووجود السلطة المضادة مشكلة من نسيج الجمعيات المدنية ضروري ووجود القضاء المستقل والإعلام الحر ضروري وهما ضمانة الضمانات …ذلك أنه في غياب ما سبق فإننا سنؤسس لنظام كلياني آخر. ونحن قطعنا وغسلنا ذاكرتنا من أي وصاية على الطبقة العاملة والشعب.نحن أصحاب مشروع مجتمعي وأصحاب برنامج سياسي استراتيجي ومرحلي نطرحه على الشعب وله أن يختار مع التأكيد أن الديمقراطية الليبرالية تنعدم فيها المساواة بين الفاعلين السياسيين مما يجعلها مبتورة ورهينة للمال السياسي وهو ما يشوه النظام الديمقراطي الحقيقي للمجتمع…

كما ترى على المستوى السياسي نتناقض كليا مع كل المنظومات الكليانية يمينا ويسارا ولعل في إرجاع الأمر إلى أصله المعرفي لدينا ( أن أساس الوجود هو الحركة وأساس الحركة الصراع وأساس الصراع التعدد) ما يؤسس دائما لمواقفنا من الديمقراطية…

فنحن لا نرى الديمقراطية نتيجة لقرار سياسي أعزل بل هي نتاج لمسار وسيرورة كما أنها ترتبط بشرط تاريخي دولي وموازين قوى لا يمكن الحديث عن فك الارتباط الذي نادى به البعض لكي تقوم به بلدان صغيرة مثل تونس في ظل اقتصاد رأسمالي معولم وذلك لا يؤدي إلا لتعميم الفقر.

 

– ما تقييمكم لعمل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي ولمشاركتكم في أعمال مجلسها؟

– بعد أن أنجزت مشروع القانون الانتخابي للمجلس التأسيسي تدخل الهيئة في تقديرنا طورا على غاية من الأهمية يتمثل في مناقشة ما أسمته حركتنا "العقد التأسيسي الجمهوري" وهي مهمة تطرح على الهيئة باعتبارها إطارا لتنظيم الصراع والحوار بين مختلف الفاعلين السياسيين والجمعياتيين وهذه المرة يتعلق الموضوع ببلورة توافقات وطنية أساسية تؤسس لإطار جامع لمواطنة جديدة لتونس ما بعد الثورة .

ذلك أن كل تحول سياسي جذري يستتبعه ضرورة عقد اجتماعي جديد يعبر عنه ويشكل ضمانا للخروج من ثقافة الاحتراب والعنف إلى ثقافة التوافق والتعاقد وإدارة الصراعات.

وفي هذا الإطار طرحنا كحركة مشروعنا الذي نشترك في جزء هام منه مع بقية التيارات والمشاريع والمبادرات المقدمة لكننا نختلف معها في طرحنا آلية إلزامية وضمانات. فلا يكفي من وجهة نظرنا إعلان النوايا حول مدنية الدولة واحترام مكاسب المرأة ومدنية التعليم ووحدة القضاء ولا يكفي الحديث عن فصل الدين عن الدولة وعن حرية المعتقد بل المهم في تقديرنا هو كيف تتحول مجمل هذه القيم إلى إطار جامع وملزم لذلك طرحنا فكرة أن العقد التأسيسي الجمهوري وجب أن تصادق عليه كل الأطراف والقوى السياسية وكل مكونات المجتمع المدني ويلتزم به كل مرشح للمجلس التأسيسي وأن يكون هذا الالتزام شرط صحة في قبول الترشح وأن يكون إطارا يضبط الخطاب الانتخابي حتى لا يتناقض خطاب أي طرف مع التزامه بما في العقد…

نحن نرى أن فحوى العقد الجمهوري يجب أن يضمن صلب الدستور وفي ديباجته ويكون بذلك إطارا تفسيريا لكل نصوص الدستور كما حصل في توطئة دستور 1946 للجمهورية الرابعة في فرنسا والذي ضمن كما هو صلب دستور 4 أكتوبر 1958 للجمهورية الخامسة واعتبره فقهاء القانون ومجلس الدولة والمجلس الدستوري الفرنسي سلطة مرجعية لبقية النصوص وفصول الدستور..

– ولكن هناك من الأحزاب من يرفض الطابع الإلزامي لهذا العقد ؟

– الأحزاب التي ترفض الإلزامية أحزاب ذات خطاب مزدوج واستراتيجيات مخاتلة وترى في الديمقراطية مجرد آلية وترفض التوافق الوطني وتؤسس بالتالي للاحتراب الأهلي . ثم إننا قد رأينا هذه القوى وهي في حالة ضعفها تقدم على كل التنازلات على مستوى الخطاب وعندما حصل لها وهم التمكن كشرت عن أنيابها للانقضاض متناسية أن الشعب بثورته وبمراكمته للنضالات لن تنطلي عليه حيل الخطاب المزدوج …لقد دقت ساعة الحقيقة ولعل في التراجعات الأخيرة في الهيئة لمن كان رافضا بالأمس مجرد المناقشة دليل على ما يمكن أن يحصل لمن يسير ضد الإرادة الشعبية …

– ويطرح البعض ضرورة الاستفتاء الشعبي على العقد ؟

– نعم للاستفتاء وليكن ذلك قبل انتخابات المجلس التأسيسي حتى توضح أمور كثيرة في هذه الانتخابات .

– جبهة 14 جانفي كأنما بدأت تترنح منذ بداية العمل في الهيئة العليا هل ذهبت الجبهة مع لحظتها التاريخية؟

– الجبهة تمر بوضع دقيق وعليها أن تحسم أمرها. لقد طرحنا من جهتنا ورقة عمل تتعلق بهيكلتها حيث نرى ضرورة أن تبعث الجبهة فروعا لها في الجهات وأن تنفتح على كل الطاقات وان تكون لها القدرة الحقيقية على المبادرة السياسية والميدانية والمرتبطة بالمرحلة القادمة وعلى رأسها الانتخابات للمجلس التأسيسي…

– هل أضر الدخول للهيئة بالتحالفات داخل الجبهة؟

– في حقيقة الأمر التحالف السياسي لا يلغي مطلقا استقلالية القرار وحرية حركة الأحزاب. ونحن كحركة كنا من أكثر الملتزمين بتعهداتنا داخل الجبهة وفي نفس اللحظة أدرنا الصراع وفقا لخطنا التكتيكي ولا يمكن أن نرتهن لشطحات بعض الفعاليات (الماقبلسياسية) فالمسألة اليوم في دخولنا أو عدمه هي التصور لتكتيك إدارة الصراع ولعل المتمعن في ما أنجزتاه بدخولنا للهيأة من إعادة تركيبتها وتوسيعها إلى بلورة عقد تأسيسي جمهوري كلها شواهد تؤكد صحة النمشي الذي اخترناه…

– الخط الوطني الديمقراطي لا يزال مشتتا بين حركة وحزب ومناضلين متفرقين؟

– في ما يتعلق بوحدة الخط نقدر أننا قطعنا خطوات هامة تتمثل في :

– فتح حوار واسع مع كل مكونات التيار الوطني الديمقراطي المنظمين وغير المنظمين من أجل بنا عنوان سياسي جامع,

– طرحنا أساسا سياسيا لهذا الحوار وتلك الوحدة لان المرحلة سياسية بامتياز وتتطلب أداة جامعة تحقق فعالية الوجود الوطني الديمقراطي في الساحة,

– قطعنا مع منطق الوحدة الصماء والتنظيم الحديدي وكل ما يحيل على ثقافة الاستبداد وآلياته ولذلك كان مشروع الوحدة ديناميكيا ومتعددا وديمقراطيا,

– بقدر ما لعبت حركة الوطنيون الديمقراطيون وحزب العمل الوطني الديمقراطي دورا أساسيا في هذه الوحدة كانت مساهمة الكفاءات غير المنتظمة فعالة وايجابية

– أطرنا مشروع الوحدة بهيكلة تقوم على تشريك كل المناضلين والمناضلات في الجهات والقطاعات وعلى قدم المساواة في اتخاذ القرار وتنفيذه…

– على ذكر الجهات فإن العديدين من مناضلي اليسار يتساءلون عن حضوركم في الجهات وعملكم في الداخل؟؟؟

– حضور حركتنا في الجهات حضور مهم وينقسم إلى قسمين: فهناك جهات لنا فيها حضور معلن عبر مقرات وجهات أخرى كان حضورنا فيها عبر مناضلينا ومناضلاتنا ولكني أؤكد إننا متواجدون بهذه الصيغة أو تلك في كل ولايات

 

الجمهورية مع اختلاف في الحجم والتأثير من ولاية إلى أخرى ..وقد قمنا باجتماعات عامة في عديد المدن الداخلية ولكن كان الإعلام غائبا…

وقد غاب الإعلام عن تغطية نشاطنا لسببين أولهما أن الإعلام الوطني (وخاصة الإذاعة والتلفزة ووكالة الأنباء الوطنية) مازال موجها ومازال في مفاصله الكبرى تحت سيطرة رجالات وممارسات العهد السابق ومن جهة ثانية فلا ينبغي أن نخفي القصور الذاتي الكبير لأننا لم نتعود بعد على آليات التعاطي مع الإعلام في ظل الوجود العلني والقانوني ونشير إلى أنه بالرغم عن هذه الوضعية فإن الإعلام البديل والحديث خاصة عبر الشبكات الاجتماعية شكل آلية فعالة في تلافي بعض النقائص…

– يخاف رأس المال الوطني من الطرح اليساري كما يخافه الرأسمال الأجنبي فبماذا تعدون ؟

– لقد طرحت حركتنا أولوياتها بكل وضوح في هذا الجانب لتفادي المغالطات… فنحن نرى أن الثورة قد حررت رأس المال الوطني من العائلات المافيوزية وحررته من البيروقراطية ومن التسلط الجبائي ومن التمييز الديواني إذن فقد آن

 

الأوان لرأس المال أن يخرج من تردده وأن يشارك في الاستثمار ونحن نرى ضرورة توفير الحوافز والامتيازات لكل من يستثمر طبقا لأولويات وطنية تتمثل في :

• الاستثمار في المناطق المحرومة

• الاستثمار في القطاعات والمشاريع ذات التشغيلية العالية وغير الهشة

• الدولة تتحمل مسؤولية كاملة في توفير الإطار التشريعي والبنى التحتية اللازمة لتطوير الاستثمارات

أما بخصوص الاستثمارات الأجنبية فهنالك حاجة ملحة لها في القطاعات ذات التكنولوجيات المتطورة التي تحقق العمالة العالية الكفاءة ونقل التكنولوجيا وكل من يحترم هذه الأولويات مرحب به لأنه يخدم الاقتصاد الوطني مع التأكيد طبعا على احترام القانون وحقوق العمال وأساسا الحق النقابي…

إننا في حركة الوطنيون الديمقراطيون لا نرى نجاحا حقيقيا في هذا الميدان دون شراكة أساسية بين الدولة والرأسمال الوطني طبقا لخطط وبرامج مرحلية لأن ضعف دورة رأس المال في تونس لا تزال تجعل من تدخل الدولة في قطاعات إستراتيجية ضرورة مؤكدة تحفظ التوازن وتبرز الطابع الاجتماعي التعديلي الذي لا يرى في الأجير أجيرا فحسب دون اعتبار لدوره كمستهلك ومنشط للدورة الإنتاجية …

– وبخصوص السياحة وهي التي تشكل قطاعا مهما في تونس؟

– برغم أنه من القطاعات الهشة في رأينا فإن القطاع السياحي ضروري لاعتبارين اثنين أولهما اعتبار اقتصادي فالسياحة تشغل مالا يقل عن مليون و200 ألف تونسي مباشرة وغير مباشرة وهي أحد أكبر مواردنا من العملة الصعبة. أما

 

الاعتبار الثاني فهو اعتبار حضاري وثقافي يعكس الشخصية الوطنية التونسية المتجذرة في تاريخها دون تعصب أو مذهبية والمنفتحة على الثقافة الإنسانية والمتوسطية بالخصوص …

حاوره علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.