ما خبايا الزيارات العسكرية المتبادلة بين تونس وقطر؟

شهدت العلاقات التونسية القطرية خلال الايام الماضية حدثين مهمين متتاليين ومترابطين ففي زيارة سرية لم يتم الكشف عنها مسبقا قدم إلى بلادنا رئيس أركان القوات القطرية المسلحة وبعدها باربعة ايام تحول وفد …



ما خبايا الزيارات العسكرية المتبادلة بين تونس وقطر؟

 

شهدت العلاقات التونسية القطرية خلال الايام الماضية حدثين مهمين متتاليين ومترابطين ففي زيارة سرية لم يتم الكشف عنها مسبقا قدم إلى بلادنا رئيس أركان القوات القطرية المسلحة وبعدها باربعة ايام تحول وفد "عسكري" تونسي الى قطر يقوده وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي ورئيس أركان الجيوش التونسية الفريق أول رشيد عمار في زيارة مفاجئة استمرت يومين. فما خفايا هذه الزيارات؟

قبل الشروع في الاجابة علينا ان نضع العلاقات بين البلدين في اطارها فحتى سنة 1996 كانت العلاقات توصف بالاخوية لكن منذ تلك السنة احدثت قناة الجزيرة الفضائية نقلة نوعية في تلك العلاقات إذ تجرأت على نقد نظام بن علي وعلى اتاحة الفرصة امام بعض أعدائه السياسيين لينتقدوا سياسته فلجأ النظام التونسي السابق الى الحكومة القطرية طالبا التدخل لانهاء تلك الاساءة لكن قطر رفضت متعللة بحرية الاعلام فأثر ذلك في العلاقات بين البلدين ووصل الامر بالحكومة التونسية الى اتخاذ العديد من الاجراءات اهمهما استدعاء السفير التونسي لدى قطر ومنع قناة الجزيرة ومراسلها من النشاط في تونس وظلت العلاقات فاترة حتى اندلعت الثورة التونسية.

وكانت قطر من اهم البلدان التي عبرت عن انشغالها بما يحدث في تونس عند بداية الثورة وتمنت في بيان رسمي "كل الخير للشعب التونسي الشقيق" دون ان تذكر نظام بن علي فكان ذلك سببا في عدم التحاقه بالعديد من الزعماء المطرودين من بلدانهم (مثل معاوية ولد سيدي احمد الطايع وابنة صدام حسين والدتها وزعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ عباسي مدني… وغيرهم من الوجوه السياسية المقيمة حاليا في قطر.)
ومن البديهي ان تنتهي الخلافات بانتهاء اسبابها فنتفهم سعي البلدين الى مزيد التقارب في ظل التحولات السياسية الجديدة في تونس.

من هذا الباب تبدو قطر متنفسا مهما لتونس خاصة على المستوى الاقتصادي فهي التي تشغل حاليا اكبر جالية تونسية في الخليج (حوالي 12 الف تونسي) وهي القادرة على استيعاب المزيد من القوى العاملة التونسية في قطر وعلى بعث العديد من المشاريع في تونس بما يخفف من ضغط البطالة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في تونس.

وقطر التي وقفت الى جانب الشعب التونسي عندما ترددت اغلب بلدان العالم تأوي حاليا احد المطلوبين الهاربين وهو صخر الماطري ولكن هل من المعقول ان يتوجه وفد عسكري رفيع المستوى الى قطر لشكرها على موقفها والتماس تمكينه من صخر الماطري واقامة الصفقات الاقتصادية؟
الاجابة لا تكون الا بالنفي لان المفترض ان تكون الاسباب مرتبطة بامور عسكرية.

لا يمكننا في الاجابة الجزم بصحة رأي معين وخطأ آخر لان الامر يعتمد على مجرد التخمين والاستقراء والتحليل.

الثابت خلال موعد الزيارتين ان احداثا خطيرة تدور في ليبيا أي البلد المجاور لتونس والتي لعبت فيه قطر دورا فعالا فهي حليف علني وشريك مساهم للثوار اعداء القذافي وهي همزة الوصل غير المعلنة بين الدول الغربية وخاصة منها الولايات المتحدة وبين الدول العربية وخاصة منها المعنية مباشرة بالثورات الشعبية.

ولو عدنا قليلا الى الوراء للاحظنا ان رئيس أركان القوات القطرية المسلحة زار تونس قادما من مصر الجار الشرقي لليبيا فهل زار البلدين لمناقشة امكانية فتح جبهتين حربيتين بريتين شرقية وغربية على النظام الليبي للتعجيل بسقوطه؟

نطرح هذا السؤال دون ان نغفل عن تصريحات وزير الدفاع البريطاني الذي مر الجمعة الماضي من التلميح الى التصريح في اقتراح ارسال قوات بريطانية الى الحدود التونسية الليبية لحماية الثوار والمواطنين الهاربين من ليبيا بعد مناقشة الامر مع المسؤولين التونسيين ولكن هل تقبل حكومة الباجي قايد السبسي والقوات العسكرية التونسية بمثل هذا الاقتراح؟

الاجابة لم تعلن على لسان أي مسؤول ولكنها جلية على أرض الواقع فكتائب القذافي التي وسعت دائرة الحرب الى التراب التونسي الاربعاء الماضي لم تجد ردا عسكريا تونسيا بل مجرد موقف ديبلوماسي يندد ويستنكر دون ان يبلغ مرحلة التهديد والوعيد.

كما ان قوات الجيش التي القت القبض على عدد من كتائب القذافي الجمعة الماضي تعاملت معهم "بعطف" اذ أعادتهم الى التراب الليبي فرحين مسرورين.

لا يمكن لهذا الموقف ان يعبر طبعا عن تعاطف الحكومة التونسية وشعبها وقواتها المسلحة مع النظام الليبي لان كل خيرنا في سقوطه اليوم قبل الغد وكل شرنا في خروجه منتصرا من حربه مع الثوار ولكن هل ان ظروفنا السياسية والاجتماعية وتشتت جهود قوات الجيش وقوات الامن في ظل واقع امني متدهور تسمح كلها بفتح جبهة حربية؟.

لا شك ان الحكومة من جهة والقوات المسلحة من اخرى يعلمان ان فتح جبهة حربية برية غربية ضد نظام القذافي يعني الزج بها في الحرب وتحويلها من طرف محايد وسلبي في نظر القذافي الى عدو معلن يجوز توسيع الحرب اليه واصابة اهدافه الحيوية بالصواريخ والقضاء نهائيا على أي امكانية لفرض الامن والاستقرار على كامل التراب التونسي.

قد يكون هذا فحوى الرسالة التي اوصلها الوفد العسكري التونسي (ممثلا الحكومة والقوات المسلحة الزبيدي وعمار) الى قطر الا اذا اثبتت الايام خلاف ذلك.

 

عادل العبيدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.