لماذا ازدهر “الراب” بعد الثورة التونسية

لاحظ كثير المتتبعين ازدهار “الراب” كشكل موسيقي بصفة كبيرة بعد الثورة بل أن البعض يعيد أحد أسباب اندلاع الثورة إلى بعض الأغاني لمغني الراب مثل “الجنرال” وغيره خاصة بعد أن وقع تتبعهم من قبل النظام السابق مما أكسبهم بعض الشهرة…



لماذا ازدهر “الراب” بعد الثورة التونسية

 

لاحظ كثير المتتبعين ازدهار "الراب" كشكل موسيقي بصفة كبيرة بعد الثورة بل أن البعض يعيد أحد أسباب اندلاع الثورة إلى بعض الأغاني لمغني الراب مثل "الجنرال" وغيره خاصة بعد أن وقع تتبعهم من قبل النظام السابق مما أكسبهم بعض الشهرة.

الراب هو شكل موسيقي غنائي ظهر في أمريكا في أوائل السبعينات عند الأقليات السوداء كتعبيرة ثقافية واجتماعية عن الظروف التي يعشها هؤلاء ثم سرعان ما انتقلت عدوى الراب إلى أروبا فأصبحت سلاحا للمهاجرين والمهمشين في هذه المجتمعات.    

أما في تونس فإن التجارب ظلت محتشمة حتى أوائل القرن 21 حيث ظهرت بعض التجارب التي تتحدث عن المشاكل الاجتماعية فحسب مثل الكرة، البطالة.. دون المساس بالمشاكل السياسية لأسباب يعرفها الجميع.

يعتمد الراب على الكلمة بشكل رئيسي وهو مقارنة بالأغنية في شكلها التقليدي لا يعتمد في تركيبته على جمل موسيقية لحنية بل على جملة واحدة تتكرر طيلة الأغنية كمصاحبة لإيقاع الكلمة، من الناحية الشعرية يعتمد الراب على اللغة الدارجة التي يفهمها الجميع وخاصة فئة الشباب كما يعتمد على قافية واحدة أو اثنتان تضفى للنص إيقاعا موحدّا ومتكررّا.

يصنف الراب ضمن الأغاني الملتزمة الجديدة حيث يمرر الخطاب بشكل مباشر وفني وقد إعتمدت النضالات السياسية على الأغنية في تمرير أفكارها وجمع المؤيدين والتعبير عن الرفض الخ… وفي التاريخ النضالي اعتمدت الحركات السياسية والقومية والإسلامية على عديد الأغاني الملتزمة فازدهرت منذ الستينات عديد المجموعات والمغنين في هذا الصنف والأمثلة عديدة مثل الشيخ إمام، مرسال خليفة في الشرق، البحث الموسيقي والزين الصافي في تونس، والأمثلة عديدة.

لكن الثورات في القرن 21 في الوطن العربي وأولها ثورة تونس لم يكن وراءها أيّا من هذه الحركات السياسية الإيديولوجية بل كان المحرك لها هو الشباب الذي لم يعاصر أيّا من هذه الحركات ولم يطلع على نضالاتها لذلك فإن "الراب" كان الشكل الفني الوحيد المخاطب لهذه الفئة من المجتمع التي تعامت بالثورة فكان أن ازدهر الراب قبل وبعد الثور للتعبير عن الاحتقان والمشاكل التي يعيشها الشباب سياسية (التهميش ، القمع ) واجتماعية (البطالة ، الحرمان ) وتعبر  أيضا عن تطلعاته إلى وطن حر يعطى فيه لكل فرد حقه في الحياة، والعيش الكريم.

 

بقلم الدكتور رضا بن منصور
أستاذ العلوم الموسيقية بالمعهد الأعلى للموسيقى بتونس

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.