تونس- ماهي العراقيل أمام انتخابات 24 جويلية؟ وماهي مخاطر تنظيمها في موعدها؟

لم يعد يفصل التونسيين عن موعد الانتخابات سوى أكثر من شهرين بقليل. ومع اقتراب العدّ التنازلي لهذا الاستحقاق التاريخي تلوح في الأفق شكوك حول القدرة على الوفاء بهذا الموعد…



تونس- ماهي العراقيل أمام انتخابات 24 جويلية؟ وماهي مخاطر تنظيمها في موعدها؟

 

لم يعد يفصل التونسيين عن موعد الانتخابات سوى أكثر من شهرين بقليل. ومع اقتراب العدّ التنازلي لهذا الاستحقاق التاريخي تلوح في الأفق شكوك حول القدرة على الوفاء بهذا الموعد.

 

ويرى مراقبون أن الكلّ أصبح يلقي بالكرة في ملعب الآخر بشأن الإعلان عن تأجيل الانتخابات، مع بروز عوائق فنية وإدارية تحول دون إجراء انتخابات نزيهة وغير قابلة للطعن في نتائجها.

 

وسبق أن ألمحت الحكومة الانتقالية على لسان وزيرها الأول إمكانية تأجيل الانتخابات، في حال أعلنت الهيئة العليا للإصلاح السياسي عن عوائق فنية تحول دون إجرائها يوم 24 جويلية المقبل.

 

لكن الهيئة العليا للإصلاح السياسي ترفض تحمل مسؤولية تأجيل الانتخابات، معللة بأنها صاغت القانون الانتخابي في ظرف قياسي ولم تتأخر في انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الجهة المسؤولة على مراقبة العملية الانتخابية برمتها.

 

عوائق فنية

 

لقد أنهت الهيئة العليا للإصلاح السياسي مداولاتها حول صياغة القانون الانتخابي منذ يوم 11 أفريل الماضي، كما انتخبت أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 7 ماي الحالي.

 

لكن المشكل القائم الآن هو الشغور الحاصل في عضوية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي ستشرف على مراقبة الانتخابات بدءا من التثبت في الترشحات وحتى الإعلان عن النتائج الأولية والنهائية.

 

وإلى حدّ الساعة لم يقع ترشيح ثلاثة قضاة لعضويتها بعد انسحاب جمعية القضاة التونسيين من الهيئة العليا للإصلاح السياسي احتجاجا على ما وصفته بتحريف الفصل الثامن من القانون المحدث للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

 

وينص الفصل الثامن على اختيار ثلاثة قضاة من قبل الهيئة العليا للإصلاح السياسي من بين ستة مرشحين يتم اقتراحهم بالتناصف من قبل كل من جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة بالتساوي من بين مستشاري المحكمة الإدارية ومستشاري دائرة المحاسبات وقضاة الرتبة الثالثة من القضاء العدلي. لكن جمعية القضاة التونسيين تطعن في نزاهة نقابة القضاة، حديثة الولادة.

 

وسيتسبب هذا الجدل القائم حول تعيين ثلاثة قضاة لعضوية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي تضمّ إدارتها المركزية 16 عضوا، في خلق إضطراب في عملها وهو ما سيصعب عليها مهمة ضبط رزنامتها كاقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد تاريخ قبول الترشحات، وتحديد تاريخ الطعن في رفض بعض الترشحات، وتنظيم قائمة الناخبين…

 

ومن بين العراقيل الفنية، التي ستواجهها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مسألة ضيق الوقت وهو عامل آخر يلعب ضدها باعتبار أنها مسؤولة على تكوين ما بين 6 آلاف و 7 آلاف مراقب للانتخابات في كامل الولايات، وهي مسؤولة على أن يتمتعوا بالاستقلالية والنزاهة والكفاءة، وإلا فيا خيبة المسعى.

 

أمّا التحدي الأكبر بالنسبة إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فيكمن في كونها ستشرف لأول مرّة على مراقبة الانتخابات في كامل مراحلها، لاسيما خلال انطلاق الحملة الانتخابية وضمان تساوي في الإعلام الانتخابي ومراقبة مصادر تمويل الأحزاب.

 

وفي انتظار أن يلتحق الممثلين الثلاثة عن القضاة في عوضيتها تجد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نفسها في فوهة بركان مع ثقل حجم المسؤولية الملقاة على كاهلها، لاسيما وأنّ أي خطأ في ضبط زنامة عملها يهدد إجراء الانتخابات في موعدها.

 

ويشار إلى أن الانتخابات السابقة كانت تنظم في عهد الرئيس المخلوع تحت إشراف وزارة الداخلية، وقد شهدت طعونات كثيرة في نتائجها. كما كان المرصد الوطني للانتخابات شاهد زور على نتائجها.

 

مخاطر مطروحة

 

ويرى بعض المراقبين أنّ إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها تشوبه مخاوف من الإقدام على انتخابات لا تتوفر فيها كل شروط  ومقومات النجاح، وهو ما قد يفجر عاصفة من الطعون والتشكيك في نتائجها، وبالتالي قد تفشل هذه التجربة الأولى في تاريخ البلاد.

 

كما ينتقد البعض عدم إلمام الإعلاميين بالقانون الانتخابي والخلفيات السياسية بسبب غياب التكوين السياسي، وهو سبب آخر قد يفسد مصداقية الانتخابات باعتبار أنّ الإعلام يلعب دورا كبيرا في تثقيف الناخبين، الذين سيذهب الكثير منهم للتصويت دون دراية كافية بالمرشحين، وهو ما يؤثر على نتائج الانتخابات وبالتالي على تشكيلة المجلس التأسيسي.

 

أمّا المخاطر المترتبة عن تأجيل الانتخابات فهي تتمثل في تواصل صبغة اللاشرعية التي تمرّ بها البلاد، وهو ما قد يضع البلاد على طريق تلفه مخاطر التوتر الأمني بسبب هشاشة كل الأطراف.

 

ومع ذلك تستغرب أحزاب سياسية من تمسك السلطة بموعد الانتخابات وتقول إنّ تاريخ 24 جويلية غير مقدس، وإنه يمكن تأجيلها إلى أكتوبر أو نوفمبر من أجل الإعداد الجيّد لإنجاحها.

 

خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.