تونس ـ محاكمة المخلوع وزوجته وأصهاره غيابيا: أي قيمة للحكم الغيابي؟ وكيف يمكن تطبيقه؟

تنطلق قريبا محاكمة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وزوجته ليلى بن علي وعدد من اصهاره المقيمين حاليا خارج أرض الوطن بعدد كبير من التهم وفي عدد كبير من القضايا.
هذه المحاكمات ستكون غيابيا أي في غياب المتهمين فما مدى قوة الأحكام الغيابية وكيف يكون التعامل معها اجرائيا وما مدى قدرتها على جلب المحكوم عليهم من الخارج ليقضوا عقوباتهم في تونس؟



تونس ـ محاكمة المخلوع وزوجته وأصهاره غيابيا: أي قيمة للحكم الغيابي؟ وكيف يمكن تطبيقه؟

 

تنطلق قريبا محاكمة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وزوجته ليلى بن علي وعدد من اصهاره المقيمين حاليا خارج أرض الوطن بعدد كبير من التهم وفي عدد كبير من القضايا.

هذه المحاكمات ستكون غيابيا أي في غياب المتهمين فما مدى قوة الأحكام الغيابية وكيف يكون التعامل معها اجرائيا وما مدى قدرتها على جلب المحكوم عليهم من الخارج ليقضوا عقوباتهم في تونس؟
يمكن تعريف الحكم الغيابي بكونه الحكم الذي يصدر في محاكمة عادلة ومستوفية الشروط على المتهم دون أن يحضر تلك المحاكمة.

وتطّلع هيئة المحكمة خلال هذه المحاكمة على ملف القضية وتستمع الى طلبات ممثل النيابة العمومية ولكنها لا تستمع إلى مرافعة لسان الدفاع ولا إلى طلباته ولهذا يكون من المضحك قانونيا الحديث عن تكليف محام لبناني بالدفاع عن الرئيس السابق زين العابدين بن علي في تونس لأنه لن يستطيع الدفاع عن موكله في غيابه.

وحسب الفصل 175 من مجلة الإجراءات الجزائية "فإذا بلغ التنبيه لشخص المتهم ولم يحضر في الأجل المعين فلا يتوقف الحاكم على حضوره ويصدر حكما يعتبر حضوريا.

وإذا استدعي المتهم بصفة قانونية ولم يحضر, يحكم عليه غيابيا رغم عدم بلوغ الاستدعاء إليه شخصيا والإعلام بالحكم الغيابي يتولاه كاتب المحكمة التي أصدرت الحكم".

ويخضع الحكم الغيابي لسلطة المحكمة التقديرية المطلقة أي إنها قد تحكم بالبراءة أو بالإدانة وفق ما يقتنع به وجدانها وإذا اقتنعت بالإدانة فإنها تصدر على المتهم المدان العقوبة التي تراها مناسبة. وفي هذه الحالة تصدر مذكرة تفتيش ضد المحكوم عليه ويتم تعميمها فإذا تم ايقافه أو تقدم تلقائيا لتسوية وضعيته فإن القانون يمكنه من الاعتراض على الحكم الغيابي.

وحسب الفصل سابق الذكر من مجلة الإجراءات الجزائية فإن "الاعتراض على الحكم الغيابي يقدمه لكتابة المحكمة التي أصدرته المعترض نفسه أو نائبه في العشرة أيام الموالية لتاريخ الإعلام .

وإذا كان المعترض قاطنا خارج تراب الجمهورية فإن الأجل يكون ثلاثين يوما."

وبعدها يتم تعيين موعد لمحاكمة جديدة لا تتقيد فيها هيئة المحكمة بالحكم السابق المعترض عليه إذ قد يقدم إليها المعترض أدلة على براءته فتحكم له بالبراءة وقد تقتنع بإدانته وتقف في الوقت نفسه على بعض الظروف التي تخفف من العقوبة فتعوض العقوبة الأولى بما تراه مناسبا.

وفي هذا المجال ينص الفصل 182 من المجلة المذكورة على انه "إذا حضر المعترض وكان اعتراضه مقبولا شكلا، فإن الحكم يلغى بالنسبة لجميع الأوجه المعترض في شأنها سواء كانت صبغتها مدنية أو جزائية ويعاد الحكم في القضية ولا لزوم لاستدعاء الشهود الذين سبق سماعهم بالجلسة الصادر فيها الحكم الغيابي". ولكن "لا ينتفع بالاعتراض إلا من قام به" أي انه إذا اعترض الرئيس المخلوع مثلا واستفاد من الإعتراض فإن هذه الإستفادة لا تسري على زوجته ما لم تعترض بدورها وإن تمت محاكمتهما في قضية واحدة.

ومعلوم أن الرئيس المخلوع وزوجته وأصهاره المعنيين بالمحاكمات موجودون حاليا خارج تونس ولهذا فمن المفترض أن تتم محاكمتهم غيابيا ومن المفترض أيضا ألا يتقدموا تلقائيا للإعتراض على الأحكام القضائية المتوقع صدورها ضدهم فما العمل لتحقيق العدالة؟
في هذه الحالة ما على السلطات القضائية غير نشر بطاقة تفتيش دولية لإيقاف المحكوم عليه المطلوب للعدالة بمجرد العثور عليه في أي مكان من العالم (على فرضية تنقل المحكوم عليه من دولة إلى أخرى)
وفي مرحلة ثانية تحدد السلطات القضائية التونسية بوسائلها أماكن المحكوم عليهم ثم تصدر بطاقة جلب اعتمادا على الاتفاقات الدولية والثنائية في ما يتعلق بتسليم المتهمين والمطلوبين للقضاء لكن لا يمكن واقعيا لتلك الإتفاقات ولا للأنتربول ان يلزم السعودية أو قطر أو الإمارات العربية المتحدة أو غيرها بتسليم الشخص المطلوب إلى تونس لان المسألة لا تتعلق بالقانون فحسب وإنما أيضا بالمصالح السياسية والإقتصادية.

 

فعندما تنجح تونس في ايجاد مصلحة ما لإحدى تلك الدول يكون بالإمكان الحديث عن مقايضة تلك المصلحة بتسلم المطلوبين للعدالة التونسية.

 

عادل العبيدي

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.