الثورة والكفرة والمؤمنون

انبرت الشرطة الالاهية فورا لتلجم أفواه الزنادقة الذين تجرؤوا على بث شريط يسيء إلى ” المقدسات الدينية للشعب التونسي ” وهددت بالويل والثبور وكبائر الأمور كل من يتجرأ على العودة إلى مثل هذا …



الثورة والكفرة والمؤمنون
بقلم علي العيدي بن منصور
رئيس تحرير “المصدر”

 

انبرت الشرطة الالاهية فورا لتلجم أفواه الزنادقة الذين تجرؤوا على بث شريط يسيء إلى  " المقدسات الدينية للشعب التونسي " وهددت بالويل والثبور وكبائر الأمور كل من يتجرأ على العودة إلى مثل هذا …

وتذكر الأنباء هنا بما وقع في كلية الآداب بسوسة حيث عمد مندوبو الشرطة الالاهية نفسها إلى إثارة القلاقل دفاعا عن منقبة أرادت اقتحام الكلية في شكلها ذلك دون أن نعرف من هو تحت عباءتها السوداء …

ولا بد من التنويه بكل وضوح أنه ليس كل المحتجين على نسمة من ذوي اللحي الكثيفة والقمصان الباكستانية كما يتبادر لذهن البعض الذين يتكلمون عن الحرية والمساواة وهلمجر…المحتجون رأينا منهم على صفحات المواقع الاجتماعية أناسا عاديين ونساء غير محجبات يحلفون ويحلفن  بأغلظ الإيمان ونحن نصدقهم,  أنهم سيكسرون أية كاميرا لهذه القناة "الفاجرة و المارقة والصهيونية " ويتوعدون المذيعين في نسمة بالقتل هكذا وهذا مسجل بالصوت والصورة  …

بالطبع نعرف أن حركة النهضة قد سارعت لنشر بيان تتبرأ فيه من كل هؤلاء وأن قياديين من الحركة قد فسروا أنمهم يشجبون ما وقع ولكنه لم يفتهم أم يذكروا بأن على الإعلاميين أيضا والمثقفين عموما مراعاة مشاعر المسلمين أهل هذا البلد …كالعادة .

والواقع أن من انبرى يوم الجمعة لتهديد الناس بالأسلحة البيضاء في كلية الآداب بسوسة سلفي واضح بينما  من يتفوه بالتهديد بالقتل أمام مقر قناة نسمة سلفي مختبئ ساهمت الحادثة  في ظهوره للعلن كما ساهمت في إظهار مدى التجييش الذي أنجزته الأحزاب الدينية وعلى رأسها النهضة وكل من معها خافيا وباطنا في المجتمع التونسي منذ 14 جانفي ..وباعتراف من بعض قياديي النهضة أنفسهم , التجييش الذي أدى إلى غلق كامل لعديد المساجد التي احتلها سلفيون وجهاديون ينادون أن الانتخابات حرام وأن الخلافة ستأتي بالقوة إن لزم الأمر وأننا مجتمع كافر يحل فيه قتل الثلثين (الكفرة مثلنا جميعا) لإصلاح الثلث (المؤمنون  مثلهم هم جميعا ) ..

ومن جهة أخرى ونحن على مشارف الانتخابات للمجلس التأسيسي فإن القول الفصل اليوم هو أننا لسنا بحاجة لمثل هذه المصادمات ولا لمثل هذه الخلافات لأنها ستحسم داخل الأطر القانونية التي سوف نرتضيها لأنفسنا غدا..إما إذا كنا نبحث عما يخيف الناس ويجعلهم يتصرفون تصرف النمل أو قطيع المواشي مثل ما يفعلون حاليا مع  الحليب والماء مصدقين أن يوم 24 أكتوبر قد يكون يوم القيامة ..فليس أحسن من هذا التجييش …وها أننا نسمع الآن أن رئيس  الترجي الرياضي قرر منع بث ومضات إشهار شركته على نسمة وأن خلايا أحباء النجم ينادون بمنع تغطية مقابلاته من قبل "القناة الكافرة "  مثل الباجي والافريقي  أو  كذلك  مثلما أعلنه البعض من العاملين في نسمة والذين يبدو أنهم قدموا استقالاتهم…

هذه هي القضية..؟؟؟

أن يتحول خلاف حول مضمون شريط سينمائي إلى قضية من هذا النوع فأننا نشعر فعلا أن بن علي سعيد اليوم أيما سعادة وهو يرى ماذا يفعل التونسيون بالثورة التونسية؟؟؟

 

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.