تونس – نتائج المستقلين والدساترة وحزب المؤتمر يمكن أن تحدد ملامح المجلس التأسيسي المقبل

يقترب موعد الانتخابات للمجلس التأسيسي بسرعة خارقة وكلما اقترب الموعد زاد توجسنا مما يحمل لنا نظرا لفرادة التجربة التي سوف تعيشها تونس والتونسيون في هذا الموعد المحوري في تاريخنا السياسي …



تونس – نتائج المستقلين والدساترة وحزب المؤتمر يمكن أن تحدد ملامح المجلس التأسيسي المقبل

 

يقترب موعد الانتخابات للمجلس التأسيسي بسرعة خارقة وكلما اقترب الموعد زاد توجسنا مما يحمل لنا نظرا لفرادة التجربة التي سوف تعيشها تونس والتونسيون في هذا الموعد المحوري في تاريخنا السياسي .

ولئن رفض القانون المنظم للانتخابات في نسخته الحالية منذ اليوم الأول للحملة كل لجوء للاستبيانات وعمليات سبر الآراء فإن المتابعين للشأن السياسي يملكون من المعلومات السابقة لتاريخ المنع ومن أدوات التحليل ما يمكن من مقاربة ما سوف تحمله لنا النتائج المتوقعة من سيناريوهات نحن لا نشك أنها تهم جميع التونسيين من قريب أو من بعيد…

وقد اتفقت جل عمليات سبر الآراء التي أجريت منذ أوائل الربيع الماضي في الواقع وحتى الأسبوع الأخير من سبتمبر على المكانة الأولى و المهمة التي تحضى بها حركة النهضة  قبل كل الأحزاب الأخرى في اختيارات العينات التي وقع سبر آرائها …ولكن الاختلاف ظل واضحا في نسبة الأهمية التي تحضى بها الحركة الاسلامية التونسية . فالواضح من جهة أنها لا ترقى إلى حد الأغلبية في كل الحالات ولا ترقى حتى إلى حد "أقلية المنع" ( minorité de blocage ) المعروفة بنسبة 33 بالمائة التي تمنع أي قوة أخرى من تكون لها أغلبية في المجلس …وحسب أغلب النتائج المعروفة والمقبولة فإن حركة النهضة تتراوح نتائجها بين 20 و30 بالمائة من مقاعد المجلس في أغلب السيناريوهات ..

وفي المقابل فإن معظم النتائج وبتواتر واضح  تعطي للحزب الديمقراطي التقدمي المرتبة الثانية وللتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات المرتبة الثالثة وللمؤتمر من أجل الجمهورية المرتبة الرابعة مما يمنح لهذه الأحزاب الثلاثة مجتمعة إمكانية مغالبة النهضة عدديا هذا إذا إعتبرنا أن الأحزاب الثلاثة قد تشكل تحالفا سياسيا للسيطرة على المجلس التأسيسي وفرض بعض الرؤى فيه .

وهذا السيناريو المعتمد على إمكانية التحالف الثلاثي هو السيناريو الأكثر قربا من أهواء شرائح الوسط واليسار المناكف للحركة الاسلامية ومما يزيد من قناعة هذه الشرائح بامكانية نجاح هذا السيناريو هو احتساب ما قد تتحصل عليه أطراف يسارية أخرى أقل ثقلا مثل القطب الديمقراطي الحداثي وحزب العمال الشيوعي التونسي والوطنيون الديمقراطيون والقوميون بمختلف مشاربهم وخاصة حركة الشعب الوحدوية التقدمية …كل هذه الفصائل المختلفة والتي لا تبخل عليها الاستبيانات ببعض النتائج المتراوحة بين مقعد وأربعة مقاعد على الأكثر يمكن أن تشكل فارقا هاما إذا ما جتمعت بطبيعة الحال…

ولكن هذا السيناريو الوردي يستبعده عديد المراقبون الذين يشكون كثيرا في وضوح تحالفات حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي لم يعلن عن رفضه التحالف مع الاسلاميين بل أنه نسق معهم في الآونة الأخيرة وبكل وضوح عديد المواقف .كما أن المتابعين يسجلون أن خطاب منصف المرزوقي كان دائما يتسم بمناطق غموض مقصود في بعض المسائل الأساسية  بالرغم عن الصدق الذي يميز هذا المناضل السياسي العنيد ولذلك فلا يستبعد أحد أن يميل المرزوقي إلى التحالف مع الغنوشي خاصة إذا ما حقق المؤتمر أكثر من 10 بالمائة من النتائج ..

وعندئذ يمكن التقدم  نحو السيناريو الذي يقض مضاجع اليسار جميعا والمتمثل في امتلاك النهضة لناصية المجلس التأسيسي عبر تحالف مع المؤتمر من جهة وتحالف مع كل الأحزاب ذات المرجعية الاسلامية والمتخفية تحت تسميات من قبيل التنمية والرفاه والتنمية العدالة ومن لف لفها وهي كثيرة,  هذا علاوة على امكانيات التحالف مع بعض الأحزاب الدستورية وعلاوة على القوائم الإئتلافية ذات المرجعية الاسلامية مثل قائمات عبد الفتاح مورو وقائمات الهاشمي الحامدي…وهنا لا تتوقف المسألة عند الفوز بأغلبية بل أن الأمر سوف يتعلق بامكانية أغلبية مطلقة لا يستغرب حسابيا تحقيقها وفرض صيغ للدستور لا يعرف مدى تمثيلها لعموم التونسيين …

ولكن الملاحظين لا يستبعدون أيضا سيناريوهات ثانية تضع في اعتبارها المعطيات الموضوعية التي قد تكون غابت أو غيبت في جل عمليات سبرالآراء ونقصد هنا محلية هذه الانتخابات من جهة وظاهرة القائمات المستقلة المعتمدة على وجوه محلية  وهي عدديا كثيرة ومتواجدة في كل الدوائر بنسب موازية  للقوائم الحزبية أحيانا …ولا يستبعد المتابعون للشأن السياسي أن تحقق بعض هذه الأسماء اختراقات كثيرة في عديد الجهات.

كما لايراهن كثيرون على النتائج المتوقعة للأحزاب الدستورية ولا يعطونها في كل الأحوال ما ذهبت إليه بعض الأستبيانات من حوالي ثلث النتائج وهو ما يبوءها للتأثير في مسارات التحالفات, ولكن ذلك لا يمنع أن أحزابا مثل حزب المبادرة لكمال مرجان والوطن لمحمد جغام وغيرهما لهم من الانصار ما يجعل عديد الاستبيانات تعطيهم نسبا ولو محدودة من المقاعد يمكن أحيانا أن تتجاوز الخمسة مقاعد مجتمعة وهو ما يكفي للتأثير في خلق أغلبية داخل المجلس الـاسيسي  …

وهكذا  فإن نتائج المستقلين من جهة ونتائج الدستوريين وبقايا التجمع من جهة أخرى ستكون مع نتائج حزب المؤتمر من أجل الجمهورية من المعطيات المحورية التي ينبغي مراقبتها بالتدقيق منذ النتائج الأولى لانتخابات التأسيسي .

 

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.