الجمعة، السبت أم الأحد: أيهم الأنسب للعطلة الأسبوعية؟ وماهو قول حكومة الجبالي؟

لا حديث هذه الأيام بين الموظفين والأعوان العموميين إلا عن مسألة إقرار يوم السبت عطلة أسبوعية إلى جانب يوم الأحد وإقرار العمل كامل يوم الجمعة بعد أن كان العمل فيه يتوقف في الواحدة بعد الظهر…



الجمعة، السبت أم الأحد: أيهم الأنسب للعطلة الأسبوعية؟ وماهو قول حكومة الجبالي؟

 

لا حديث هذه الأيام بين الموظفين والأعوان العموميين إلا عن مسألة إقرار يوم السبت عطلة أسبوعية إلى جانب يوم الأحد وإقرار العمل كامل يوم الجمعة بعد أن كان العمل فيه يتوقف في الواحدة بعد الظهر.

بعض وسائل الإعلام تداولت الخبر على أساس أن حكومة حمادي الجبالي سائرة نحو اتخاذ هذا القرار دون أن يوضح أي مسؤول رسمي الحقيقة إلى حد الآن.

وفي الواقع فإن أول من أشار إلى هذه الإمكانية هو الكاتب العام السابق للحكومة محمد الصالح بن عيسى في حوار لصحيفة الشروق اليومية منذ أسبوعين في سياق حديثه عن الإصلاحات الإدارية التي أعدتها حكومة قائد السبسي وتركتها على طاولة حكومة الجبالي لاتخاذ القرار المناسب في شأنها ومن هذه الإصلاحات إقرار يوم السبت عطلة إلى جانب الأحد.

القرار قبل اتخاذه بصفة رسمية أثار ردود فعل عديدة لدى المواطنين بين مؤيد ورافض ومُستغرب.

النهضة والجمعة

استغرب كثيرون من امكانية تحول يوم السبت الى يوم راحة أسبوعية بتونس في ظل مسك حزب النهضة ذو الميولات الإسلامية مقاليد الحكم.

ومرد استغرابهم هو عدم تماشي مثل هذا القرار مع "فلسفة " الحكم الإسلامي الذي عودنا على إقرار يوم الجمعة يوم راحة اسبوعية وينضاف له أحيانا يوم السبت، وذلك على اعتبار أن يوم الجمعة يوم استثنائي لدى المسلمين، إذ تُقام فيه صلاة الجمعة ولا بد من إعطائهم الفرصة لأدائها دون عناء وفي راحة بال تامة بعيدا عن ضغوطات العمل والدراسة.

وكان كثيرون ينتظرون من الحكومة الحالية ذات الأغلبية النهضوية ان تتخذ قرارا في هذا الاتجاه، على غرار ما هو معمول به في أغلب الدول العربية.

واستغربوا من امكانية إقرار العمل كامل يوم الجمعة بما لا يسمح للمصلين بأداء صلاة الجمعة واعتبروا ان حكومة الجبالي لا يمكنها ان تقدم على خطوة كهذه.

في حاجة للراحة

لا شك أن الأغلبية المطلقة من الموظفين تنتظر بفارغ الصبر مثل هذا القرار، اذ لا شيء بالنسبة للموظف أفضل من التمتع براحة طيلة يومين متتاليين بعد عناء عمل 5 أيام.

ويرى الموظفون أن مشاغل الحياة تعددت في السنوات الأخيرة وان العائلة التونسية أصبحت مرهقة بدنيا وذهنيا بشكل كبير خاصة في ظل خروج المرأة للعمل وبسبب تشعب دراسة الأبناء إضافة إلى مشاق النقل العمومي ومتاعب الاكتظاظ المروري.

وبذلك تحولت المسؤولية العائلية في نظر كثيرين إلى جحيم لا يُطاق وأصبحت تؤثر بشكل كبير على المردودية في العمل الإداري وحتى الخاص. لذلك فان تمكين الناس من راحة أسبوعية بيومين من شأنه أن يعيد لهم بعض التوازن النفسي والجسدي ويفسح لهم المجال لقضاء شؤونهم الخاصة وللترفيه عن النفس يومي السبت والأحد.

وتبدو المرأة العاملة أكثر المتشبثين بهذا التوجه حتى تتسنى لها العناية بالبيت طوال يومين كاملين بعد ان كان يوم الأحد لا يكفيها لقضاء الشؤون الأسبوعية للبيت مثل التنظيف وغسل الثياب وغيرها.

حصة واحدة

لم يُبد كثيرون اهتماما أو تحمسا لهذا القرار واعتبروه غير جديد على العمل الإداري في تونس، ذلك ان عدة مؤسسات عمومية وخاصة تعمل به منذ سنوات على غرار البنوك الخاصة والعمومية وكذلك الصناديق الاجتماعية وشركات الكهرباء والماء والهاتف والمؤسسات المالية وغيرها من المؤسسات الأخرى العمومية والخاصة وكذلك بعض الدواوين.

وتعليقا على هذا القرار يرى كثيرون انه كان من الأجدر بالنسبة للحكومة الحالية أو التي سبقتها ان تفكر في إقرار طريقة الحصة الواحدة المسترسلة في العمل الإداري والدراسة على غرار ما هو معمول به في عدة دول عربية.

والتوقيت الإداري في بعض الدول العربية يمتد من الساعة الثامنة صباحا إلى الثالثة بعد الظهر دون انقطاع مع راحة بساعة واحدة.

وطالما نادى كثيرون خلال عهدي بورقيبة وبن علي باعتماد هذا النظام لأنه يؤدي إلى تفادي الإرهاق المفرط للموظف مما يساهم في رفع المردودية والانتاجية، كما يؤدي أيضا إلى الاقتصاد في الطاقة ويجنب الاكتظاظ المروري بل ويساهم في مزيد الاستقرار العائلي بما ان العائلة ستجد الوقت الكافي للالتقاء وتجد الأم العاملة الوقت الكافي للعناية بالأبناء وبشؤون المنزل.

غير أن أي من النظامين لم يأخذ بهذا المقترح مثلما لم يأخذ بمقترح اعتماد يوم الجمعة عطلة أسبوعية.

اقتصاد

من وجهة نظر اقتصادية يرى الملاحظون اننا اليوم في حاجة أكثر من أي وقت مضى للعمل ساعات وأيام اضافية وليس للزيادة في أيام الراحة. فالنهوض بالاقتصاد الوطني في مثل هذه الفترة الحساسة يتطلب العمل ثم العمل والتضحية، وعند تحقيق تقدم ملحوظ يمكن عندئذ الحديث عن راحة إضافية.

كما ان اعتماد يوم الجمعة عطلة من شأنه ان يؤثر على السير العادي للمبادلات التجارية مع الدول الأوروبية والغربية بشكل عام خصوصا أن أغلب تعاملاتنا الاقتصادية قائمة مع هذه الدول عكس الدول العربية التي تعتمد يوم الجمعة والسبت عطلة ويوم الأحد يوم عمل والتي هي غير مرتبطة بالدول الأوروبية مثل تونس.

قرار تحويل يوم الجمعة أو يوم السبت عطلة أو الابقاء على يوم الأحد عطلة سيكون حتما قرار صعبا على حكومة حمادي الجبالي في ظل تعدد الآراء والمقترحات، ومهما يكن من أمر فإنه لا بد قبل اتخاذ أي قرار تكليف خبراء ومختصين لدراسة مختلف جوانبه السلبية والإيجابية. ويبقى المهم بالنسبة للتونسيين هو الزيادة في المردودية والإنتاجية وبفضلهما يمكن التغلب على مختلف الصعوبات الاقتصادية مهما كانت فترة العمل ومهما كان يوم العطلة الأسبوعية.

وليد بلهادي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.