تفاقم حجم التداين للأسر التونسية

بلغ التداين الأسري ( القروض المُتحصّل عليها من البنوك التونسية) في تونس إلى موفى سبتمبر 2011 ما قيمته 11 مليون و915 ألف دينار مقابل 10 ملايين و130 ألف دينار خلال نفس الفترة من 2010 وتتوزع هذه القروض حسب المعطيات المستقاة من البنك المركزي التونسي على 9 ملايين و557 ألف دينار لقروض السكن و2 مليون …



تفاقم حجم التداين للأسر التونسية

 

بلغ التداين الأسري ( القروض المُتحصّل عليها من البنوك التونسية) في تونس إلى موفى سبتمبر 2011 ما قيمته 11 مليون و915 ألف دينار مقابل 10 ملايين و130 ألف دينار خلال نفس الفترة من 2010 وتتوزع هذه القروض حسب المعطيات المستقاة من البنك المركزي التونسي على 9 ملايين و557 ألف دينار لقروض السكن و2 مليون و23 ألف دينار لقروض الاستهلاك (بمعدل 3 ألاف دينار لكل مقترض) و 741 ألف دينار للقروض الجامعية وحوالي 334 ألف دينار لقروض السيارات.

وحسب المعهد الوطني للاستهلاك الذي يعتمد التعريف المقدم من طرف مكتب العمل الدولي والذي يقدّر عدد النشيطين في تونس بثلاثة ملايين و593 ألف و200 عامل (حسب مؤشرات سنة 2007) فإن نسبة تداين الأسر التونسية تصل إلى أكثر من 18%.

ولطالما ارتبط موضوع التداين الأسري في تونس بالقدرة الشرائية للمواطن الذي يجد نفسه مجبرا في غالب الأحيان على الاقتراض من البنوك وبنسب فائدة مرتفعة نسبيا حسب نوعية القرض للإيفاء بتعهداته والتزاماته العائلية إلى حدّ الحديث عن تفاقم التداين الأسري في ظل تواضع الأجور وارتفاع نسق الحياة وكذلك غلاء كلفة المعيشة.

ويفسّر خبراء علم الاجتماع تفاقم هذه الظاهرة إلى كون المجتمع التونسي أصبح مجتمعا استهلاكيا بالدرجة الأولى وله مشاغل وإشكاليات الدول المتقدمة في ظل تراجع الإنتاج والمردودية على حساب تنامي الاستهلاك.

ولمزيد تحليل هذه الظاهرة المُقلقة نسبيا والتي ارتفعت بعد الثورة، جمعنا لقاء بالسيد رضا الأحول المدير العام للمعهد الوطني للاستهلاك والذي فسّر أسباب التداين الأسري في تونس إلى توفر العديد من العوامل منها بالخصوص تطور تقنيات الإشهار والبيع وحاجيات الأسرة التي أصبحت تنفق أكثر من إمكانياتها المادية إلى جانب التسهيلات البنكية.

وأضاف أن بعض الممارسات للبنوك التي تتجاوز نسبة 40% من الدخل كحد أقصى للإقراض أو تتسامح في اشتراط تقديم نسبة معينة عند طلب الحصول على قرض.

دراسة جديدة لتطور الأنماط الاستهلاكية في تونس

أعلن السيد رضا الأحول أنه لمزيد فهم ظاهرة التداين الأسري سينجز المعهد الوطني للاستهلاك بدراسة لتطور الأنماط الاستهلاكية سيحاول من خلالها التعرف على الطريقة الجديدة لعيش المستهلك ومستوى إنفاقه وتأثير ذلك على صحته ونفسيته وميزانيته.

وأشار إلى المعهد قام في فترة سابقة بدراسة حول تأثير تعصير القطاع التجاري على الاستهلاك والإنفاق تخللها استبيان شمل 1500 ربّ أسرة أفرز العديد من المعطيات الهامة ومنها حوالي 4 مستهلكين من عشرة لهم سلوك إنفاقي عشوائي وغير منضبط كما أن 23% من المستجوبين تحصلوا على قروض استهلاكية خلال الفترة التي سبقت إنجاز البحث الميداني فيما صرّح 62% ممن شملهم الاستبيان أن الإشهار يحثّ على مزيد الإنفاق والاستهلاك.

المستهلك التونسي يعيش بأكثر من قدراته المادية وأجره

و اعتبر أن القراءة الرقمية والكمية للتداين الأسري في تونس تؤكد عدم وجود خطر جدّي وأزمة حقيقية في الظاهر إلاّ أن واقع الأمور والتذمّر المتواصل للمستهلك يعكس خلاف ذلك موضحا أن الإحصائيات التي يصدرها البنك المركزي التونسي في تقريره السنوي تعتمد على الأرقام المُقدّمة من طرف البنوك التجارية فقط إلا أن هناك مصادر أخرى التداين الأسري كالصناديق الاجتماعية والشراء بالتقسيط من بائعي المواد الكهرومنزلية والتداين من الأصدقاء وكرني (كنّش) الكريدي من دكان الحي وهي معطيات لا يتم أخذها بعين الاعتبار في الإحصائيات.

وأفاد في السياق ذاته أن دراسة بسيطة لنسق عيش المستهلك وتطور رفاهه حسب إحصائيات المسح الوطني حول الإنفاق الأسري الذي ينجزه المعهد الوطني للإحصاء ومقابلته مع تطور الأسعار في تونس ونسق تطور الأجور يؤكّد وجود بون شاسع بينها مما يعكس أن المستهلك التونسي يعيش بأكثر من قدراته المادية وأجره وهو ما يجره إلى التداين المفرط بجميع الوسائل.

آثار نفسية واقتصادية

وأوضح المدير العام للمعهد الوطني للاستهلاك أن للتداين الأسري آثار نفسية واقتصادية كبيرة إذ يجعل المستهلك يحسّ بالتوتّر والضغط النفسي اليومي الذي قد يدخله في متاهات نفسية ويزيد من عصبيته وحتى عنفه ويمكن أن يؤدي إلى الانحراف والإجرام.

وعلى المستوى الاقتصادي فإن الإفراط في التداين يؤدي إلى عسر في الدفع وبالتالي إلى مشاكل اقتصادية للبائع أو المزود أو البنك المقرض وذلك رغم ما تتخذه البنوك من احتياطات وإجراءات لضمان الدفع كالتأمين على الحياة بالنسبة إلى كل قرض وضرورة نوطين الأجر (DOMICILIATION DE SALAIRE).

التداين الأسري في العالم

بلغت نسبة التداين الأسري في فرنسا خلال الثلاثي الثاني من السنة الفارطة 80.2% بزيادة 3.4 نقاط عن سنة 2010 وبلغت نسبة التداين في الولايات المتحدة الأمريكية خلال سنة 2011 نسبة 157.6% أي أن مجموع الديون يتجاوز ما ينتجه المستهلكون وفي بريطانيا 146.4% وفي إسبانيا 130% وفي اليابان 100% وألمانيا 90.8%.

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.