استياء من تشدد الإدارة في تعويض المؤسسات المتضررة منذ 14 جانفي

يثير ملف تعويض المؤسسات الاقتصادية المتضررة منذ أحداث 14 جانفي 2011 العديد من الإشكاليات القانونية والمالية والإدارية بين أصحاب المؤسسات الاقتصادية المتضررة واللجنة الوطنية المكلفة …



استياء من تشدد الإدارة في تعويض المؤسسات المتضررة منذ 14 جانفي

 

يثير ملف تعويض المؤسسات الاقتصادية المتضررة منذ أحداث 14 جانفي 2011 العديد من الإشكاليات القانونية والمالية والإدارية بين أصحاب المؤسسات الاقتصادية المتضررة واللجنة الوطنية المكلفة بالنظر في التعويض، التي لم تلق رضا الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة في معالجة هذا الملف، لا سيما وأن حجم الخسائر التي قدرتها المنظمة ما بين 140 و150 مليون دينار وأن مبلغ التعويض يعدّ زهيدا ولا يرتقي إلى تطلعات أصحاب المؤسسات.

ولقد ورد على اللجنة الوطنية المكلفة بالنظر في مطالب تعويض الأضرار الناجمة عن الاضطرابات والتحركات الشعبية التي حددها المرسوم الرئاسي عدد 40 لسنة 2011 خلال الفترة 17 ديسمبر2010 و 28 فيفري 2011 إلى موفى السنة الفارطة حوالي 650 ملف.

كما حدّد ذات المرسوم مجال التعويض في مستويين اثنين الأول يهم المؤسسات التي يفوق رقم معاملاتها 30 ألف دينار سنويا والحرف الصغرى التي لا يتجاوز رقم معاملاتها 30 آلاف دينار سنويا.

وحسب السيد صادق بجّة مدير عام النهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة بوزارة الصناعة والتجارة وعضو باللجنة المكلفة بالتعويض فإن هذه الأخيرة نظرت مع موفى العام المنقضي في 477 ملفا وتمت المصادقة على تعويض 275 ملف بقيمة 25.2 مليون دينار. وتم تأجيل النظر في 155 ملف لأمور شكلية، حسب اعتقاده. وأكد أن هذه الملفات سيتمّ تعويضها بعد استكمال إجراءات الملفات وإنهاء تقارير الاختبارات بينما رفضت اللجنة 53 ملفا بدعوى أن التعويض لا يشملها من ذلك أن الأضرار المسجلة لم تقع في الفترة التي حددها المرسوم أو أنها ليس لها نشاط اقتصادي غير الذي حدده المرسوم المذكور آنفا.

وبخصوص حصيلة المؤسسات الصناعية أفاد محدثنا أن اللجنة تلقت 81 ملفا لمؤسسات صناعية تمت المصادقة على تعويض 48 مؤسسة بقيمة 8.5 مليون دينار وتأجيل النظر في 21 ملفا في حين تمّ رفض 12 ملف، ملاحظ أن المؤسسات الصناعية تنشط أغلبها في مجال الأجهزة الكهرومنزلية وأن 7 مؤسسات من ضمن 650 ملف الوارد على اللجنة تعتبر حالات استثنائية لأنّ قيمة الأضرار تجاوز مليوني دينار وهو أكثر من سقف التعويض المُحدّد (500 ألف دينار).

وبالنسبة إلى آجال التعويض أفاد المصد نفسه أنه منذ إيداع الملف بعد استكمال كل الإجراءات الإدارية وخاصة تقرير الخبراء إلى حين موافقة اللجنة هنالك تقريبا ما بين 3 و4 أسابيع، مشيرا إلى المتضرر يحصل على الشيك لصرفه في ظرف 48 ساعة.

تعويض الحرف

من جهتها، بيّنت السيدة عائدة بن جابر رئيسة مصلحة بالإدارة العامة للتجارة الداخلية بوزارة الصناعة والتجارة أنه بالنسبة إلى تعويض الحرف والتجارة الصغرى أن معالجة هذه الملفات تتم على مستوى اللجان الجهوية بكل الولايات وتلقت هذه اللجان مع نهاية السنة الماضية 1848 ملف تحصل منها 554 ملف على مصادقة اللجان الجهوية. وبلغت قيمة التعويض 3.6 مليون دينار.

إشكاليات بالجملة

إلى ذلك، أثار السيد ماهر الفقيه رئيس الإدارة المركزية للشؤون الاقتصادية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وعضو باللجنة الوطنية لتعويض المؤسسات المتضررة، جملة من الإشكاليات والصعوبات التي ترافق معالجة هذا الموضوع، معتبرا أن منظمة غير راضية عن مبالغ التعويض والتي لا تعكس تماما الخسائر التي تكبدتها المؤسسات المتضررة.

ويرى أن صندوق ضمان المُؤمّن لهم لتعويض الأضرار تبلغ قيمته 80 مليون دينار وتتصرف فيه شركة الإعادة التونسية (Tunisie Ré ) وأن قيمة التعويض إلى حد الآن وصلت إلى 25 مليون دينار فقط.

وتحدث كذلك عن مشكل الخبراء المعنيين بإنجاز الاختبارات المضادة لتقييم حجم الأضرار. ولاحظ في هذا الجانب أنّ تقارير المؤسسات المتضررة والخبراء غير متطابقة وهو ما يقع اللجوء إلى اختبر ثالث يعطل سير معالجة الملفات، علاوة على أن اللجنة لم تأخذ في أغلب الحالات بتقارير الاختبارات التي أنجزتها المؤسسات المتضررة بتعلة أن قيمة الأضرار لا تتطابق مع الواقع ورقم المعاملات وهو ما أدي في العديد من الحالات إلى رفض الاختبارات، معتبرا "أن عقلية الإدارة دائما تُخوّن صاحب المؤسسة وتعتبره مُتحّيلا".

كما أن هناك مشكل آخر حسب محدثنا نعاني منه المؤسسات المتضررة التي لا تزال تنتظر الخبير الذي عينته اللجنة للتحول إلى المؤسسات في بعض المناطق الداخلية بسبب عدم توفر الخبير في المنطقة التي تتواجد بها المؤسسة.

مشاكل فترة التعويض

شدّد ماهر الفقيه على وجود ثغرات عديدة في المرسوم الذي حدد فترة التعويض (17 ديسمبر 2011 /28 فيفري 2011) موضحا أن بعض أحداث الشغب والتحركات الشعبية حصلت في تونس بعد هذا التاريخ من ذلك أحداث النهب التي حصلت في المركب التجاري "ببالماريوم" بالعاصمة وبعض المناطق الأخرى في ولايات بنزرت وجندوبة. فضلا عن الصدور المتأخر للنصوص التطبيقية للمرسوم وهو ما دفع العديد من المؤسسات القيام بإصلاح الأضرار بعد القيام بالاقتراض من البنوك.

واعترف الصادق بجة من وزارة الصناعة والتجارة أن المرسوم يتضمن بعض النقائص يتعين على الحكومة الجديد تفاديها وبالنسبة إلى مسألة الاختبارات كشف أن بعض الخبراء العدليين الذين أشرفوا على عمليات تقييم الأضرار ليس لديهم الكفاءة المهنية للتقييم العلمي والموضوعي وأن مضمون التقرير لا يستجيب للشروط المطلوبة.

وأضاف أن هناك بعض المؤسسات طالبت تعويض وفق ما جاء في تقاريرها أكثر من رقم معاملاتها ونشاطها بالإضافة إلى عدم الاستظهار بالوثائق اللازمة بعد إتلافها تماما وهو وضع اللجنة في مأزق كبير للتعويض.

وبيّن أن قيمة صندوق ضمان المُؤمّن لهم بقيمة 80 مليون دينار تعتبر أموال المجموعة الوطنية ووجب حسن التصرف فيها.

مواصلة الضغط

وأعلن ماهر الفقيه أن منظمة الأعراف ستواصل الضغط من أجل تعديل المرسوم والتمديد في فترة التعويض وقيمته، مشيرا إلى المباحثات ستتواصل مع وزارة المالية في الغرض وأعلن في هذا الصدد أن منظمة الأعراف ستنظم في قادم الأيام يوم إعلامي سيضم البنوك ووزارة المالية والمؤسسات المتضررة وعرض الصعوبات والمعوقات التي واجهتها للخروج بتوصيات عملية في الغرض.

من جهة أخرى، طالب ماهر الفقيه من البنوك التجارية مساعدة المؤسسات الاقتصادية المتضررة بعد أن رفضت العديد منها الوقوف بجانب هذه المؤسسات

وجدد في نهاية حديثة أن "ملف تعويض المؤسسات الاقتصادية المتضررة من أحداث 14 جانفي لم يقع معالجتها بصفة مرضية وعادلة وأن قيمة التعويض متواضعة."

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.