لماذا تصمت الحكومة على حزب التحرير غير القانوني؟

على الرّغم من أنّ حزب التحرير محظور قانونيا ولا يمتلك تأشيرة العمل السياسي باعتباره حزب له جذور متطرفة ويتبنى تطبيق الشريعة والخلافة الإسلامية، إلا أنّ أنشطته على أرض الواقع غير سريّة بل مسموح بها وهي تعادل عشرات المرات أنشطة أي حزب آخر معترف به…



لماذا تصمت الحكومة على حزب التحرير غير القانوني؟

 

على الرّغم من أنّ حزب التحرير محظور قانونيا ولا يمتلك تأشيرة العمل السياسي باعتباره حزب له جذور متطرفة ويتبنى تطبيق الشريعة والخلافة الإسلامية، إلا أنّ أنشطته على أرض الواقع غير سريّة بل مسموح بها وهي تعادل عشرات المرات أنشطة أي حزب آخر معترف به.

 

وقد يسأل سائل ما سرّ الصمت المريب للحكومة الجديدة التي تقودها النهضة عن تحركات حزب محظور، والحال أنه يكثف من اجتماعاته في أماكن عامة من البلاد غير عابئ بالقانون ويقوم بتعبئة قواعده سرا وعلانية ضدّ أنصار التيار العلماني، إلى حدّ تكفيرهم والاعتداء عليهم.

 

وهذا الأحد 05 فيفري 2012، سيعقد حزب التحرير "المحظور" ندوة بعنوان "العلمانية حرب على الإسلام والمسلمين" بمنطقة حمام الغزاز (الوطن القبلي)، يتوقع أن تنتهي بتكفير أنصار التيار العلماني الذين يعتبرهم هذا الحزب عدو لله وللمؤمنين ويجب القضاء عليه بإقامة الحدّ.

 

ومن شأن مثل هذه الندوات التي تعقد بعد الثورة، في خرق واضح للقانون مقابل صمت مريب ومستمر من السلطة، أن تثير مشاعر التباغض والكره بين المواطنين باعتبارها تفرّق الشعب التونسي إلى مسلم وكافر في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تكاتف أبنائها للخروج من دوامة الصراعات الإيديولوجية.

 

والخميس الماضي، كشر حزب التحرير "المحظور" عن أنيابه ونزل بثقله إلى العاصمة حيث تظاهر رافعا شعاره التوحيدي المليء بالسواد القاتم للتنديد بزيارة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كرسيتين لاغارد، بدعوى أنّ الزيارة تكرس الهيمنة الرأسمالية الغربية على البلاد.

 

ووزع أعضاء حزب التحرير ذوي اللباس الدخيل على تونس أو اللباس الطائفي كما كان يطلق من قبل في عهد النظام السابق مناشير تنتقد حكومة الجبالي بأن لا فرق بينها وبين حكومة بن علي أو نظام بورقيبة بسبب هرولتها لنيل رضا الوفود الدولية ومراكز القرارات في الدول الغربية.

 

ويرى مراقبون أنّ حزب التحرير بدأ يتفشى كالسرطان في الكثير من الأوساط الشعبية مستغلا الغبن الاجتماعي والثقافي والخلفية الإسلامية في المجتمع لحشد الناس وتوسيع قواعده.

 

وأفسح سقوط النظام الديكتاتوري السابق ظهور التيارات السلفية المتشددة، التي بلغ بها الأمر في ظل أوقات البهتة الأمنية إلى الاعتداء على الصحفيين والشخصيات الوطنية بسبب اختلاف الرؤى والقناعات، مستشرفين فتح أبواب الديكتاتورية الدينية أمام الناس.

 

وفي ظلّ هشاشة الحكومة التي تخشى على احتياطها الانتخابي إذا ما أقدمت على كسر شوكة حزب التحرير، يسعى هذا الأخير إلى فرض سياسة أمر الواقع بواسطة التعصب أو العنف على مجتمع يغلب عليه الإسلام المعتدل منذ قرون قبل أن ينشأ أي حزب من الأحزاب التي تدعي الإسلام.

 

ويثير تمادي السلطات في التغاضي عن الجرائم التي يرتكبها أنصار السلفية المتشددة شكوكا حول تواطؤ مدروس في إطار التدافع الاجتماعي. كما يعكس ذلك تضاربا مفضوحا بين الشعار المرفوع حول دولة القانون في الوقت الذي يتقاعس فيه الحكام الجدد عن فرض احترام القانون بحماية المواطنين من الاعتداءات المتكررة على الملأ.

 

وقد أثار السلفيون المتشددون بعد اشتباكات صفاقس الأخيرة مخاوف جزء كبير من الشعب بأنّ هناك مساعي حقيقية من المتشددين في الاستحواذ على الأسلحة لغايات سياسية بحتة.

 

وقد أوضح مصدر أمني للمصدر أن عنصرا من المعتقلين في هذه الأحداث له سوابق بقضية سليمان وكان ضمن المفرج عنهم في إطار العفو التشريعي العام بعد الثورة، رغم أن الداخلية خيرت عدم الكشف عن هوية الإرهابيين وتركت للقضاء العسكري متابعة الملف.

 

وسبقت أحداث صفاقس عدة أحداث أخرى تورط فيها السلفيون المشددون كان القاسم المشترك بينها العنف والتعصب والتطرف.

 

ويذكر في هذا السياق اقتحامهم للمؤسسات الجامعية لفرض النقاب، ومهاجمة قناة نسمة بعد بث الفيلم الإيراني "برسيبوليس"، علاوة عن مطالبتهم بفصل الإناث عن الذكور في الدراسة وتحليلهم لظاهرة الزواج العرفي الممنوعة بالقانون.

 

وشن أنصار السلفيين وهذا التيار المشبوه مؤخرا حملة استهدفت المعارضة من خلال اتهامها برفع فزاعة الإسلاميين وتعمدها وضع العصا في العجلة.

 

غير أن الأحداث المتلاحقة إلى اليوم تثبت أن ظاهرة السلفية المتشددة قد باتت تشكل خطرا حقيقيا على المواطنين بسبب الضرب والركل والنطح والبصاق.

 

وبالعودة إلى الاحداث الماضية أقدم أنصار السلفية الجهادية ومن يدور في فلكهم على القيام بتفجيرات إرهابية ومنها استهداف الكنيس اليهودي بجربة مرورا بأحداث سليمان وصولا الى الاشتباكات المسلحة بصفاقس.

 

خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.