تونس: القوميون في مؤتمرهم التوحيدي أمام تحديات العودة إلى واجهة الحدث

يعقد القوميون من التيار الناصري في تونس مؤتمرهم التوحيدي انطلاقا من الجمعة وعلى مدى يومين ما بين تونس العاصمة ومدينة نابل في الوطن القبلي…



تونس: القوميون في مؤتمرهم التوحيدي أمام تحديات العودة إلى واجهة الحدث

 

يعقد القوميون من التيار الناصري في تونس مؤتمرهم التوحيدي انطلاقا من الجمعة وعلى مدى يومين ما بين تونس العاصمة ومدينة نابل في الوطن القبلي.

ومما لا شك فيه أن هذا المؤتمر يكتسي أهمية خاصة للقوميين الناصريين ولبقية مكونات التيار القومي في البلاد. مع العلم أن القوميين كانوا من أكبر الخاسرين في الانتخابات الأخيرة لتشتتهم وعدم بروز أطروحاتهم بالنحو الكفيل بتأمين تمثيليتها في المجلس التأسيسي.

وقد بدأت عدة جولات من المفاوضات بين حركة الشعب الوحدوية التقدمية وحزب الشعب الممثل بنائب واحد في المجلس التأسيسي وانتهت إلى هذا المؤتمر التوحيدي بين الحزب والحركة وعدد من الشخصيات القومية المستقلة والمعروفة على الساحة  كمرحلة أولى على أن تتلوها خطوات توحيدية أخرى ربما تشمل لاحقا الشق القومي البعثي الذي يعاني هو الآخر من الانقسام وتعدد التنظيمات.

وتطرح على المؤتمرين القوميين اليوم عدة تحديات مهمة مرتبطة بالأساس بالوضع الذي تعرفه المنطقة إثر الربيع العربي والذي يترتب عنه أولا إعادة نظر جذرية في المقاربة القومية للوضع مع العلم أن الربيع العربي قد استهدف من بين ما استهدف أنظمة كانت تدعي انتمائها الفكري القومي مثل نظام ألقذافي والأسد ونوعا ما علي عبد الله صالح.

ومن جهة أخرى فإن الأطروحات القومية بحد ذاتها قد استهدفت بالنقد الشديد القادم من أجيال جديدة من الشباب الذين يعيدون طرح كل المسلمات القديمة انطلاقا من مقاربات القضية الفلسطينية وحيثيات التوحد وتجاربه العربية الفاشلة وثنائية الحرية والديمقراطية ومكانتها في التصورات الجديدة وأهمية التجارب الوحدوية عير العالم مثل التجربة الأوروبية وغيرها.

كما يطرح على القومين اليوم تحد آخر من الوزن الأثقل يتمثل في ضرورة ابتداع ردود فكرية وسياسية وعملية ناجعة أمام المد الديني الذي اجتاح بلاد الربيع العربي والذي مكن الإسلاميين وغيرهم من السلفيين من اكتساح الساحة السياسية من الرباط حتى دمشق. والمعروف أن التيار القومي كان منذ أيام عبد الناصر رأس الحربة في مقاومة الدعوات الإخوانية وطرحها التكفيري بتشبثه بمقومات الهوية العربية الإسلامية للأمة وتجذره فيها وابتداعه لموقف تقدمي في طرحه يتسع لكل مكوناتها بمختلف انتماءاتها الدينية.

ومن جهة أخرى فإن خصوصية المرحلة السياسية هنا والآن وكذلك على امتداد الوطن العربي تطرح تحد من نوع آخر على الحركة القومية في علاقة بما سبق ذكره ويتعلق بإعادة النظر بعمق في أطروحاتها الفكرية التي تتأرجح بين مواريث الفكر القومي التقليدي ابتداء بطروحات ساطع الحصري وعصمت سيف الدولة وصولا إلى موروث الحركة القومية عند عبد الناصر وغير ذلك من التراث القومي لإعادة قراءته ومن ثم ربما إعادة إنتاجه على مقاييس جديدة ووفق الأنساق الجديدة التي تعرفها الأمة العربية في هذه الآونة المفصلية في تاريخها.

إن هذه التحديات الجسام التي ستطرح على القوميين في مؤتمرهم التوحيدي لا تبخس أهمية أسئلة أخرى تتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد بالطبع ولكنها تبين في الآن نفسه تعقيدات الوضع بالنسبة لهذه العائلة الفكرية التونسية أولا وقبل كل شيء.

 

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.