نحو التخلي عن مرسوم ” قائد السبسي” المتعلق بسقوط جرائم التعذيب بعد 15 عاما

ذكرت مصادر متطابقة أن لجنة الحقوق والحريات بالمجلس الوطني التأسيسي صادقت الإربعاء على اعتماد توصية حول مراجعة الفصل 3 الوارد في المرسوم عدد 106 لسنة 2011 الصادر في 22 أكتوبر 2011 …



نحو التخلي عن مرسوم ” قائد السبسي” المتعلق بسقوط جرائم التعذيب بعد 15 عاما

 

ذكرت مصادر متطابقة أن لجنة الحقوق والحريات بالمجلس الوطني التأسيسي صادقت الإربعاء على اعتماد توصية حول مراجعة الفصل 3 الوارد في المرسوم عدد 106 لسنة 2011 الصادر في 22 أكتوبر 2011 والمتعلقة بسقوط جريمة التعذيب بعد مرور 15 سنة.

 

ومن المنتظر أن يقع إلغاء ما ورد بهذا الفصل وتعويضه بمبدأ آخر وهو عدم سقوط  الدعوى العمومية في جريمة التعذيب بمرور الزمن مثلما تنص على ذلك اتفاقية الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب.

 

وبررت التوصية هذا المقترح بأنه لا مجال للتهرب من العقاب  في جريمة التعذيب، واعتبر بعض النواب ان مرسوم أكتوبر 2011 صدر أساسا لحماية أصحاب النفوذ في نظامي بورقيبة وبن علي الذين تعلقت بهم قضايا تعذيب أو قد تثار ضدهم قضايا في هذا الخصوص .

 

وكان  مرسوم 22 أكتوبر 2011 قد نص في فصله 3 على انه "تضاف فقرة رابعة للفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية كما يلي  :تسقط الدعوى العمومية  الناتجة عن جناية التعذيب بمرور خمسة عشر عاما .  وتجري آجال سقوط الدعوى العمومية بالنسبة لجرائم  التعذيب التي ترتكب على طفل بداية من بلوغه سن الرشد".

 

ولم يتعرض الفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية في صيغته الأصلية إلى سقوط  الدعوى العمومية في جريمة  التعذيب بمرور الزمن لكنه تعرض لسقوط الدعوى العمومية بالنسبة للجنايات بشكل عام وهي 10 سنوات.

 

مرسوم مفاجئ وغريب

اعتبر الملاحظون والحقوقيون في تونس أن مرسوم  أكتوبر 2011 كان مفاجئا وغريبا لأنه جاء ليخالف بشكل واضح ما تنص عليه  المادة الرابعة من اتفاقية الأمم المتحدة  لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 1984 التي صادقت عليها تونس سنة 1988، لكن رغم ذلك صدر المرسوم بالرائد الرسمي.

 

ويرى فقهاء القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وفقه القضاء أن الجرائم المتعلقة بالتعذيب هي جرائم خطيرة، لا يمكن ان تسقط بالتقادم شأنها شأن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة.

 

وكانت اللجنة الدولية المنبثقة عن معاهدة منع التعذيب، والمختصة في مراقبة مدى احترام الدول الأطراف في الاتفاقية للأحكام المنبثقة عنها، قد أكدت أكثر من مرة أن منع سقوط جرائم التعذيب هو مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان وعلى الدول العمل به.

 

اتهام قائد السبسي

لدى صدور المرسوم اتهم كثيرون الباجي قايد السبسي، الوزير الأول آنذاك، بأنه عمد سن هذا المرسوم حتى يسمح لكثيرين، بمن فيهم هو نفسه، بالتفصّي من العقاب عن جرائم تعذيب ارتكبوها لما كانوا وزراء وكبار مسؤولين وكوادر أمنية في عهدي بن علي وبورقيبة.

 

وتتوجه أصابع الاتهام نحو الباجي قائد السبسي حول تورطه في تعذيب اليوسفيين في عهد حكم الزعيم بورقيبة.

 

كما أن سن المرسوم في هذه الفترة التاريخية المفصلية من تاريخ تونس بعد الثورة، اعتبره الحقوقيون هدما للعدالة الانتقالية التي ترمي إلى إظهار الحقائق في جرائم انتهاك حقوق الإنسان وجرائم التعذيب وسعيا
إلى التستر على مجرمين وحمايتهم من طائلة القانون.

 

قوة المعاهدات الدولية

يوجد إشكال قانوني آخر حتى في صورة إلغاء الفصل 3 من مرسوم أكتوبر 2011 والعودة للعمل بالصيغة الأصلية الفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية.

 

حيث ينص الفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية على أن  الدعوى العمومية بالنسبة للجنايات (وهو حال جرائم التعذيب) تسقط بمرور 10 أعوام  ابتداء من يوم وقوع الجريمة  .ويخشى كثيرون من اعتماد هذا الفصل لإسقاط جرائم التعذيب بمرور 10 سنوات ويرون أنه من الأفضل الإبقاء على مرسوم أكتوبر 2011 الذي ينص على سقوط الدعوى العمومية في جريمة التعذيب بمرور 15 عاما.

 

لكن في هذه الحالة أيضا لا بد من العودة إلى الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي تنص على أن التتبع من أجل جرائم التعذيب لا يسقط بمرور الزمن  وبالتالي العودة إلى مبدأ علوية المعاهدات والاتفاقات الدولية على القوانين الداخلية.

 

وليد بالهادي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.