تونس– الملف المعقد للتنمية الجهوية مفتاح نجاح الثورة

تعتبر التنمية الجهوية إحدى أولويات البلاد ولا توجد قوة سياسية اليوم لا تبرز محورية المسألة، لا بل وارتباط نجاح أية خطة تنموية كانت بنجاحها في تحقيق التنمية في المناطق الداخلية التي حرمت من حقها في الثروة لعدة عقود…



تونس– الملف المعقد للتنمية الجهوية مفتاح نجاح الثورة

 

تعتبر التنمية الجهوية إحدى أولويات البلاد ولا توجد قوة سياسية اليوم لا تبرز محورية المسألة، لا بل وارتباط نجاح أية خطة تنموية كانت بنجاحها في تحقيق التنمية في المناطق الداخلية التي حرمت من حقها في الثروة لعدة عقود.

ويذهب كل فريق سياسي للبحث عن المقاربات الأمثل في ما يطرحه في هذا الملف الحيوي مثلما أعلنت حكومة الترويكا مؤخرا عن جعل بداية الاهتمام بالجهات أحد أكبر عنوانين ميزانية الدولة التكميلية لسنة 2012 التي سوف يناقشها المجلس التأسيسي في غضون أيام قليلة.

ومثلما اقترح السيد نجيب الشابي باسم الحزب الديمقراطي التقدمي التفكير في إحداث صناديق تنمية جهوية لكل إقليم اقتصادي تمول في جزء منها من ريع الثروات الطبيعية التي استعملتها الدولة سابقا وعليها اليوم إعادة جزء منها  لأصحابها..وتوجد بالطبع مقاربات أخرى مختلفة اختلاف طارحيها.

كما أن المعنيين بالأمر من متساكني المناطق الداخلية لهم رأي ذو أهمية قصوى في الموضوع بحكم أن تشريك المواطن في البحث عن الحلول واستنباط وإبداع الإجابات الضرورية لما هو مطروح من ملفات يزيد من فرص الوصول إلى أفضل الحلول في كل ما استعصى من طروحات …  وسوف يكون للمجتمع المدني من خلال جمعياته ومؤسساته (مثل إتحاد الشغل ) دور محوري في قيادة وتعميق هذا الجهد التشاركي الذي قد لا تفلح الإدارات والهياكل الرسمية في الوصول إلى إقناع المواطن به.

ويتفق العديد من الأخصائيين أن إصلاحا هيكليا للتنظيم الإداري التونسي لا مفر منه اليوم للتوجه حثيثا نحو إرساء لا مركزية واضحة المعالم تبدأ في مرحلة أولى على مستوى الولايات الحالية ولكنها مدعوة فورا لاستنباط نظام الأقاليم الاقتصادية لأن الحجم الصغير الحالي للولايات واشتراك بعضها في خصوصيات عدة تدفع لذاك . ويتفق الخبراء على ضرورة ابتداع تقسيم يخلق عددا من ألأقاليم تتجانس خصائصها التنموية في الغالب وتبلغ من الحجم ومن المقدرات الذاتية ما يسمح لأية خطة تنموية بالحد الأدنى من النجاح.

وتشكل الثروات الطبيعية,على ندرتها في تونس,قاعدة كل الاحتجاجات التي تزايدت بعد الثورة مثل ما هو الحال في الحوض المنجمي في جهة الجنوب الغربي ومثل ما هو الحال في تطاوين حول آبار النفط والغاز الشحيحة، بينما تتزايد المهاترات حول ثروات غير مستغلة من الفسفاط في توزر أو في منطقة سراورتان في الكاف وكذلك حول مخزونات محتملة من البترول في جهة عمر بوحجلة من ولاية القيروان.

وتنم مثل هذه الأطروحات التي تفتقد في الواقع لكل مصداقية حقيقية من هاجس البحث عن محفزات ذات فاعلية للتنمية التي تفتقدها كل المناطق الداخلية التونسية شمالا وجنوبا وغربا.

ولربما لهذه الأسباب ولتشعب الملف التنموي الداخلي فإن أغلب المختصين في التنمية يقرون أن بداية إرساء حركية شاملة تكون القاطرة الحقيقية للتنمية الداخلية تمر حتما بالتزام السلط العمومية بالتدخل على مستويات عدة تمكن الجهات من خطة تنموية وطنية تتشكل حول خمسة ميادين حيوية وخالقة للتنمية في حد ذاتها.

وهذه الميادين تشمل بداية الطرقات الكبرى المهيكلة للتراب الوطني (مثل الطرقات السيارة ) وكذلك برنامجا كبيرا لإعادة هيكلة وإعادة انتشار السكك الحديدية لنقل المسافرين والبضائع .

كما تشمل هذه الميادين الدفع الكبير للشبكة الوطنية للتراسل عير الانترنيت ذات السعة العالية والسرعة الكبرى لأهميتها في الاقتصاد اليوم على كل المستويات وتشمل تدخلات السلط العمومية ضرورة ميداني الصحة من جهة وميدان التعليم والتكوين اللذين من دونهما لا يمكن تصور نجاح أي خطط تنموية.

وسيظل ملف التنمية الجهوية أحد أكثر ملفات ما بعد الثورة تشعبا وخطورة في ذهن كل الطبقة السياسية التونسية لإدراك الجميع أن هذا الهدف الأساسي من أهداف الثورة التونسية سوف يحكم على كل المسار الانتقالي الذي تعيشه بلادنا.

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.