تونس- الانقسامات الحزبية المتتالية تهدد الساحة السياسة بالانفجار

بعد الأمل الذي صاحب عملية مخاض حزب المسار الاجتماعي المؤلف من حركة التجديد وحزب العمل التونسي ومستقلي القطب الديمقراطي. كان ميلاد الحزب الوسطي الكبير موعد آخر تنتظره الساحة السياسية اليسارية على أساس أن يكون مرحلة متقدمة أخرى على درب التوحد وعلى درب تصحيح تحرك وتموقع العائلة اليسارية على الساحة السياسية حتى تتمكن من تقديم بديل له من الوزن ما يكفي لمجابهة أطروحات اليمين النهضوي أو السلفي أو غيرهما…



تونس- الانقسامات الحزبية المتتالية تهدد الساحة السياسة بالانفجار 

 

بعد الأمل الذي صاحب عملية مخاض حزب المسار الاجتماعي المؤلف من حركة التجديد وحزب العمل التونسي ومستقلي القطب الديمقراطي. كان ميلاد الحزب الوسطي الكبير موعد آخر تنتظره الساحة السياسية اليسارية على أساس أن يكون مرحلة متقدمة أخرى على درب التوحد وعلى درب تصحيح تحرك وتموقع العائلة اليسارية على الساحة السياسية حتى تتمكن من تقديم بديل له من الوزن ما يكفي لمجابهة أطروحات اليمين النهضوي أو السلفي أو غيرهما.

ولكن ميلاد الحزب الجمهوري الذي ثمنته الطبقة السياسية تزامن مع الأسف مع احتجاجات طالت المؤتمر النهائي للحزب الديمقراطي التقدمي من قبل مجموعة هامة من مناضلي الحزب ومن أعضاء كتلته التأسيسية التي جمد تسعة من أعضائها انتمائهم إليها احتجاجا على ما اعتبروه تزييفا للانتخابات الداخلية للحزب واختيار أعضاء لجنته المركزية التي تشكل الثقل الأكبر في الحزب الجمهوري الجديد.

وهكذا يبدأ الحزب الجمهوري الخطوات الأولى بأزمة حادة في أكبر مكوناته تنذر إن لم تتمكن الجهود العديدة المبذولة في أعلى المستويات من احتوائها, بنتائج وخيمة على مسار ميلاد الحزب الجديد.

والمتتبع لأسباب الأزمة يمكن أن يتفهم ولا شك ما يبسطه المعارضون من تحفظات على المؤتمر الأخير وعلى طريقة تسيير الانتخابات فيه وعلى نتائجها. ولكن هذا التفهم لا يمكن أن ينفي ملاحظة تسرع المعارضين في قرارهم بالتجميد وسوء اختيار كامل للتوقيت في الإعلان عن مثل هذا الخلاف علاوة على عدم إدراك واضح بالإرباك الذي تدخله مثل هذه الأزمة على مسرة تكوين الحزب الجمهوري الجديد.

ولكن الأزمة التي يعيشها الحزب الديمقراطي التقدمي ومن ورائه الحزب الجمهوري لا تعني مع الأسف اقتصار التجاذبات السياسية على يسار الساحة السياسية،  فبعد ما شهده حزب التكتل من انسلاخات واستقالات فها أن حزب الرئيس المرزوقي , حزب المؤتمر من أجل الجمهورية يعيش حلقة جديدة درامية الأحداث من مسلسل ما حل به من أزمات منذ أن انتهت الانتخابات. والمؤسف أن الأمور هذه المرة قد بلغت مدى متقدما جعل مناضلا من المؤسسين الأوائل للحزب مثل عبد الرؤوف العيادي يتحمل مسؤولية قيادة الحركة الاحتجاجية الجديدة التي ناصره فيها عدد مهم من نواب كتلة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في المجلس التأسيسي. ولئن فسر العيادي الحركة الاحتجاجية بضرورة التصدي لمن يريد أن يدجن الحزب لصالحه أو لصالح حسابات سياسية خارجة عن الحزب فإن الملاحظين يتوقعون هذه المرة أن لا تقف الأمور عند حدود التراشق بالتهم مثلما هو الحال في المؤتمر منذ مدة وأن انقساما حادا لا بد آت. مع العلم أن الوزير محمد عبو سبق وأن نوه في أوائل السنة الحالية   بأن المؤتمر سيعيش حالة انقسام لا مفر منها.

هذه هي حالة الساحة السياسية يمينا ويسارا ويمكن أن نواصل سرد تصدعات عديدة ظاهرة وأخرى خفية في عدد من الأحزاب وحتى الكبرى منها…إذ لا تخلو عائلة سياسية من تجاذبات حول الأشخاص أو حول الرؤى التكتيكية أو الإستراتيجية.وهذه الوضعية المقلقة في ساحتنا السياسية يفسرها الخبراء بهشاشة التركيبات الحزبية وبالتصحر السياسي الذي عرفناه على مدى نصف قرن. مما لم يمكن عائلاتنا الحزبية من تراكم التجارب ولم نراكم إلا التجربتين النقابية (وهي تجربة فيها الكثير من التناقضات ) والطلابية وهي تجربة مبنية أساسا على فوضى الأفكار و على نقص فادح في النضج التكويني. وإذا ما نضيف إلى ما سبق معطيات هذه الفترة الانتقالية المفتوحة على كل الاحتمالات السياسية، والتشخيص المفرط للتصارع الذي ينتج عن التناول الإعلامي التعددي للأخبار الحزبية يمكن أن نتفهم أننا ربما لازلنا في أول الدرب وان التحولات داخل الساحة السياسية لن تنتهي في الآجال القريبة.

 

 

علي العيدي بن منصور

 

 

 

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.