وزير الدفاع السابق رضا قريرة… هل يكون كبش فداء للتستر على مسؤولين آخرين؟

عقد الاتحاد الوطني لنقابات الأمن ندوة صحفية بالأمس تحت عنوان “حان وقت الكلام: حقائق تنشر لأول مرّة”، وهو عنوان أختير على تلك الشاكلة لاستدراج وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، وتمرير رسائل إلى الرأي العام…



وزير الدفاع السابق رضا قريرة… هل يكون كبش فداء للتستر على مسؤولين آخرين؟

 

عقد الاتحاد الوطني لنقابات الأمن ندوة صحفية بالأمس تحت عنوان "حان وقت الكلام: حقائق تنشر لأول مرّة"، وهو عنوان أختير على تلك الشاكلة لاستدراج وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، وتمرير رسائل إلى الرأي العام.

 

وقبل عقد الندوة كان بعض الصحفيين يسألون أنفسهم عن مضمونها وعن أهمية "الحقائق" التي ستنشر لأول مرّة، وعن السبب الذي دفع بقوات الأمن للإفصاح عنها في هذا التوقيت، وبعد أكثر من 16 شهرا على الثورة، وعن العلاقة بالحكم الابتدائي الأخير الصادر ضدّ شرطيين اثنين تورطا بقتل متظاهر بجزيرة قرقنة، وحوكما بـ20 سنة سجن لكل منهما.

 

لكن استفهاماتهم زادت أكثر تعقيدا بعد الندوة التي شعروا خلالها بأنها هناك مبالغة في توجيه التهم إلى وزير الدفاع السابق رضا قريرة في عهد بن علي، بأنه رأس الأفعى، دون غيره !!!

 

وبدأت القصّة مع تصريحات أنيس المقعدي الناطق باسم نقابة أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، والذي استهل كلامه مشيرا إلى أنّ الوقائع التي سيسردها تأتي كثمرة دراسة قامت بها قيادات أمنية وعسكرية منذ 07 جانفي 2011 لتحديد المتسببين في قتل المتظاهرين.

 

واتهم وزير الدفاع السابق رضا قريرة بأنه الوحيد المتسبب في إثارة الفتنة والفوضى بعد هروب بن علي، مشيرا إلى أنه نشر "إشاعات كاذبة" عبر وسائل إعلام "لإثارة الفتنة بين المواطنين والأمنيين والعسكريين".

 

وقال إنّ هذه الإشعارات "تتعلق بوجود قناصة وسيارات إسعاف وسيارات حكومية تطلق النار عشوائيا في الشوارع على المواطنين وباندلاع معارك بين الجيش والأمن الرئاسي وميليشيات مسلحة" تابعة لبن علي والطرابلسية.

 

وقال إنّ رضا قريرة كان "وفيا لنظام بن علي حتى بعد هروبه"، مشيرا إلى أنّ قريرة اتصل يوم 15 جانفي 2011 بسمير العبيدي آخر وزير اتصال في عهد بن علي (الذي تمّ تعيينه قبل أسبوع من سقوط بن علي) طالبا منه نشر هذه "الشائعات" بأنها "بلاغات من وزارة الدفاع" بهدف "إثارة فوضى في البلاد وتعطيل عملية الانتقال السياسي للسلطة وضمان عودة بن علي" وفق مزاعمه.

 

وقال "كان من المفروض أن يحتفل التونسيون يوم 15 جانفي بانتصار الثورة، لكن نشر هذه الشائعات أدى إلى تواصل الاشتباكات بين مواطنين غاضبين ورجال أمن اعتبروا خونة" ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى".

 

ولم يعرّج أنيس المقعدي الناطق باسم نقابة أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية على حادثة اعتقال باعث القناة (حنبعل) العربي نصرة يوم 23 جانفي2011.

 

ووجهت إلى العربي نصرة تهمة الخيانة العظمى بدعوى أنه متورط ببث إشاعات ومعلومات مغلوطة للرأي العام لإثارة الفتنة والبلبلة بين الناس لإرجاع الديكتاتور السابق، وفق ما يشير إليه الاتهام. وتم بعد يوم إطلاق العربي نصرة في ظروف لا تزال غامضة.

 

بالمقابل، ركز أنيس المقعدي كامل مداخلته على كيل التهم لرضا قريرة دون سواه، قائلا إنه هو من أعطى التعليمات لفتح المجال الجوي أمام طائرة بن علي مساء 14 جانفي 2011 حتى يتمكن من الهرب.

 

وقال إن شركة أمريكية تؤمن الاتصالات من وإلى داخل طائرة بن علي، أكدت بأن هناك ثلاثة مكالمات دامت 13 دقيقة (مكالمتين دامت 5 دقائق ومكاملة دامت 3 دقائق) بين رضا قريرة وبن علي، وفق قوله.

 

وقال أنيس المقعدي إن رضا قريرة "كذب" في تصريح لإذاعة "موزاييك" لما قال إن بن علي اتصل به لبعض الثواني وهو في الطائرة، وشعر بأنه كان مخدرا.

 

واتّهمه بأنه أعطى تعليماته للجيش لإطلاق النار على فرقة فرقة مكافحة الإرهاب التي قادها سمير الطرهوني لتحرير أفراد من عائلة الطرابلسي يوم 14 جانفي 2011 بمطار قرطاج عندما كانوا يتأهبون للهروب نحو أوروبا، إلا أن الجيش رفض تطبيق هذه التعليمات على حدّ قوله.

 

وصدرت بطاقة إيداع بالسجن في حق رضا قريرة مساء 20 سبتمبر 2011 اثر التحقيق معه حول قضية فساد مالي. وقبل ذلك، مثّل رضا قريرة  لدى كثيرين لغزا غامضا باعتبار أن الرجل بقي إلى حدود شهر ماي الماضي بعيدا عن القضاء إلى أن تم الشروع في التحقيق معه في قضايا تهم فترة توليه وزارة أملاك الدولة الدفاع .

 

لكن لم يقع أبدا التحقيق معه حول أمور تهم وزارة الدفاع  في الأيام الأخيرة السابقة لهروب بن علي والتي تلتها حيث ما زال هذا الملف لم يفتح بعد رغم ما حام من شبهات حول اضطلاع قريرة  بأدوار بارزة مساء 14 جانفي وطيلة يومي 15 و16 جانفي.

 

ورغم تغيير كافة أعضاء الحكومة مباشرة بعد ثورة 14 جانفي 2011، إلا أن رضا قريرة هو الوزير الوحيد الذي واصل البقاء على رأس وزارته (الدفاع) مدة أسابيع عديدة إلى جانب الوزير الأول محمد الغنوشي ثم جاء قرار إقالته وتعيين السيد عبد الكريم الزبيدي وزيرا للدفاع مكانه.

 

ومطلع شهر مارس الماضي، بادر قريرة بالإدلاء بتصريح صحفي حول ملابسات أحداث 14 جانفي 2011، ليكون بذلك أول وزير من وزراء بن علي يدلي بمثل تلك التصريحات المثيرة التي لاقت اهتماما كبيرا لدى الرأي العام.

 

وقال آنذاك إنه هو من أذن بإيقاف علي السرياطي بثكنة العوينة بعد هروب بن علي ولمح إلى إمكانية فشل مخطط للاستحواذ على الحكم حاولت تنفيذه بعض الأطراف (في إشارة إلى السرياطي)، وتحدث عن تفاصيل اتصالاته الهاتفية  القصيرة والمتقطعة بالرئيس المخلوع طوال يوم 14 جانفي.

 

واعتبرت ردود الفعل أن قريرة حاول آنذاك تبرئة ساحته من تهم عديدة التصقت به على غرار تسهيله مهمة بن علي وعائلته في الخروج أو التخطيط لانقلاب عسكري فاشل.

 

وكان علي السرياطي مدير الأمن الرئاسي سابقا قد ذكر من سجنه أن رضا قريرة أوهم الرأي العام والشعب عبر تصريحاته الصحفية في مارس 2011 بأنه (السرياطي) كان يستعد للقيام بانقلاب على نظام الرئيس المخلوع بن علي.

 

وقال "أسألوا رضا قريرة من سمح لطائرة الرئيس بمغادرة الأراضي التونسية في المطار العسكري؟ علما أن الطائرة الرئاسية ظلت تحلق في الأجواء التونسية لمدة من الزمن؟ وأسألوه أيضا من فتح باب المطار العسكري للطائرة الرئاسية أليس بإذن منه؟".

 

لكن مهما يكن من أمر، لا يمكن بأية حال أن تأخذ الاتهامات الموجهة إلى وزير الدفاع السابق رضا قريرة وإن ثبت تورطه في جرائم، كأنها مسلمات أو أن تظهره المسؤول الوحيد عمّا حاصل في أحداث الثورة، أو أن تقدمه جهة ما ككبش فداء تسترا لا قدر الله على مسؤولين أمنيين آخرين.

 

خميس بن بريك ووليد بالهادي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.