أخيرا الحكومة ” تتفطن ” لغرق البلاد في الفضلات والأوساخ…لكن دون حلول عاجلة !!

أخيرا ” استفاقت ” الحكومة و أعلنت أن الاوساخ والفضلات المنتشرة هنا وهناك أصبحت لا تطاق ..أخيرا تحركت الحكومة وأقرت في مجلس وزاري الاثنين ان الوضع أصبح ينذر بالخطر ولا بد من معالجته . لكن متى ستعالجه ؟ و بأي السبل ؟ …



أخيرا الحكومة ” تتفطن ” لغرق البلاد في الفضلات والأوساخ…لكن دون حلول عاجلة !!

 

أخيرا " استفاقت " الحكومة و أعلنت أن الاوساخ والفضلات المنتشرة هنا وهناك أصبحت لا تطاق ..أخيرا تحركت الحكومة وأقرت في مجلس وزاري الاثنين  ان الوضع أصبح ينذر بالخطر ولا بد من معالجته . لكن متى ستعالجه ؟ و بأي السبل ؟

مما لا شك فيه ان تحرك الحكومة جاء متأخرا كثيرا ، كما انه لم يأت بحل سريع وعاجل لإنقاذ البلاد من الحالة التي " غطست فيها " جراء تراكم الاوساخ في كل شبر من البلاد ، واكتفى المجلس باستعراض بيانات حول واقع النظافة في البلاد ( وكأن هذا الواقع ينتظر استعراضا من مجلس الوزراء لتأكيد صحته ) والأسباب التي ادت إلى تراجع مظاهر الحفاظ على البيئة والوسط السليم  ( وكأن هذه الأسباب غامضة وفي حاجة لمن يفك طلاسمها ) والحلول الممكنة لتجاوز هذه الوضعية  ( وكأن البلاد تعيش طيلة السنوات الماضية بلا حلول في مجال رفع الفضلات ) .

والأغرب من ذلك كله ان المجلس الوزاري قرر في الأخير مزيد  النظر في هذه المسألة خلال مجلس وزاري قادم ، وكان الوضعية ليست على درجة  كبرى من الاستعجال وبإمكانها مزيد الانتظار ، ونسي المجلس أن فصل الصيف ، الذي تشتد فيه أزمة الفضلات بفعل ارتفاع درجات الحرارة ، انقضى منه اليوم شهر و10 أيام ، وبالتالي فان الحلول المنتظرة قد تأتي بعد مرور الصيف وبعد انقضاء الموسم السياحي وبعد أن تسد روائح الفضلات الأنوف وبعد أن تتسرب الأمراض إلى الأجسام  وبعد أن تتشوه صورة البيئة بالتمام والكمال .

منذ أشهر والمواطنون يطلقون صيحات الفزع حول تدهور الوضع البيئي وحول الوسخ الذي أصاب المدن وحتى القرى والأرياف لكن ما من مجيب ، حتى أصبحت الفضلات تكاد تقطع المرور أمام السيارات والمترجلين بعدة انهج وطرقات .

و طيلة المدة الماضية يتساءل المواطنون  هل لهذا الحد عجزت دولة حاصلة على استقلالها منذ أكثر من نصف قرن عن معالجة ملف الأوساخ والفضلات ؟ هل لهذا الحد عجزت الدولة ، حكومة وإدارة ، بما لديها من امكانات بشرية وتقنية على استنباط حلول ملائمة تجنب البلاد ما لحقها من " دمار بيئي " .

لقد كان على مجلس الوزراء أن يأذن باتخاذ حلول قريبة لهذا الملف يتم الشروع في تنفيذها حالا ، وأن يأذن بصرف اعتمادات فورية يتم صرفها لشراء تجهيزات تمكن من رفع ما تكدس من فضلات في أقرب وقت .   

الجميع متأكد اليوم أن الوضع البيئي في تونس غريب ، ومرد الغرابة هو ان البلاد لم تعرف  له مثيلا طيلة السنوات الماضية ، والجميع متأكد أنه وضع خطير ، ومرد  الخطورة هو ما أصبحت تتسبب فيه الفضلات المتراكمة هنا وهناك من روائح كريهة ، لا شك انها تحمل بين طياتها أمراضا مرعبة ، ومن تكاثر الحشرات والزواحف ، لا شك أنها سامة . فضلا عن تشويه صورة البلاد في عيون السياح وفي عيون مواطنيها أيضا ، وهذا الأخطر .

كل الملاحظين في هذا المجال أكدوا أنه ما كان للوضع أن يؤول إلى ما هو عليه اليوم لو بادرت الحكومة ( حكومة الغنوشي كما حكومة السبسي كما حكومة الجبالي ) إلى دعم العمل البلدي بالاعتمادات اللازمة وبالتجهيزات الضرورية حتى تتجاوز محنة الدمار الذي لحق تجهيزات بعض البلديات ( وليست كلها ) خلال الثورة .

فقد سبق لعدة نيابات خصوصية ( التي حلت محل البلديات ) أن طالبت من سلطة الاشراف ( وزارة الداخلية ) طيلة أكثر من عام بمدها بالاعتمادات المالية وبالتجهيزات اللازمة لمزاولة العمل البلدي في أفضل الظروف ، لكن هذا الملف ظل ثانويا إلى أبعد الحدود في عيون الحكومات الثلاث المتعاقبة .

وبدا واضحا ان هناك عدم تجاوب صريح مع هذه المطالب ، بشهادة اعضاء النيابات الخصوصية ورؤسائها ، إلى درجة أن استقال كثير منهم من مهامه لعدم قدرتهم على الاستجابة لطلبات المواطنين وعلى الإيفاء بتعهداتهم التي قطعوها على أنفسهموا يوم تقدم لهذه المناصب ،  حتى بلغ الأمر ما بلغه اليوم .

وأكثر من ذلك هو اللخبطة التي أصبحت ميزة أساسية لعمل أعوان التنظيف ، خاصة بعد تعطل لغة الحوار اكثر من مرة بالنسبة لمطالبهم الاجتماعية وبسبب اصرار كثير منهم على التهاون في اداء واجبه وتحديهم للواجبات الموضوعة على عواتقهم . وما على الحكومة إلا التدخل لإيجاد حل توافقي لهذا الملف الذي طال أكثر من اللزوم .

ويرى شق آخر من الملاحظين ان الوضع سيتواصل ، بلا شك ، على ما هو عليه طيلة العام القادم ، باعتبار أن رئيس الجمهورية أعلن أن تنظيم انتخابات بلدية سيكون في الصائفة القادمة . وحسب آراء عديدة فانه كان من المفروض اجراء انتخابات بلدية في أقرب وقت حتى تتضح الرؤية حول العمل البلدي ولا يبقى رهين " النيابات الخصوصية " التي ثبت أن بعضها غير مؤهلة للقيام بهذه المهمة .

 

وليد بالهادي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.