تراجع مستوى العيش في تونس يهدّد المسار الديمقراطي

ترتبط الديمقراطيات في العالم ارتباطا وثيقا بمستوى عيش المواطنين ومستوى تعليمهم، فارتفاع الأجور وتطور البنية التحتية وعصرنة المؤسسات الخدماتية، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى التعليم تعد من أساسيات نجاح الأنظمة الديمقراطية…



تراجع مستوى العيش في تونس يهدّد المسار الديمقراطي

 

ترتبط  الديمقراطيات في العالم ارتباطا وثيقا بمستوى عيش  المواطنين ومستوى تعليمهم، فارتفاع الأجور وتطور البنية التحتية وعصرنة المؤسسات الخدماتية، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى التعليم تعد من أساسيات نجاح الأنظمة الديمقراطية.

 

وتونس حديثة العهد بالديمقراطية تتخبط في مشاكل تنموية واجتماعية عويصة خلفها النظام السابق، فنسبة الفقر في تونس تقدر بـ27 بالمائة، في حين ترتفع نسبة البطالة على المستوى الوطني إلى 19 بالمائة وتصل في بعض المناطق الداخلية إلى 50 بالمائة. 

 

أما البنية التحتية من طرقات ومؤسسات صحية وتربوية ومرافق خدماتية وترفيهية وثقافية فهي لا ترتقي إلى مستوى آمال شريحة كبرى من المجتمع التونسي، إذ تعيش أغلب جهات البلاد نقصا فادحا في البنية التحتية والمؤسساتية.

 

وبعد الثورة ومطالبة الشعب بنظام ديمقراطي يكفل الحريات والعيش بكرامة وذلك عبر توفير كل مستلزمات العيش الكريم فإن الأولويات التي من المفروض أن ترفع شعارها كل من الرئاسات الثلاث هو القضاء على الفقر والحدّ من البطالة وكتابة دستور بعيدا عن الإيديولوجيات والحسابات الحزبية الضيقة وتحسين مستوى عيش المواطن.

 

ولكن ما يمكن ملاحظته أن الأطراف الثلاثة انساقت وراء صراعات سياسية ومعارك على السلطة وتنخرط في حملات انتخابية سابقة لأوانها مما صعب من مهمتها بالإضافة إلى تدهور الاقتصاد الوطني وارتفاع الأسعار وتفاقم ظاهرة التهريب وسوء علاقتها بالاتحاد العام التونسي للشغل.

 

وكان من الأولى أن تعمل هذه الأطراف على إيجاد الحلول الممكنة بالتوافق مع جميع الأطراف السياسية والاجتماعية لتحسين مستوى عيش المواطنين وذلك بالتركيز على عدد من المحاور الرئيسية على غرار دعم اللامركزية الجهوية عبر انتخاب مجالس جهوية وبلديات جديدة واحترام استقلالية قرار هذه الهيئات المنتخبة.

 

كما كان من المفروض أن يتمّ حشد همم المستثمرين التونسيين وجلب الاستثمارات الأجنبية عبر تأمين مناخ مستقر للاستثمار وذلك عبر خطاب سياسي متزن يدعو إلى تهدئة الأوضاع وتوحيد الشارع التونسي نحو هذه القضايا المصيرية، علاوة على نشر ثقافة المواطنة وقيم الديمقراطية وتجنب توظيفها لأغراض حزبية.

 

ويبدو من خلال المعطيات والمؤشرات الاقتصادية أن البلاد ستشهد تراجعا في مردودها الاقتصادي على الأقل خلال السنتين القادمتين وهو ما من شانه أن يؤثر على مستوى عيش المواطن عبر تدهور قدرته الشرائية وتفاقم ظاهرتي البطالة والفقر التي قد تدخل البلاد في موجات من الاحتجاجات والعنف والفوضى.

 

كما قد يؤثر هذا الوضع على المسار الديمقراطي في تونس الذي من الممكن أن يعرف تراجعا قد لا تحمد عقباه خاصة في ظل الانقسامات التي تعرفها تونس بين الإسلاميين والعلمانيين وضعف الوعي السياسي  لدى شريحة هامّة من المجتمع.

 

ولذا على السياسيين اليوم خاصة من هم في سدة الحكم أن يتخلوا عن غرورهم بأنهم الشرعيون والمنتخبون وأن يتخلوا على ولاءهم الحزبي الأعمى بأن يضعوا مصلحة البلاد فوق كل اعتبار وأن يشاركوا جميع القوى السياسية والاجتماعية في الثورة ضدّ الفقر والتهميش والفوارق الجهوية والبطالة.

 

مريم التايب 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.