هل ساهمت حادثة تطاوين في الترفيع من شعبية “نداء تونس” على حساب “النهضة”؟

أحدثت عملية مقتل المنسق الوطني لحركة “نداء تونس” بتطاوين ورئيس الاتحاد الجوي لاتحاد الفلاحين لطفي نقض بهذه الولاية شرخا كبيرا في معاملات وعلاقات الأحزاب فيما بينها وبالأخص خلقت منعرجا جديدا وخطيرا في استفحال العنف السياسي في تونس، الذي تطور تدريجيا من عنف سياسي لفظي ومناورات في مختلف وسائل الإعلام والاجتماعات وحتى في الجلسات العامة للمجلس التأسيسي مرورا بالتهديد بالقتل للعديد من النشطاء الحقوقيين ووصولا بالفعل إلى قتل لطفي نقض…



هل ساهمت حادثة تطاوين في الترفيع من شعبية “نداء تونس” على حساب “النهضة”؟

 

أحدثت عملية مقتل المنسق الوطني لحركة "نداء تونس" بتطاوين ورئيس الاتحاد الجوي لاتحاد الفلاحين لطفي نقض بهذه الولاية شرخا كبيرا في معاملات وعلاقات الأحزاب فيما بينها وبالأخص خلقت منعرجا جديدا وخطيرا في استفحال العنف السياسي في تونس، الذي تطور تدريجيا من عنف سياسي لفظي ومناورات في مختلف وسائل الإعلام والاجتماعات وحتى في الجلسات العامة للمجلس التأسيسي مرورا بالتهديد بالقتل للعديد من النشطاء الحقوقيين ووصولا بالفعل إلى قتل لطفي نقض.

 

الأمر الثابت أن حادثة القتل هذه، أحدثت دهشة كبيرة من تواصل حالات الاحتقان والتعصّب الحزبي وتخوين التونسيين لبعضهم البعض، إذ أن أبناء "العروش" والمدينة الواحدة والحي الواحد وحتى زملاء العمل لم يعد تجمعهم هذه العناصر بقدر ما فرّقتهم الانتماءات الحزبية التي طغت بشكل لافت وغير مقبول مما انجر عنه مقتل شخص والتسبب في يتم 6 أطفال لا ذنب لهم سوى فقدان عائلهم الأول.

 

لقد أدت عملية القتل إلى موجة كبيرة من الاحتقان بين حزبي النهضة وحركة "نداء تونس" المنتمي إليها المفغور له، ليتم الإعلان رسميا عن أن المعركة الانتخابية القادمة ستنحصر بالأساس بين هذه الحزبين دون سواهما.

 

هذا الاحتقان بين الحزبين تحوّل من صراع خفي وغير مُعلن في بدايته إلى صراع وعداوة مُصرّح بهما في وسائل الإعلام والندوات الصحفية والمنابر الحوارية وبلغت ذروة الأزمة في تبادل التهم وكشف أساليبهما في التعاطي مع الشأن السياسي في البلاد.

 

وما يمكن التأكيد عليه أن حادثة مقتل لطفي نقض وحسب المتابعين والملاحظين قد تغيّر العديد من المعطيات وموازين القوى ين الحزبين بمعنى أن هذه الحادثة قد تؤثر سلبيا على صورة حركة النهضة في أوساط وعموم الشعب التونسي وبالمقابل ارتفاع أسهم حركة "نداء تونس".

 

فالمتابع لمجريات الأحداث على امتداد الفترة الأخيرة يلاحظ بالتأكيد أن حركة النهضة بدأت بما لا يدع مجالا للشك تفقد شعبيتها لدى العديد من المواطنين إذ أن عدد لا بأس منهم وفي تصريح مباشر للمصدر، اعترف عن ندمه لتصويته للنهضة في انتخابات أكتوبر 2011 بعد ما لمسه من تواضع الانجازات الاقتصادية والاجتماعية وبالخصوص ارتفاع غلاء المعيشة ووصولا إلى حادثة مقتل رئيس الاتحاد الجهوي لاتحاد الفلاحين بتطاوين على يد مجموعة من رابطة حماية الثورة بالجهة وممثلين عن حركة النهضة.

 

يمكن اعتبار أن حادثة القتل والأداء الحكومي خاصة في الوزارات المفصلية في الحكومة (الداخلية والعدل والخارجية والشؤون الدينية والنقل والفلاحة وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية) والتي يُسيّرها أعضاء من حركة النهضة أعطيا صورة كافية للمواطنين عن توجهاتهم الانتخابية في الاستحقاق وأنهم سيأخذون مسافة من النهضة.

 

إن ما يتعرّض له حزب حركة نداء تونس من ممارسات وسعي إلى إقصاءه من الحياة السياسية بالرغم من وقوف العديد من الأحزاب الأخرى إلى جانبه ومساندته في حقه في ممارسة النشاط السياسي، يذكّرنا بما تعرّضت له حركة النهضة بعد الثورة من إقصاء و إساءة وتشويه وسوء فهم لمشروعها السياسي وهو ما انعكس ذلك جليا في العديد من المنابر الحوارية في وسائل الإعلام علاوة على حصول لسلسة من الأحداث في البلاد خلال سنة 2011 ولعلّ أبرزها عرض الفيلم الإيراني المسيئ للذات الإلهية (برسيبوليس).

 

إلى ذلك أن العديد من المواطنين وكرد فعل على الفارغ الديني والأخلاقي الذي كرّسه النظام السابق ورغبتهم في ترسيخ الإسلام المعتدل والوسطي غير المتطرف جعلهم يُصوّتون لحركة النهضة في الانتخابات الفارطة.

 

أمّا الآن فإن الكفّة بصدد الميل في اتجاه حركة نداء تونس التي جلبت إليها عطف المواطنين وارتفاع تعاطفهم مع عائلة لطفي نقض الذي تم اغتياله على حدّ تعبير قيادي نداء تونس.

 

عامل آخر بصدد ترجيح كفة نداء تونس هو أن عدد لا بأس به من النخبة التونسية (المثقفين والمبدعين والفنانين…) وثلة من رجال الأعمال انضمت إلى حركة نداء تونس وهو عامل قد يكون حاسما في المعركة الانتخابية باعتبار أن العديد من المحللين السياسيين يرون أن الحزب الذي لا تُدعّمه النخب الثقافية وأصحاب المال من الصعب أن يصمد.

 

والسؤال الذي يفرض نفسه في خضم مجريات الأحداث هو هل ستُراجع حركة النهضة مواقفها وتلتزم بالحوار والجلوس مع كل الفرقاء السياسيين؟ أم أنها ستواصل تعنّتها السياسي بما قد لا يخدمها بالمرة؟

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.