الإرهاب يواصل ضرب تونس.. وتونس يمكن أن تواجه وتتغلب

ضرب الإرهاب مرة أخرى بلادنا في مقتل…العمليتان اللتان عاشتهما الأربعاء كل من سوسة والمنستير ولئن خفف من وطئهما فشل منفذيهما في إتمامهما إلا أن الوجع لم يسكن والألم والخوف لم يهدئا ولن يهدئا…



الإرهاب يواصل ضرب تونس.. وتونس يمكن أن تواجه وتتغلب

 

ضرب الإرهاب مرة أخرى بلادنا في مقتل…العمليتان اللتان عاشتهما الأربعاء كل من سوسة والمنستير ولئن خفف من وطئهما فشل منفذيهما في إتمامهما إلا أن الوجع لم يسكن والألم والخوف لم يهدئا  ولن يهدئا…

الإرهاب ضربنا مرة أخرى وأدمى جرحنا النازف منذ أولى عملياته في بير علي بن خليفة  وحتى مقتل شهدائنا في سيدي علي بن عون. وبعد أن هاجم قوات الأمن وضرب أعوان الحرس هاهو اليوم يصيبنا في ثلاث مواقع حساسة . ثلاثة مواقع وليس إثنين فقط كما يتبادر إلى الذهن..

أصابنا في سياحتنا حين حاول ضرب سوسة وفي نزل يغص بحوالي ألف سائح ..وضربنا في تاريخنا ورموزنا حين ضرب أو حاول ضرب روضة آل بورقيبة التي طالما هاجمناها وطالما كرهنا ما فعله بنا الزعيم الشيخ من أجلها ولكننا لم نفكر يوما في اقتلاعها من ذاكرتنا . وأخيرا أو بالأحرى أولا ضربنا الإرهاب في أعز ما نملك وما لا يعوض ، ضربنا في شبابنا عبر هذين الشابين اليافعين التونسيين أبا وأما ولحما وعظاما ، اللذين ارتضيا أن يقامرا بحياتهما من أجل تدمير أعز ما لهما في الدنيا ، هذا الوطن اللذي حضنهما مع والديهما وكبرهما وعلمهما ورعاهما…ولكن جاء من استطاع أن يغسل كل ذلك الانتماء وكل تلك المحبة ويزرع بدلها الموت والخراب…

لا سبيل اليوم إلا أن نقر أن أنصار الشريعة ومن لف لفهم من المتطرفين الدينيين قد حزموا أمرهم على المواجهة الكبرى. لم يدم عرضهم المسرحي وهم ينظفون الشوارع ويوزعون الإعانات للفقراء إلا ما يكفي ليقوم (حمالة الحطب ) منهم بجمع ما يكفي من المال والعتاد القادم من الجرح الغائر الآخر في ليبيا …إلا لما يكفي ليستهووا ذوي النفوس الضعيفة ويجندوا من علق بمخهم ورم ، ولا غرو في ذلك إن اضطروا لفصل الإبن عن أمه والبنت عن أبيها والأب عن أبنائه …وبينما كانت حناجرنا تبح منددة بعنترياتهم التي طالت الجامعات والفنون والفنانين والصحافيين كانوا هم في مقياس آخر للصورة.. كانوا "يلعبون الرياضة" في الشعانبي والسمامة وفي سفوح سجنان عندما كان وزير داخليتنا حينها ورئيس حكومتنا الآن يساوي بينهم وبين من يخرج منددا بوضعيته الاجتماعية أو محتجا يقطع الطريق لجلب النظر لوضعية أهل بيته او قريته أو حيه…

كان أنصار الشريعة حينها يضحكون علينا وعلى الحكام النهضويين البهاليل الذين يتوددون لهم في كل تصريح.

كانوا حينها في آية " وأعدوا لهم ما استطعتم من عدة ورباط خيل…" وكنا نتناقش وبهاليل النهضة حول ماهية المتطرف وإن كان أو أمكن أن يكون من المريخ مثلا… 

وبرغم كل الحزن العالق في مآقينا الآن ، وبرغم كل الألم الذي صرنا نتجرعه في كل لحظة ، وبرغم الخوف الساكن فينا ليل نهار، فإنه لا يمكن ان نستسلم لهم ولا أن نسلمهم وطننا. كل يوم يمر يزداد الوطن لحمة وكل يوم يمر يتحقق فيه ما لم يحلم به أي ديكتاتور في ما نشاهد من تعاضد كل مواطن مع رجال أمننا بالرغم عن الإرث القاسي من الكره للبوليس الذي خلفه لنا رئيسانا "الصالحان" بورقيبة وبن علي…

نعم يمكن لتونس أن تواجه. ومثلما تكسرت على شطآنها الهجمة الوهابية التي كادت أن تأتي على خصوصيتنا التي ابتغيناها فإن الهجمة السلفية الجهادية أيضا ستتكسر على جدرانها وأمام صمود بناتها وأبنائها…عندما مات شكري بلعيد لم تركع تونس وعندما مات محمد البراهمي لم تركع تونس بل أجبرت العديدين من المتمسحين بأهداب السلفية أن يفصحوا عمن هم ؟ هل أنتم تونسيون أم ماذا؟ وإن لم تكونوا كذلك فاذهبوا لأي جحيم تريدون..فعندنا ،كما قال درويش، عندنا في أرضنا ما نعمل..

تونس سوف تواجه وتعرف كيف تواجه. تواجه بالحب وبالحب للحياة ، تواجه بتواصل العمل في كل مكان ، تواجه بتواصل الإبداع في المسرح وفي السينما وفي التلفزيون وفي الأدب والشعر ، تواجه بمزيد الانتصارات الرياضية وتواجه بمزيد تألق المرأة التونسية في كل مكان وتواجه بتفوق الشباب التونسي الحرالأبي وتواجه بألف صفة وصفة مما لم نحتسب بعد ومما لا يحتسب أنصار الشريعة وعقولهم الموغلة في قمامات التاريخ…

علي الشتوي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.