تونس: خبراء ومختصون يطالبون بضرورة مراجعة التمويل العمومي للانتخابات القادمة والتوقي من المال السياسي الفاسد

طالب عدد من الخبراء في القانون بضرورة مراجعة منظومة التمويل العمومي للحملة الانتخابية و بإقرار نظام لاسترجاع المصاريف و ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تقرير دائرة المحاسبات حول مسألة التمويل موضّحين أنّ هذا الأخير عادة ما يكون متأخرا وهو ما جعل بعض الأحزاب تلجأ إلى الخروقات و المغالطات مشيرين إ…



طالب عدد من الخبراء في القانون بضرورة مراجعة منظومة التمويل العمومي للحملة
الانتخابية و بإقرار نظام لاسترجاع المصاريف و ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تقرير
دائرة المحاسبات حول مسألة التمويل موضّحين أنّ هذا الأخير عادة ما يكون متأخرا وهو
ما جعل بعض الأحزاب تلجأ إلى الخروقات و المغالطات مشيرين إلى أن بعض الأحزاب
الموجودة حاليا في المجلس الوطني التأسيسي لم تقدّم إلى حدّ الآن حساباتها بخصوص
الحملة الانتخابية الماضية إلى دائرة المحاسبات.

ودعوا موخرا خلال ندوة نظمها مركز الإسلام والديمقراطية حول تمويل الانتخابات
القادمة إلى ضرورة إعادة النظر في تحديد سقف المصاريف الانتخابية و مراجعة
آليات التمويل العيني و مسألة القوائم المزيفة إضافة إلى العقوبات الجزائية
المتعلقّة بمخالفات التمويل و ذلك لإنجاح الحملات المقبلة و الاستفادة من أخطاء
حملة 23 أكتوبر 2011

وبحثت الندوة وفق تقرير لها تحصل المصدر على نسخة منه مسألة تمويل الأحزاب
السياسية والحملات الانتخابية وتناولت عدّة نقاط ذات الصلة أهمها: تحديد سقف
المصروفات الانتخابية ونسب التمويل العمومي، التمويل العمومي للانتخابات :
إشكاله وآلياته وسقفه، شفافية التمويل الانتخابي ومصاريفه ودور منظمات المجتمع
المدني، دور دائرة المحاسبات في الرّقابة على تمويل الحملات الانتخابي.

و قال عضو مرصد شاهد نبيل اللباسي إنّ الندوة التي عقدها مركز دراسة الإسلام و
الديمقراطية تأتي في إطار الإعداد للقانون الانتخابي الذي سيتضمّن طرق تمويل
الحملة الانتخابية موضّحا أنّ ما يدعو إلى ضرورة وضع الضوابط لتمويل الحملات
الانتخابية هو أنّ المال السياسي الانتخابي في تونس مرتبط في الأذهان بالفساد و
شراء الذمم و أنّ العمليّة الانتخابية مرتبطة بالبرامج دون النظر إلى قيادات
الأحزاب و قدرتهم على الإقناع مؤكدا أنّ المرشح الناجح في أمريكا هو من يستطيع
جمع أكبر عدد ممكن من الممولين و لا بدّ من اخذ ذلك بعين الاعتبار.


 السقوط في خروقات وإخلالات

وتطرقت حسناء بن سليمان مندوب دولة وقاضية بالمحكمة الإدارية من جهتها إلى
أشكال التمويل العمومي و آلياته و سقفه موضّحة انّه لظروف تاريخية و مجتمعية تمّ
اللجوء في تونس إلى خيار التمويل العمومي للحملة الانتخابية و ذلك لدعم
استقلالية السياسيين و شفافية التمويل و لتكافؤ الفرص و ضمان المنافسة
الانتخابية العادلة إضافة إلى استقرار العمل السياسي و نظام الطابع المؤسساتي
للأحزاب.

ولفتت الانتباه إلى أنّه من الممكن السقوط في الخروقات كالمساهمة المحدودة في
مجمل النفقات و عدم الوصول إلى الهدف أو دخول المتطفلين إلى معترك الحياة
السياسية بعد هيمنة الأحزاب الحاكمة لأنها تتحكم عبر القوانين في التمويل أو
فشل المنافسة الحقيقية و ركود نظام الأحزاب لأنه قائم على دفع الضرائب.

كم أكدت على أن نجاح الحملة الانتخابية مرتبط أساسا بالتمويل المباشر أو غير
المباشر والذي لا بدّ له من أن يكون محدّد بآليات مضبوطة و مسبقة كي لا يتمّ
السقوط في أخطاء الانتخابات الماضية. و أشارت بن سليمان إلى أنّ نظام التمويل
العمومي ليس مسألة مبتورة عن باقي الخيارات المتعلقة بالعملية الانتخابية بل
مرتبط بنظام الاقتراع و بفتح الترشح للمستقلين من عدمه و بتمويل الأحزاب فترة
الحملة إضافة إلى الوسائل المعتمدة للدعاية و قواعده.


 منح دائرة المحاسبات صلاحيات واسعة

من جانب آخر تحدّث السّيد رشدي بوعزيز خبير انتخابات و عضو مؤسس بجمعية
الشفافية أوّلا\' عن شفافية التمويل الانتخابي ومصاريفها ودور منظمات المجتمع
المدني وقدّم جملة من توصيات المجتمع المدني في هذا الصّدد أهمها : منح دائرة
المحاسبات صلاحيّات واسعة ودقيقة في مجال مراقبة تمويل الحملات الانتخابية.
هاته المراقبة لا ينبغي أن تقتصر على حسابات الحملة فقط كما كان الحال في
الانتخابات السابقة، ولكن لا بد أن تشمل جميع الامتيازات العينيّة التي يمكن أن
يتمتع بها المترشحون, إرساء قاعدة عدم اعتراض السرّ البنكي (l\'inopposabilité
du secret bancaire).

و بخصوص حسابات الأحزاب السياسية والحملة الانتخابية يتعين, الحفاظ على
الاختصاص المسند للإدارة الانتخابية بخصوص إلغاء نتائج القائمات المترشّحة من
أجل ارتكاب مخالفة مالية شريطة فتح باب الطعن أمام المحكمة الإدارية التي يجب
أن تبتّ على ضوء تحريّات تقوم بها دائرة المحاسبات, و التنصيص على إمكانية
الإلغاء اللاّحق لنتائج انتخابات مترشّح أو مترشّحة إذا كان للمخالفات التي سجّلتها
دائرة المحاسبات تأثير حاسم على نتائج الاقتراع.


 المال السياسي الفاسد يؤثر على نزاهة الانتخابات

امّا السيدة فضيلة الڨرڨوري "قاضية ورئيسة قسم الدراسات بدائرة المحاسبات" فقد
عرّفت من جهتها "المال السياسي الفاسد" بكونه "المال غير المشروع والذي يتم
استعماله بطريقة غير شرعية وهذا من شأنه أن يؤثر في العملية الانتخابية بتغيير
قناعة الناخبين وبالتالي توجيه الانتخابات ".

واعتبرت أن القانون الانتخابي الجديد يجب أن يأخذ بعين الاعتبار العديد من
التوصيات التي تم استخلاصها من تجربة انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23
أكتوبر 2011 من ذلك الحرص على إعداد القانون الانتخابي ونشره في آجال تسمح
للمترشحين بحسن تطبيقه.

وشددت على ضرورة توحيد النصوص القانونية المنظمة لمختلف جوانب العملية
الانتخابية وتجميعها لتفادي التشتت علاوة على تحديد معايير إسناد التمويل
العمومي للأحزاب إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى نظام استرجاع المصاريف بدل من
نظام التسبقة في باب التمويل العمومي.

و في ما يخص باب العقوبات أوصت القاضية بوجوب مراجعة النصوص القانونية لإقرار
عقوبات أكثر ردعا كأن يتم التنصيص على إرجاع كل المبالغ المتحصل عليها بعنوان
المساعدة العمومية أو تعليق عضوية المترشح الفائز إلى حين تقديم حساباته
والمصادقة عليها أو حرمانه من حق الترشح إلى الانتخابات الموالية.

رياض بودربالة

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.