تونس: بعد جبال الشعانبي الإرهاب يستقر في ضواحي العاصمة وأسئلة حارقة عن تنقل السلاح

شكَلت الأحداث الإرهابية ليلة أمس الاثنين لمدينة رواد الهادئة المعروفة بكونها وجهة للسياحة الداخلية بفضل شاطئها الممتد وغابتها، منعرجا خطيرا في خارطة الإرهاب في تونس وأعطت هذه الأحداث مؤشرا جد خطير على مدى تغلغل المجموعات الإرهابية في البلاد وتموقعها في المدن بعد استقرارها لعدة أشهر في المرتفعات الجبلية للبلاد وخاصة في جبال الشعانبي وولايات الشمال الغربي المعروفة بكثافة المرتفعات والجبال والتضاريس الصعبة…



شكَلت الأحداث الإرهابية ليلة أمس الاثنين لمدينة رواد الهادئة المعروفة بكونها
وجهة للسياحة الداخلية بفضل شاطئها الممتد وغابتها، منعرجا خطيرا في خارطة الإرهاب
في تونس وأعطت هذه الأحداث مؤشرا جد خطير على مدى تغلغل المجموعات الإرهابية في
البلاد وتموقعها في المدن بعد استقرارها لعدة أشهر في المرتفعات الجبلية للبلاد
وخاصة في جبال الشعانبي وولايات الشمال الغربي المعروفة بكثافة المرتفعات والجبال
والتضاريس الصعبة.

وترجمت المواجهات المسلحة بين القوات الخاصة للحرس الوطني وقوات الأمن الداخلي
والمجموعة الإرهابية المسلحة والمتحصنة داخل منزل في مدينة رواد التي انطلقت
عشية أمس لتتواصل إلى اليوم، أمرين اثنين على غاية من الأهمية بمكان ويتمثل
الأول في مدى قدرة هذه المجموعات الإرهابية على التنقل بسهولة وبسرعة في البلاد
وخاصة قدرتها على نقل الأسلحة والمتفجرات التي تستعملها.

ويتعلق الأمر الثاني بتوفق الجهاز الأمني التونسي وبخاصة الجهاز الاستخباراتي
في كشف هذه المجموعات المتحصنة والمختبئة وتعقبها إلى حين تطويقها والحرص على
القبض عليها والقضاء عليها إن لزم الأمر، بما يؤكد على حقيقة ثابتة مفادها أن
الأمن الداخلي التونسي بدأ يسترجع عافيته وصلابته والقدرة على التعامل مع
المستجدات الإرهابية رغم الخسائر البشرية التي يسجلها من حين لآخر عند قيامه
ببعض العمليات النوعية على غرار ما حصل أمس في المواجهات في مدينة رواد من خلال
استشهاد عون امن.

وتعقب أحداث مدينة رواد أحداث أخرى مشابهة شهدتها بعض المدن والأحياء في
العاصمة آخرها المداهمات التي حصلت في منتصف الأسبوع المنقضي في منطقة الجبل
الأحمر بملاحقة قوات الأمن الداخلي لمتشدد ديني محسوب على تنظيم أنصار الشريعة
المحظور إلى ذلك من بعض الأحداث الاخرى، غير أن المواجهات المسلحة في مدينة
رواد كانت أكثر خطورة وحساسية على العيد من المستويات والأصعدة.
ومن أبرزها قرب رواد الشاطئ مسرح العمليات الإرهابية من سلسلة من الوحدات
الفندقية والسياحية المنتصبة بجهة قمرت بما بمعنى أن هذه المجموعات على الأرجح
كانت تخطط للقيام بتفجيرات في المنطقة السياسية واستهداف السياح.

كما أن اختيار المجموعة الإرهابية التمركز في هذه المنطقة لم يكن اعتباطيا في
نظرنا من منطلق أن مدينة رواد تضم غابة متشعبة بما قد يخول لها التحصن بها
والاختباء علاوة على أن المدينة تعد شعبية نوعا ما وآهلة بعدد كبير من السكان
وهو عنصر قد يخدم هذه المجموعة الإرهابية على الاختفاء من دون جلب إليها
الاهتمام.

ومن جديد تطرح مسالة تسوغ بعض الأشخاص للشقق ومنازل يتضح في الأخير أنها متسوغة
من طرف مجموعات إرهابية خطيرة أكثر من تساؤل والحرص على اتخاذ الحكومة والجهات
الأمنية تدابير صارمة بموجب قانون مكافحة الإرهاب وحالة الطوارئ وقوة القانون
في اتجاه تنظيم عمليات كراء المنازل وإقرار إجراءات تنظيمية تخول معرفة المتسوغ
الحقيقي للمنزل ودرء كل خطر محدق لاحقا.

في الوقت الذي بدأت فيه تونس تستعيد نسبيا استقرارها السياسي وتحسن الأوضاع
الأمنية تزامنا مع الانتهاء من المصادقة على الدستور وتشكيل حكومة جديدة، اطل
الإرهاب من جديد برأسه في مطلع العام الجديد ليهدد مسار بأسره ويطرح أكثر من
تحد جديد على وزير الداخلي لطفي بن جدو الذي تم الإبقاء عليه في وزارة الداخلية
في الحكومة الجديد بسبب مساهمته في تحسن الأوضاع الأمنية في البلاد في الأشهر
الأخيرة.

إن مكافحة الإرهاب والقضاء عليه بقدر ما هو مسؤولية الحكومة والأجهزة الأمنية
فإنه أيضا مسؤولية كافة مكونات المجتمع التونسي المطالب بتوقي الحذر واليقظة
والإبلاغ عن كل التحركات المشبوهة وتواجد العناصر الغريبة في محيط منطقتها.

رياض بودربالة

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.